IMLebanon

حزب الله لا يُريد جرّ البلاد الى حرب ثالثة مع إسرائيل وإلاّ لأطلق الصواريخ على المستوطنات

منذ أن نفّذت إسرائيل عملية القنيطرة ضدّ عناصر «حزب الله»، وهي تعلم أنّ الحزب لن يسكت على اعتداء قامت به ذهب ضحيته ستة شهداء أبرزهم القائد محمد أحمد عيسى وعماد جهاد مغنية. وبالطبع لقد درست إسرائيل كلّ احتمالات الردّ ومكانه وتوقيته قبل تنفيذها الغارة الجوية، وقامت بها من دون أي تردّد.

وما يُخفف من وطأة عملية مزارع شبعا التي قامت بها مجموعة شهداء القنيطرة في الحزب أمس الأربعاء، أي بعد عشرة أيام على عملية القنيطرة وتبنّاها الحزب واستهدف فيها عدداً من الآليات العسكرية في موكب إسرائيلي، وأدّت الى مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين، بحسب مصدر ديبلوماسي، هو أنّ العملية مشروعة وقد حصلت على الأراضي اللبنانية، أي ضمن مهام المقاومة بتحرير الأرض من الإحتلال الإسرائيلي.

والمعلوم أنّ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لا تزال محتلّة من قبل الإسرائيليين رغم أنّ القرار 1701 الذي أوقف حرب تموز 2006، نصّ على «ضرورة ترسيم الحدود الدولية للبنان، لا سيما في مناطق الحدود المتنازع عليها أو غير المؤكّدة بما فيها معالجة مسألة منطقة مزارع شبعا وعرض المقترحات (بشأن الإنسحاب الإسرائيلي منها) في غضون ثلاثين يوماً (من تاريخ وضع نصّ القرار في 12 آب 2006). واللافت أنّه حتى تاريخه لم يتمّ بحث أي مقترح يتعلّق بهذه المزارع، علماً أنّ قرارات عدّة سابقة ذات الصلّة، مثل القرار 1559 وسواه، نصّت على ضرورة الإنسحاب الإسرائيلي من كامل الأراضي العربية المحتلّة ومن ضمنها مزارع شبعا.

ويقول المصدر بأنّه كون الردّ على عملية القنيطرة جاء بعد أقلّ من أسبوعين عليها، وحتى قبل خطاب الأمين العام السيّد حسن نصرالله المنتظر غداً الجمعة في الإحتفال التكريمي لشهداء القنيطرة، فهذا الأمر أكّد للإسرائيليين على جهوزية المقاومة، وعلى قيامها بردّ مباغت، لم يكن أي أحد يتوقّع حصوله في المزارع التي هي أراضٍ لبنانية محتلّة. فإسرائيل والولايات المتحدة والدول الحليفة لها التي تعترض على تدخّل «حزب الله» في المعارك الدائرة على الأرض السورية، وتطالب بأن ينسحب منها، نجدها تتدخّل في هذه المعارك، ولا سيما إسرائيل التي تقوم بالغارات الجويّة على مواقع لجيش البلاد هناك متى تشاء، أو حماية للجماعات المتطرّفة. الأمر الذي أظهر أنّ الحزب وإسرائيل نقلا المعركة بينهما الى خارج الحدود، في حين أعاد الحزب من خلال العملية الأخيرة تصويب مسار المعركة وحصرها ورفضه احتلاله للأراضي اللبنانية، في الوقت الذي كانت تعتقد فيه إسرائيل أنّ «حزب الله» سينقلها الى الدول الأجنبية ليطال بعض الإسرائيليين هناك، أو الى عقر دارها في تلّ أبيب أو سواها.

ورغم تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالردّ بقوة على عملية مزارع شبعا، وتذكيره بما حدث في قطاع غزّة، كما في حرب تموز 2006، سارعت الولايات المتحدة الى لملمة الأمر بإعلانها أنّ «هجوم «حزب الله» خطير لكنه لا يستدعي حرباً»، ما طمأن بال الكثيرين خصوصاً وأنّهم سارعوا الى التنبؤ بأنّ الحزب جرّ لبنان الى «حرب ثالثة» مع إسرائيل. كما وأنّ تدخّل واشنطن، بحسب المصدر، يُعبّر عن موقف الجانب الإسرائيلي الذي لم يجرِ إعلانه، خصوصاً وأنّه لا يريد اليوم بدء الحرب مجدّداً مع «حزب الله» لا سيما في المرحلة الراهنة، التي تشهد فيها دول المنطقة معارك ساخنة مع الجماعات التكفيرية.

وبالطبع، يُعقّب المصدر أنّ إسرائيل ستردّ على عملية «مزارع شبعا»، وسيكون ردّها قوياً مدروساً أيضاً، ومحصوراً في جنوب لبنان، ما يدلّ على أنّ «حرب الردّ على الردّ»، لن تتخطّى الدائرة السابقة للاشتباكات بين الجانبين، وإن تخطّت في بعض الأحيان الخط الأزرق، وخرقت القرار 1701. ويجد بأنّ إسرائيل تنتظر تلقّي الدعم في أي ردّ ستقوم به في الأسابيع المقبلة، من بعض الدول الحليفة لها في العالم. وهذا الأمر لن يحدث حالياً، لأنّ أي دولة، حتى الولايات المتحدة نفسها، لن تُشجّعها على «حرب الردود» بينها وبين الجانب الإسرائيلي، لا سيما وأنّها دخلت مع إيران في اتفاق حول البرنامج النووي يصبح ساري المفعول في تموز المقبل، ولا تريد بالتالي ما يُعكر صفو العلاقات بين أميركا وإيران التي يؤمّنها الإتفاق الغربي- الإيراني.

في المقابل، تأخذ إسرائيل تهديدات السيّد نصرالله على محمل الجدّ، خصوصاً ما أعلنه في خطاباته الأخيرة عن القوة العسكرية التي بات يتمتّع بها الحزب منذ العام 2006 وحتى اليوم، وبأنّها تفوق كثيراً ما يُمكن لإسرائيل أن تتوقّعه. كما تخشى في الوقت نفسه، على ما يؤكّد المصدر من ردّة فعل إيران التي غالباً ما تُهدّد بأنّ تطال إسرائيل بصواريخها.

ويشدّد المصدر الديبلوماسي على أنّ «حزب الله» نفسه، من خلال الردّ على عملية القنيطرة في مزارع شبعا المحتلّة، أظهر أنّه يقوم فقط بعملية إنتقامية، وأنّه لا يريد فتح الحرب أو أن يجرّ لبنان الى حرب جديدة مع إسرائيل، وإلاّ لكان أطلق الصواريخ، مثلاً مباشرة على مستوطناتها الشمالية. غير أنّ إصداره البيان رقم واحد بعد تنفيذ العملية، أثار الشكوك لدى البعض، وحتى لدى الجانب الإسرائيلي، بأنّه سيكون هناك ما يتبع، أي بيان رقم 2 و3 إلخ.. ما استدعى التروّي والإنتظار من قبل الجانبين.

وبرأيه، أنّ عملية «مزارع شبعا»، توازي عملية القنيطرة، لا سيما وأنّ الجانبين خسر خلالهما عناصر عسكرية، ولهذا فعلى إسرائيل عدم استكمال الردود، أي عليها ألا تردّ، وإلاّ ستعرّض نفسها مجدّداً الى ردّ على الردّ من قبل الحزب. وهكذا فإنّ الأعمال العدائية بين الجانبين ستستمرّ، في حين أنّ القرار 1701 نصّ على وقف هذه الاعمال توصّلاً الى وقف شامل لإطلاق النار، كان يجب أن يبدأ البحث به جدّياً منذ سنوات. فإسرائيل هي التي بدأت بالإعتداء، ولو قام به «حزب الله» أولاً، لكانت استفادت من هذه الفرصة واتخذتها ذريعة لتشريع تنفيذ عدوان جديد على لبنان.

ويمكن القول بأنّ لا شيء محسوماً حتى الآن، يختم المصدر، وإن كانت الأجواء توحي الى أنّه ليس من «حرب ثالثة» قريبة بين «حزب الله» والجانب الإسرائيلي، فالأمور مفتوحة على احتمالات عدّة، لا سيما مع إسرائيل التي تضع السيناريو الذي يلائمها وتقوم على أساسه باعتداءاتها.