إن اليوم الجميع على قناعة بأهمية الحوار وما أدى اليه من تخفيف الاحتقان المذهبي، فحزب الله وتيار المستقبل أقدما على خطوة جبارة عندما جلسا على طاولة الحوار، عززها موقف الرئيس سعد الحريري وموقف أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله اللذين أسسا لبيئة حاضنة لمبدأ الحوار والتلاقي بين اللبنانيين في اطار ديموقراطي فتح المجال لمناقشة الخلافات ومحاولة حصرها بالحد الأدنى.
القوات والتيار
كما يمكن القول أيضاً ان القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر أسسا في الجانب الآخر لبيئة حاضنة للحوار والتلاقي بين الاحزاب المسيحية.
لكن وعلى رغم أهمية ما حصل، يبقى المطلوب أكثر من ذلك بكثير، على ضوء انعكاسات أحداث المنطقة على لبنان. بمعنى ان يتوسع الحوار ليشمل مثلاً حزب الله وحركة أمل مع الكتائب والقوات اللبنانية.
الكتائب والحوار
من الواضح ان رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل لا يعاني من مشكلة في الحوار مع حزب الله خاصة اذا أخذنا بعين الاعتبار الانفتاح الذي أبداه نجله النائب سامي الجميل وتأكيده في كل مناسبة على ان عناصر الحزب هم لبنانيون ويجب التعامل معهم على هذا الاساس، كما أعطى الرئيس الجميل اشارة هامة في زيارته الجنوب والاستقبال الذي أعده له كل من حزب الله وحركة أمل.
صحيح ان وزراء الكتائب يجلسون في حكومة الرئيس تمام سلام مع بعضهم البعض. لكن الحوار كحوار لم يبدأ بعد بشكل مباشر.
القوات والحوار
أما بالنسبة الى القوات اللبنانية فهي تتخذ موقفاً من الحوار مع حزب الله الذي يتبنى بدوره موقفاً سلبياً من الحوار مع القوات.
فالقوات لا ترى فائدة من هذا الحوار على ضوء التجارب السابقة ان لم تنفذ كل قراراته.
حزب الله
مقابل هذا الموقف، لا يرى الحزب فائدة من الحوار مع القوات او بالأحرى فهو ينتظر نتائج لقاء رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع.
يضاف الى ذلك ان تياراً داخل حزب الله يرفض الجلوس مع جعجع وهذا الموقف متشدد جداً.
جنبلاط وجعجع
يقول رئيس جبهة النضال وليد جنبلاط في اطار حديثه عن جعجع، ان الأخير تغيّر جذرياً، فهو لم يعد رئيساً لميليشيا حاولت في فترة من تاريخ لبنان انشاء كانتون مسيحي، فقد أقدم بشجاعة على الاعتذار من كل اللبنانيين على كل ما ارتكبته القوات اللبنانية، فيها لم يجرؤ أحد من كل زعماء الميليشيات على مواجهة اللبنانيين والاعتذار عن التاريخ الاسود للجميع.
الحريري وعون
اليوم، جعجع مرشح لرئاسة الجمهورية قد تكون معه او ضده، والعماد عون مرشح أيضاً للرئاسة والفارق ان 14 آذار فتحت الباب الحوار مع الجنرال حتى ان الرئيس سعد الحريري أقام له عشاء تكريمياً. ولم يكن هذا اللقاء هو الاول من نوعه… ولم يهاجم أحد من 14 آذار على عون بالطريقة التي هاجمت فيها قوى 8 آذار جعجع سواء أكان في الاعلام أم في المناسبات السياسية.
ولم يقدم أحد من 8 آذار على دعوة جعجع للحوار، ولا يبدو ان طرفاً منها يريد الحوار.
ليس مطلوباً اجبار أحد على انتخاب جعجع رئيساً للجمهورية، بقدر التجاوب مع مصلحة البلد وتوسيع مبدأ الحوار وتأسيس قاعدة له، فكما ان جعجع يحاذر عون، و14 آذار تحاور الأخير بكل انفتاح، فلماذا لا يبدأ حوار 8 آذار وتحديداً حزب الله مع القوات اللبنانية ورئيسها؟