يشكّل الحوار المستمر بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» أكثر من دليل وتصميم لدى الأفرقاء المتحاورين بأنهم يسعون للوصول إلى نتائج إيجابية، خلافاً لما توقّعه البعض في الطرفين أن هذا الحوار لن يصل إلى أي نتيجة حسّية، من شأنها أن تفتح الباب واسعاً أمام الخروج من الأزمة الكبرى التي تعيشها البلاد منذ نحو ثمانية أشهر، والمتمثّلة في أزمة انتخاب رئيس الجمهورية العتيد.
وفي هذا السياق، يعتبر مصدر نيابي في تيار المستقبل، أنه على رغم التحدّيات والصعوبات التي تواكب جدول الأعمال المطروح على طاولة الحوار، على خلفية حجم التراكمات في الملفات الخلافية الأساسية، والتي لا بد وأن تكون بحاجة إلى المزيد من الوقت لحلحلتها، فإن مجرّد الجلوس على طاولة الحوار هذه سيؤدي إلى تنفيس الإحتقان المذهبي في الشارع، وتخفيف أجواء التوتّر السياسي، لا سيما بعد وقف الحملات الاعلامية المتبادلة. ويضيف المصدر، أن اللبنانيين ينتظرون أكثر من تنفيس الاحتقان جراء عودة التواصل بين هذين الفريقين الأساسيين على الساحة السياسية، لا سيما في ظل الصراع المذهبي السنّي ـ الشيعي الدائر في المنطقة، خاصة وأن الصراعات التي دارت بين هذين الفريقين ساهمت بشكل كبير في إيصال البلاد إلى ما وصلت إليه من صراعات وانقسامات. لافتاً إلى أن أول ما يراهن عليه اللبنانيون هو الوصول إلى توافق واضح وحاسم في معالجة الملف الأمني بكل تشعّباته، انطلاقاً من إعادة تفعيل الخطط الأمنية التي كانت أقرّتها الحكومة السلامية، وصولاً إلى الحدّ من انتشار فوضى السلاح لا سيما في المناطق ذات الأكثرية السنّية، وذلك تحت ما يسمى بـ«سرايا المقاومة».
وعلى هذه الخلفية، أضاف المصدر النيابي، وضع اللقاء الحواري الثاني اليد على الملف الذي يشغل بال المواطنين والمتمثّل بالإحتقان المذهبي وجرى الاتفاق على سحب فتيله من الشارع، وذلك من خلال التوافق على تبريد الأجواء السياسية والإبتعاد عن الشحن المذهبي التحريضي، والعودة إلى لغة العقل واعتماد سياسة التهدئة. أما بالنسبة للخطر الأمني فقد تمكّن المتحاورون، وبحسب المصدر ذاته، خلال الجلسة الثانية من الإتفاق على معالجته من خلال تعميم الخطة الأمنية لتشمل منطقة البقاع التي تكثر فيها حوادث الخطف والخطف المضاد، والتي أدّت إلى وجود ما يشبه الجزر الأمنية الخارجة عن سيطرة السلطة الشرعية. وذكّر المصدر كيف أن الخطط الأمنية المتعلّقة بمدينة طرابلس ومناطق شمالية أخرى، قد تمّ تنفيذها بالقوة في بعض الأحيان، وذلك بدعم من تيار «المستقبل» ورئيسه سعد الحريري الذي كان دائماً في طليعة الداعمين لعودة السلطة الشرعية وللجيش والقوى الأمنية في مواجهة المسلحين في بعض أحياء طرابلس كما حصل في المعركة الأخيرة في طرابلس والتي كرّست عدم وجود بيئة حاضنة للسلاح وللارهاب في المدينة.
واعتبر المصدر النيابي، أن الإتفاق بين «التيار الأزرق» و«حزب الله» على تعميم الخطة الأمنية لا بد وأن يؤدي إلى كبح جماح أي تدهور ممكن على مستوى العلاقات السنّية ـ الشيعية من جهة، ويسمح للدولة اللبنانية بأن تأخذ المبادرة من جديد لاستلام زمام الأمور والإمساك بالوضع الأمني بشكل عام من جهة أخرى. مشيراً إلى أن ذلك قد ينسحب على بقية القضايا الخلافية ويسهّل الطريق أمام انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بما يسرّع في إعادة انتظام المؤسّسات من حكومة ومجلس نيابي. إضافة إلى أن أي تقدّم يحصل على خط الحوار السنّي ـ الشيعي قد يشجّع الفريق المسيحي على تثمير الحوار القائم بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ».