اذا كان المكتوب يقرأ من عنوانه، فان العنوان الاساسي في ردود الفعل المسيحية الاولية على ما طرحه رئىس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون، هو الرفض المبدئي لأي تعديل دستوري في الوقت الراهن، مع القبول الحذر بكل ما من شأنه ان يسهل انتخاب رئىس للجمهورية وذلك فقط من قبل بكركي بالدرجة الاولى كما من باقي الاحزاب المسيحية التي اطلعت على البنود الاساسية في هذه الطروحات.
في موازاة ذلك فان الردود «الاسلامية« لن تتأخر في الظهور وان كانت شبه معروفة من قبل تيار «المستقبل»، والتي يبقى ان حلفاء العماد عون في فريق 8 آذار والذين لم يعلقوا بشكل رسمي على الطروحات «العونية»، يرحبون بها بقوة ويدعمونها كما كشفت اوساط نيابية بارزة في هذا الفريق، اذ قرأت فيها مقدمة عملانية للخروج من ازمة التعطيل والشغور الرئاسي وبالتالي تسوية الوضع السياسي الذي يكاد يقترب من الشلل الكامل. وقالت الاوساط ان قوى 8 آذار تقف الى جانب العماد عون في مطالبه وهي تدرس جدياً احتمالات دعمها بشكل فعلي عندما يحين الاوان، خاصة وان مرحلة التسويات الكبرى في المنطقة قد اقتربت ومن الضروري تحضير التسوية في لبنان والتي ستكون سلة واحدة ولا تقتصر فقط على الملف الرئاسي.
وفي هذا الاطار، لفتت الاوساط النيابية الى ان طروحات العماد عون الاخيرة، قد بحثت من حيث العناوين الاساسية خلال اللقاء الاخير الذي جمع عون بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وان كان النقاش لم يحسم اتجاهات الملف الرئاسي بحيث بقيت المعطيات السابقة فيه على حالها لجهة كون العماد عون المرشح الوحيد لدى الحزب. واضافت ان العنوان الابرز في طروحات عون وخصوصاً ملف التعيينات الامنية في المراكز القيادية، يحظى بتأييد واضح من قبل «حزب الله» علماً ان السيد نصرالله اصرّ على الاشارة الى «مبادرة عون» من دون ان يعلن موقفاً نهائياً منها يوم السبت الماضي. لكن الاوساط نفسها كشفت في هذا الاطار، ان الحزب لم يمانع الذهاب الى التعيين بل التمديد للقيادات الامنية وذلك خلافاً لكل الاجواء التي يجري الحديث عنها عن تمايزه مع حليفه في مسألة تعيين قائد جديد للجيش اللبناني. واضافت ان اكثر من خيار مطروح اليوم على طاولة فريق 8 آذار فيما لو قررت غالبية الوزراء في الحكومة «السلامية» السير في التمديد للقادة الامنيين، لافتة الى انه في حال اتخاذ العماد عون قراراً بالاعتكاف عن المشاركة في جلسات الحكومة رداً على التمديد، فان الحزب سيدعمه ولن يتركه بمفرده لمواجهة فريق 14 آذار المؤيد للتمديد. واستدركت موضحة ان قرار الاعتكاف سيقتصر على الجلسات الوزارية، لكن الوزراء العونيين سيبقون يداومون في وزاراتهم ولن يذهبوا الى مرحلة الاستقالة من مهامهم.
ومن هنا فان الجدل الذي دخلت فيه الاطراف السياسية حول طروحات العماد عون منذ اعلانها يوم الجمعة الماضي، قد فرز المواقف في مرحلة اولى ولكن الاوساط النيابية في 8 آذار، اكدت انها قابلة للنقاش برأي «حزب الله» او برأي حركة «امل»، كون الافق السياسي المسدود سيبقى على حاله من المراوحة والتعطيل والشلل اذا لم يبادر اي فريق داخلي الى عرض المخرج المناسب لكل الازمات وليس فقط للازمة الرئاسية، مع العلم ان الطروحات العونية لا تخرج عن الاصول السياسية كما انها لا تتعارض مع التوجهات الاساسية لدى «حزب الله» للحفاظ على الاستقرار والامن في البلاد.