عندما ينتسب وزير الداخلية إلى «الفهود»!
حوار «حزب الله» ـ «المستقبل»: نتائج قبل 14 شباط؟
نجح وزير الداخلية نهاد المشنوق في استثمار اللحظة السياسية، لتحقيق انجازات أمنية لم تكن ممكنة في السابق.
وتحت سقف الحوار السياسي مع «حزب الله»، والحد الادنى من المناخات التوافقية الداخلية في مواجهة تحديات الارهاب، بدا ان المشنوق تحول الى أحد «فهود» قوى الامن الداخلي، موظفا الظروف الموضوعية المستجدة لنفض الغبار عن الخطط الامنية التي كانت تنتظر منذ سنوات.. ساعة الصفر.
وهكذا، تم اقتحام «إمارة الإسلاميين» في سجن رومية خلال ساعات، وجرى توقيف أحد القتلة الهاربين الى بريتال في ايام، ووُضعت خطة أمنية للبقاع الشمالي ستكون هذه المرة «مطابقة للمواصفات»، وفق تأكيد اوساط وزير الداخلية.
وإذا كان المشنوق قد بدا حازما في مواجهة المجموعات المتطرفة، سواء على مستوى أدبياته او على مستوى سلوكه، إلا انه أظهر في المقابل قدرا كبيرا من الواقعية السياسية في مقاربة خيار الحوار مع «حزب الله»، برغم اعتراضه الشديد على خيارات الحزب في الداخل وسوريا.
بذل المشنوق جهدا لتجاوز حساباته وحساسياته الشخصية والحزبية، محاولا في معرض التعامل مع تعقيدات المشهد الداخلي تغليب معيار «المهنية» وما يتطلبه من توازن على انحياز عواطفه، وهو الامر الذي جلب له بعض المتاعب في جانب من بيئته.
بهذا المعنى، كان المشنوق سباقا في كسر الحاجز النفسي مع الآخر، عندما دعا مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا الى المشاركة في اجتماع أمني في مقر وزارة الداخلية، وحين تفقد محيط المستشارية الثقافية الايرانية بعد الهجوم الذي تعرضت له برغم الاحتقان الحاد في تلك المرحلة، وعندما زار مكان الاعتداء الارهابي في قلب جبل محسن منهيا قطيعة «مستقبلية» مع هذه المنطقة دامت عقودا.
ربح المشنوق رهانه على إطلاق الحوار مع «حزب الله»، وهو الذي كان من المتحمسين له والمبشرين به في صفوف تيار «المستقبل»، «لانني كنت أعرف ماذا ينتظرنا»، في وقت كان البعض داخل التيار، ولا يزال، يعارض هذا الخيار.
بنى المشنوق موقفه هذا على قناعة لديه بضرورة لملمة الوضع الداخلي وإقفال ما أمكن من الفجوات التي تتسرب عبرها الرياح الساخنة، سعيا الى رفع منسوب الجهوزية والمناعة في المعركة المحتدمة مع التطرف والارهاب، وهي معركة تشكل واحدة من الأولويات المتقدمة في جدول أعمال وزير الداخلية.
يملك المشنوق، من موقعه في «الداخلية»، معطيات حساسة تتصل بالامن اللبناني والامن الإقليمي، هي حصيلة معلومات متوافرة لدى الاجهزة اللبــنانية، ويتقاطع بعضها مع ما تملكه أجهزة مخابرات عربية ودولــية في الاتجاه ذاته.
واستنادا الى ما في جعبته، توقع المشنوق قبل فترة أن تكون سنة 2015 صعبة، بالنسبة الى المحيط ولبنان. لم يكن وزير الداخلية حينها يقرأ في فنجان او كف، ولم يكن يقصد التهويل، كما يؤكد المقربون منه، بل أراد ان يضع الجميع امام مسؤولياتهم.
وعليه، ينظر المشنوق الى الحوار مع «حزب الله» من زاوية رؤية، تختلف عن تلك التي يطل منها الكثيرون على هذه التجربة. بالنسبة اليه، الحوار هو وسيلة من وسائل التصدي للارهاب وليس مجرد نزهة أسبوعية في عين التينة.
وهناك من يقول ان الحوار بين الحزب و «المستقبل» يجب ان يحقق ما أمكن من التقدم قبل 14 شباط، موعد إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، حتى يكون لدى الرئيس سعد الحريري ما يقوله لجمهوره في الخطاب الذي سيلقيه للمناسبة.
ويُنقل عن المشنوق قوله: نحن محكومون بالتفاهم.. ستحصل طلعات ونزلات في الحوار، لكن في النهاية لا بد من ان نخرج باتفاق ما، بات يشكل ضــرورة وطنــية استراتيجية.
وعلى قاعدة معرفته العميقة بطبيعة المخاطر الداهمة، يشعر المشنوق بان العديد من الاطراف والشخصيات، في «8 و14 آذار»، تتصرف بشيء من «الفانتازيا» او «الترف السياسي»، متجاهلة دقة المرحلة التي تتطلب إعادة ترتيب للأولويات، بعدما دخلت تنظيمات متطرفة، مثل «داعش» و «النصرة»، الى المعادلة اللبنانية وأصبحت تهدد الجميع.
من هنا، يعتبر المشنوق ان الكل يجب ان يكون معنيا بتحسين شروط التماسك الداخلي والتخلص من الصغائر في السياسة والسلطة، وبالتالي فهو يعتقد ان على كل طرف ان يذهب الى المواجهة ضد الارهاب، انطلاقا من موقعه وتبعا لطريقته، بعدما أصبح خط النار يمتد من «الشانزليزيه» في باريس الى جبل محسن في طرابلس.