Site icon IMLebanon

مسيَّرات الخراب.. لا تمنع المستقبل – 2 –

 

”اساس ميديا”

 

اختراع مزارع شبعا

 

بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، تنفيذاً لوعد انتخابي قطعه حينها المرشّح عن حزب العمل إيهود باراك، لا بسبب عمليّات حزب الله «الضروس»، اخترع حزب الله مزارع شبعا، عبر المدير العامّ للأمن العام يومئذٍ جميل السيّد الذي كان يتولّى رئاسة فريق التفاوض مع الموفد الدولي تيري رود لارسن في شأن انسحاب إسرائيل من تلك المنطقة عام 2000، بتكليف رسمي من الدولة اللبنانية ودعم فوق العادة من رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود.

 

وبحسب الوقائع التي رواها السيّد أكثر من مرّة، قال لارسن إنّ السوريين لن يوافقوا على تسليم المزارع إلى لبنان، في مقابل إصرار السيّد على أنّ لبنان سيتكفّل «ترتيب الأمر معهم ونيل موافقتهم، وبالتالي لن تكون هناك مشكلة بيننا وبينهم على هذا الصعيد». أصرّ لارسن على أنّ دمشق لن تتجاوب، وهذا هو الحاصل بعد نحو ربع قرن على «اكتشاف مزارع شبعا» التي كانت وظيفتها، كما وظيفة المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة الموسّعة جدّاً، إبقاء مبرّرات «موضوعيّة» لسلاح ميليشيا إيرانيّة تُقيم في لبنان.

 

من وجهة نظر حزب الله قد تكون المسيَّرات علامة من علامات السطوة والقوّة، لكنّها في الواقع علامة من علامات استماتة حزب الله لوقف حركة المستقبل. فمنذ الاتفاق الإبراهيميّ دخلت المنطقة العربية بقيادة شجاعة من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد، مرحلة جديدة بالكامل عبر اتفاقات مع إسرائيل شملت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. يضاف إلى ذلك ارتفاع جرعة العلنيّة في الحديث عن العلاقات السعودية الإسرائيلية، والتطوّر النوعيّ في موقف المملكة الذي عبّر عنه وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلّة «ذي آتلانتيك»، وفيه أنّ إسرائيل «حليف محتمَل».

 

ولبنان أيضاً جزء من منطقة تتغيّر على مستوى خطوط الطاقة، من خلال ولادة مجال تنسيق حيويّ هو «منتدى غاز شرق المتوسّط» الذي يضمّ للمفارقة فلسطين إلى كلٍّ من مصر والأردن وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا وفرنسا، وتشارك فيه الإمارات بصفة مراقب. معاندة حزب الله لِما يتغيّر في المنطقة والعالم هي الخيار الأرجح، وقدرته على مصادرة قرار اللبنانيين ومنع أيّ نقاش واقعي حول خياراتهم المستقبلية لا تحتاج إلى أدلّة. بيد أنّ كلّ هذا لا يعدو كونه تأجيلاً لمستقبل سيأتي، ولو بعد خراب عميم، يشهد لبنان مجرّد بداياته الكابوسيّة.