من ابرز اسباب الاخفاق الاسرائيلي باعتراف لجنة «فينوغراد عقب حرب تموز 2006 فشل اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية كما الدولية في اختراق البنية التنظيمية والقيادية لحزب الله، رغم بعض الخروق الموضوعية. امر عزز من حرب الاستخبارات بين حزب الله واسرائيل المتواصلة، والتي ستبقى كذلك بحكم الضرورة، لأن من ينتصر في المواجهة القادمة هو من لديه معلومات أكثر عن الطرف الآخر، حيث يقف وراء نجاح حزب الله في هذا المجال، سياسة الكتمان القوية التي التزمها، وصعوبة اختراقه والحصول على المعلومات عنه نتيجة عمل جهازه الأمني والوقائي القادر على كشف الاختراقات في جسم الحزب مسددا الضربات للموساد الاسرائيلي في حرب يحلو للكثيرين تسميتها «بحرب الادمغة»، وتحت هذا العنوان يندرج انجاز الحزب الاخير في حرب يوم لك فيها ويوم عليك.
ففي أخطر خرق أمني من الوجهة الاسرائيلية، يتعرّض له حزب الله، واكبر صفعة يوجهها الحزب للموساد، اعلن عن نجاح حزب الله في كشف تجنيد تل ابيب للقيادي الأمني «م.ش»، واعتقاله الشهر الماضي، الذي يشغل منصب «في العمليات الخارجية» المعروفة بـ «الجهاز 910 » مع أربعة عناصر يعملون تحت إمرته. وبحسب المعلومات المسربة ينتمي العميل الى قرية جنوبية في قضاء النبطية، وهو من عائلة معروفة بتدينها وتأييدها لنهج المقاومة الاسلامية، كما ان سيرته الجهادية تشير الى تدرجه في المسؤولية الحزبية وصولا الى المركز الذي شغله في الجهاز منذ عام 2008 بعيد اغتيال مغنية.
المعلومات المسربة عن التحقيقات، التي تركز على معرفة مدى علاقة الشبكة بعمليتي اغتيال عماد مغنية وحسان اللقيس، تحدثت عن ان الدافع وراء تعامل الشبكة كان لاسباب مالية، اذ تبين ان مجموع ما تلقاه م.ش من مبالغ مالية وصل الى حدود المليون دولار مقابل المعلومات التي قدمها، حيث اقدم المعني على الاتصال بالوساد عارضا التعاون معهم. دافع لا يأخذ به الكثيرون.
وفي التفاصيل المسربة ان م.ش اتخذ كستار له صفة رجل اعمال، لابعاد الشبهات عنه لكثرة سفره الى الخارج، حيث تمكن الموساد الاسرائيلي بعد متابعة كبيرة ومجهود مضن من تجنيده في سنغافورة ، حيث شكل صيداً ثمينا للجهاز الاسرائيلي، مكنه من كشف العديد من الخلايا والافراد المكلفين بتنفيذ عمليات ضد مصالح اسرائيلية في الخارج لصالح حزب الله، من بينهم، م.ه عام 2014 ، ح.ع عام 2012، وح.ي، تم احباطها بالتعاون بين المخابرات الاسرائيلية والشرطة المحلية لتلك البلدان، وفقا للتالي:
– عام 2008: اعلان السلطات الأذربيجانية عن اعتقال العنصرين في حزب الله اللبنانيين علي كركي وعلي نجم الدين في العاصمة باكو اثناء تحضيرهما «للاعتداء على السفارة الاسرائيلية».
– عام 2010: استهداف حافلة إسرائيلية في بلغاريا اوقع قتلى وجرحى، تبين بحسب ما أعلنت بلغاريا وفرنسا، ان واضع هذه المتفجرة هو محمد حسن الحسيني يحمل الجنسية الفرنسية وينتمي لحزب الله.
– عام 2013: عثور المخابرات النيجيرية على أسلحة لحزب الله شمالي البلاد للاستخدام ضد مصالح اسرائيلية وغربية ، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش يومها اعتقال ثلاثة مواطنين لبنانيين هم عبدالله طحيني ومصطفى فواز وطلال روضه.
كذلك اعلنت السلطات التايلاندية، بناء على معلومات اسرائيلية، في السنة ذاتها عن القبض على اثنين من أعضاء حزب الله، هما داود فرحات لبناني يحمل الجنسية الفرنسية، ويوسف عياد لبناني يحمل الجنسية الفيلبينية، اعترفا بأنهما كانا يخططان لشن هجوم ضد سياح إسرائيليين في بانكوك.
– عام 2014: أعلان جهاز مكافحة الإرهاب في البيرو عن توقيف محمد همدر من بلدة بشتليدا قضاء جبيل عمره 28 عاما، بعد العثور معه، بالتعاون مع الموساد على مكونات أولية لمواد خطرة تستخدم في صناعة المتفجرات.
وبحسب المصادر ذاتها ، فان قيادة الحزب اتخذت قرارا بحل الوحدة 910، والاستفادة من خبرة عناصرها عبر الحاقهم بوحدات تتولى مهمات علانية، بعد انكشاف الجهاز وعناصره وشبكاته للعدو، فيما عكف فريق متخصص على دراسة الاضرار التي نجمت عن اختراق الجهاز. علما ان الوحدة متهمة بالوقوف ايضا خلف تفجير سفارة اسرائيل في بوينس آيروس في 1992 ومبنى الطـوائف اليهودية في تلك المدينة في 1994.
من جهتها المصادر الاعلامية الاسرائيلية اعتبرت إن الأيام وحدها ستثبت إذا ما كان حزب الله اللبناني صادقا فيما نشره حول كشف عميل للموساد الإسرائيلي في صفوفه، حيث اشار اكثر من كاتب في الشؤون العسكرية الى أنه بعد الضربات الأخيرة من المخابرات الإسرائيلية، يرى حزب الله أنه نجح في كشف مصدر التسريب في صفوفه.
وحدها الايام، والكثير منها على ما يبدو، كفيلة بتبيان حقيقة ما جرى، كما درجت العادة. فمن مصلحة حزب الله في اطار الحرب النفسية التي يخوضها ضد اسرائيل كشف المستور.
انها فقط مرحلة اخرى في حرب الاستخبارات، العمليات والتصفيات بين اسرائيل وحزب الله. والتتمة تأتي.