IMLebanon

حرب العواميد… سرّ نجاح مسيّرات حزب الله التجسسيّة والقتاليّة 

 

 

عندما يقوم حزب الله بشنّ هجوم جوي بسرب من المسيّرات ‏الانقضاضية على مقر قيادة الفرقة 91 المستحدَث في ثكنة “إيليت”، مستهدفاً أماكن تموضع ‏واستقرار ضباطها وجنودها، وهي التي تبعد حوالى 30 كيلومتراً عن الحدود، فهذا يعني أن شيئاً لن يتمكن من صدّ هجمات الحزب ومسيّراته، فما يعيشه شمال فلسطين المحتلة هذه الأيام لم يمرّ على “الاسرائيليين” منذ العام 1948، ورغم ذلك تمرّ المسيرات.

 

ضرب الحزب عصفورين بحجر واحد من خلال عملية ثكنة “إيليت”، تقول مصادر متابعة لمسار عمل المقاومة في الجنوب، مشيرة الى أن “الهدف الأول” كان الرد على اعتداءات العدو المتمادية على القرى الجنوبية وسقوط شهداء، أما الهدف الثاني فكان دراسة حالة الدفاعات الجوية “الاسرائيلية”، بعد الاستنفار الكامل والشامل الذي تلا العدوان على الضاحية الجنوبية.

 

وتؤكد المصادر أن وصول المسيرات الى أهدافها وفي نقاط بعيدة عن الحدود، ليس وليد صدفة ولا حظّ، بل هناك عمل دؤوب ومستمر منذ الأيام الأولى للحرب من أجل تنفيذ عمليات كهذه، فالمسألة تتعلق بالقدرة على التحايل على أنظمة الدفاع “الاسرائيلية”، وهذا يتطلب جهداً عسكرياً يسعى المحور ككل من أجل مضاعفته.

 

وتُشير المصادر الى أن كل مسيرة تدخل شمال فلسطين المحتلة تسعى لتحقيق هدفين: الهدف الأول ضرب النقطة التي يُراد ضربها واستهدافها، والهدف الثاني مدّ المقاومة بما تحتاج اليه من دروس وعبر ومعطيات تتعلق بآلية عمل المنظومات الدفاعية “الاسرائيلية”، كاشفة أن هذه الدراسات تُثمر من خلال تمكن المسيرات من الوصول الى أهدافها رغم الاستنفار “الاسرائيلي”، وأيضاً من خلال تمكن الهدهد من التصوير فوق أماكن حساسة جدا والعودة بسلام.

 

بالنسبة الى العملية الأخيرة، تكشف المصادر أن عملية إطلاق المسيرات هي عملية معقدة ترافقها تدابير عسكرية وامنية عديدة، سابقة للحظة الإطلاق ومرافقة لها، مشيرة الى أن وصول المسيرة الى عمق 30 كيلومتراً يعني أنها تمكنت من العبور بنجاح فوق قواعد عسكرية ومستعمرات مأهولة، وهذا وحده يجعل المحللين العسكريين في “اسرائيل” يشعرون بالقلق الكبير من سلاح المسيرات، رغم أن الجيش “الاسرائيلي” بحسب المصادر كان يتابع بدقة استعمال المسيرات في الحرب الروسية مع أوكرانيا، خاصة تلك المسيرات الإيرانية، من اجل دراستها.

 

وتعود المصادر بالذاكرة الى بداية الحرب، يوم كان حزب الله يستهدف عواميد الإرسال على الحدود وأجهزة التنصت والمراقبة والرادارات، والثكنات التجسسية مثل قاعدة “ميرون”، كاشفة أن أحد أهم أسباب وصول المسيرات الى أهدافها، هو ضرب وسائل التجسس هذه، لأن الجيش “الاسرائيلي” يعتمد على وسيلتين لمحاولة كشف المسيرات: وسيلة موجودة في قاعدة “ميرون” هي عبارة عن رادارات ضخمة، وأخرى منتشرة على طول الحدود اللبنانية مع شمال فلسطين المحتلة، هي عبارة عن أجهزة صغيرة مثبتة على العواميد، هذه عادة ما تكون مخصصة للمسيرات صغيرة الحجم، لذلك فإن “حرب العواميد” هي السبب الرئيسي والمباشر لفشل العدو في اعتراض المسيرات.