يتساءل المرء بعد الضجة الإعلامية «المفبركة» و»الممنهجة» التي افتعلها الحزب العظيم بعد إعلانه عن «مسيّرة حسان» التي اجتازت الحدود اللبنانية ودخلت أجواء فلسطين المحتلة ثم عادت سالمة غانمة، من دون أن تُصابَ بسوء… كيف لا… والله حاميها والحزب العظيم راعيها، وما النصر إلاّ من عند الله وحزبه العظيم.
التساؤل مشروع بكل المقاييس… فالحزب أرسى حسب تصريحاته موازنة رعب مع العدو، وصار يقف لهذا العدو بالمرصاد بحراً وبراً وجوّاً… وهنا أسأل: ما دام الأمر كذلك… فلماذا لا يعمد الحزب العظيم الى تحرير القدس وفلسطين المحتلة من براثن إسرائيل المعتدية والغادرة؟
ولماذا لا يُقْدِم الحزب العظيم ومن خلفه الجمهورية الاسلامية على إنقاذنا من هذا النفق المظلم..؟ ومحور الممانعة يقف قاب قوسين أو أدنى من تحرير فلسطين.
هذا الأمر ليس استنتاجاً. بل هو لسان حال قادة هذا المحور من طهران الى بغداد الى صنعاء الى دمشق وصولاً الى بيروت.
ونتساءل أيضاً: لماذا هذا التأخر في بدء المعركة، طالما ان الكيان الصهيوني هو أوهن من بيت العنكبوت؟
وأتساءل أيضاً وأيضاً… كيف يرضى قادة هذا المحور، وهم القادرون على تحرير فلسطين، أن يظلّ لاجئو الشتات في المخيمات؟ وكيف يرضى هؤلاء القادة أن يبقى الجولان محتلاً؟ وكيف يرضى القيّمون على هذا المحور بالصمت على الغارات الاسرائيلية على الأراضي السورية وقَصْفها مراكز حزب الله والقوات الايرانية؟
وأقف باستغراب أمام أمور عدّة أهمها:
أولاً: ما الغاية من إنشاء «فيلق القدس» بعد انتهاء الحرب العراقية – الايرانية وتحديداً عام 1991 (أي بعد ثلاث سنوات من انتهاء الحرب)؟
لقد حَظِيَ «فيلق القدس» باهتمام خاص من النظام الايراني. ففي 2 تموز عام 2017 قال رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الايراني علاء الدين بروجردي: «إنّ طهران خصّصت مبلغ ثلاثمائة مليون دولار للفيلق المكلف بإدارة العمليات الخارجية وصولاً الى تحرير القدس».
وأسأل من جديد… ما الذي حقّقه «فيلق القدس» من إنجازات لتحرير القدس الشريف أو أية حبّة تراب من فلسطين المحتلة، منذ تأسيسه وحتى اليوم؟
إنّ شيئاً واحداً لم يتحقق على يد «فيلق القدس»، سوى ان بصمات هذا الفيلق ظهرت في كلّ من لبنان واليمن والعراق إضافة الى سوريا.
ثانياً: كشف جنرال كبير في جيش العدو الاسرائيلي عن أنّ قوّاته تردّدت بادئ الأمر في قصف الحزب العظيم والحرس الثوري الإيراني في سوريا منذ العام 2013، وتحسّبت من ردة فعل تؤدي الى حرب مع الحزب اللبناني وغيره من الميليشيات الإيرانية..».
يتابع الجنرال في حديث له مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «لكنّ الاسرائيليين فوجئوا بردّ الفعل البارد من سوريا والحزب العظيم وإيران. فمع أنّ ثلاثتهم اتهموا إسرائيل بالعدوان، وهددوا بالضرب، لكنهم تصرّفوا بانضباط شديد… وهذا ما شجع إسرائيل على القيام بغارات عديدة ومتكرّرة».
ثالثاً: البرنامج النووي الايراني…
لقد بات واضحاً أنّ إسرائيل لن تقصف المفاعل النووي الايراني، لأنها غير مضطرة لذلك… فهي لا تمانع أصلاً في المحافظة عليه رغم توجيه تحذيرات قوية لإيران… وأسأل أيضاً وأيضاً: لماذا عمدت اسرائيل الى تدمير مفاعل أوزيراك العراقي في 7 حزيران عام 1981؟ ولماذا وقفت اسرائيل «عاجزة» عن ضرب أي مفاعل نووي إيراني؟
رابعاً: لقد أفاد مسؤولون اسرائيليون ان الجيش الاسرائيلي عطّل بشدّة الجهود العملانيّة واللوجستية لتنظيم الحزب العظيم، بمهاجمة عشرات المواقع التابعة له في سوريا على مدى السنوات الماضية، فيما لم يردّ الحزب على أي من تلك الهجمات… فهل سوريا… خارج امتدادات محور الممانعة؟ أم أنّ هناك أمراً آخر لا يزال مجهولاً؟
في العام 1948 حلّت النكبة بالفلسطينيين، لأنّ العرب تخاذلوا، وأشبعونا «بهورة» وكلاماً «فارغاً» ليس له في الواقع الحقيقي وجود.
وها نحن اليوم أمام قادة محور الممانعة ننتظر أن يحوّلوا النكبة الى نعمة… وبخاصة أنهم يدّعون أنهم باتوا قادرين على كبح جماح «إسرائيل»، والقضاء عليها بمسيّرة «حسان» أو ربما بصاروخ «عماد» الذي قد نشهد ولادته قريباً.