ما أوردته مجلة “الايكونوميست” البريطانية في عددها الجديد عن تورط “حزب الله” في الحرب السورية لا يفشي سرا بل يضيف شواهد. فقد نقلت المجلة عن مجنّد في قوات الحزب من الضاحية الجنوبية لبيروت أن عربات مكتظة بالمقاتلين الجدد تنطلق يوميا الى سوريا. وقال: “إن أعداد الجنود الجدد الذين ندرّبهم ونرسلهم الى سوريا غير مسبوقة”.
في البقاع، حيث جبهة الزبداني المشتعلة والمجاورة للبنان، تتعدد روايات مقاتلي الحزب الذين يعودون في إجازات قبل التحاقهم مجددا بهذه الجبهة. فأحد هؤلاء يقول لأقربائه انه خلال فترة الهدنة التي شهدتها معارك الزبداني في الآونة الاخيرة كان مقاتلو الحزب يتحدثون عن قرب مع مقاتلي المعارضة السورية. وأوضح أنه فوجئ أن “عدوه” الذي يتمترس قبالته رجل طاعن في السن والذي تكشف عن عمره لحيته البيضاء. ويخلص مقاتل الحزب الى القول: “إذا أردنا أن نسيّطر على الزبداني علينا أن نخوض القتال فيها من مبنى الى آخر”.
لم تطو بعد صفحة عدم زيارة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف لضريح القائد العسكري في “حزب الله” عماد مغنية خلال وجود الوزير ظريف أخيرا في لبنان. فهذه الواقعة لا تزال تتفاعل في أوساط الحزب لما تنطوي عليه من دلالات، ومنها أن إيران بقيادة الرئيس حسن روحاني تتحضّر بعد اجتياز مرحلة التصديق على الاتفاق النووي في واشنطن وطهران لترتيب شؤون البيت الايراني الداخلي على عكس ما يروّج له المحافظون من أن أولويات إيران ستبقى خارجية. وفي هذا السياق بدأت إدارة الرئيس روحاني تخطط لما ستفعله بمليارات الدولارات التي ستعود الى إيران بعد رفع العقوبات انطلاقا من أن هذه المبالغ لا تتجاوز ربع ما تحتاج اليه عملية الانقاذ الفورية للاقتصاد الايراني والتي تبلغ كلفتها بحسب خبراء في بيروت أكثر من 500 مليار دولار أميركي. في اختصار، ان ما كان يهمّ وزير خارجية إيران أن يبقى مسار الاتفاق النووي مفتوحا فلا يجري إغلاقه بذريعة أميركية تتهم إيران بأنها تحتضن الارهاب بالرغم من أن المتهم به (مغنية) صار في العالم الآخر.
لا زال كثيرون يتذكرون حقبة الرئيس الايراني الاسبق محمد خاتمي الذي سعى ولم ينجح لتليين علاقات بلاده مع الغرب بسبب صعود نجم التشدد في إيران والولايات المتحدة الاميركية على السواء. ومن إبداعاته الفكرية في ذلك الوقت “حوار الحضارات” بدلا من “صراع الحضارات” وهي المقولة الشهيرة للمفكر الاميركي صامويل هنتنغتون. واليوم ابتدع الرئيس الايراني روحاني عبارة “قمر إسلامي” لتحلّ مكان عبارة “الهلال الشيعي” التي استخدمها العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني عام 2004 ليشير الى منطقة النفوذ الايراني الممتدة بين بحر قزوين والبحر الابيض المتوسط. وبحسب صحيفة “الوفاق” الايرانية فإن أساس ما يدعو اليه روحاني هو “المنطق والحوار الذي تنبثق منه قوة إيران وليس النهج القائم على أساس قوة العضلات والسلاح…”.