يوم أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عزم بلاده على التدخل في الحرب في سوريا بشكل مباشر، إنفرجت أسارير النظامين السوري والإيراني ومعهما الشريك الميداني «حزب الله»، واستبشروا يومها «نصراً» قريباً من شأنه أن يضع حداً لمأساتهم اليومية بعدما تحوّل جنودهم وآلياتهم الى صيد سهل يسقط منهم العشرات مع كل إطلالة شمس، ولتنتقل بعدها عمليات «الصيد« هذه من ملاحقة الجنود إلى استهداف الضباط والقادة في صفوف «الممانعين»، فكان ان سقط لهم ما لا يقل عن ثلاثمائة قتيل أصغرهم رتبة يحمل صفة «قائد ميداني».
مع دخول روسيا كطرف رئيسي في الحرب السوريّة، تحوّلت المعارك من الأرض إلى حرب الطائرات يقودها الجيش الروسي ضد فصائل المعارضة السورية بأكملها، لكن تحت مُسمّى محاربة «الإرهاب»، علماً أن أولى غاراته الجوية كانت قد استهدفت مقرّاً تابعاً لـ»الجيش السوري الحر»، لكن في المقابل غابت هذه الطائرات عن سماء الحدود اللبنانية – السورية التي يسيطر «حزب الله» على أرضها ولترسم لنفسها خطاًّ جوياً يقتصر على أجواء اللاذقية وحلب وريف إدلب، وهو الأمر الذي جعل النظام يدّعي منذ يومين أنه حقّق «إنتصاراً« نوعياً بعد إستعادته إحدى التلال في ريف اللاذقية والتي كان قد خسرها مع مجموعة مناطق منذ ستة أشهر.
هذا في ما خص الأجواء السورية، أما ميدانياً فقد سقطت كل الخطط والفرضيات التي كان يتحدث عنها «حزب الله» منذ عامين ولغاية اليوم حول إقتراب موعد «النصر» والقضاء على المسلحين عند الحدود بالإضافة إلى طردهم من سوريا، مع العلم أن النسبة الأكبر من عناصر هذه الفصائل المسلحة، إن لم يكن جميعهم، هم من أبناء الشعب السوري، وهذا ما يؤكده سير المعارك التي يخوضها الحزب من دون جدوى في مواجهة أبناء قرى «القلمون» و»الزبداني» و»مضايا» وفي «الغوطتين» الشرقية والغربية، فيما الإنجاز الاخير الذي حقّقه ميدانيّاً، كان منذ عامين تقريباً في «القصير» التي احتلّها بعد أن دمرها على سكانها الأمر الذي لم يتمكن من تحقيقه في أكثر من مكان آخر حيث لا زالت هناك جيوب مُقاومة تعانده وترفض الخضوع والإذلال وتُنغّص عليه إدعاءاته بالنصر.
تعويل «حزب الله» على سلاح الجو الروسي إنخفضت مستوياته أمس بعد سقوط طائرتين حربيتين روسيتين في سوريا، وهو الذي كان ينتظر مرور إحداهما فوق سماء «القلمون» أو «الزبداني» علّه يستريح من عناء رحلات التنقل من جبهة إلى أخرى وسط خسائر مستمرة لاحقته بالأمس إلى خلف الكواليس وسط همس في أوساط جمهوره تحدث عن فرضية إنسحابه من العمق السوري باتجاه القرى الحدودية التي يُسيطر عليها بعدما أيقن عدم جدوى تدخله، وبعد مرور الفترة الزمنية التي كان وضعها للإنتهاء من «التكفيريين» عند الحدود. ومن ضمن الهمس الذي دار أن سبب وقوع التفجيرين الأخيرين في «برج البراجنة»، مرده سحب «حزب الله» معظم عناصره من محيط القرى الحدودية و»القلمون» باتجاه «الغوطتين» وريف «إدلب». وللتذكير أن السيد حسن نصرالله كان قد أكد يوم دخل حزبه خلسة في الحرب السورية، أن «نقل عناصر من الحزب باتجاه البقاع هو لحماية هذه الحدود فقط وأن ما يجري في سوريا هو شأن خاص وبأن بشار الأسد كفيل بالدفاع عن بلاده».
يزداد مأزق «حزب الله» في سوريا وتتوسع رقعته يوماً بعد يوم، والوعود «الصادقة» لم تجد طريقها الى التنفيذ بعد. «القلمون» لم تُحرّر و»الزبداني» ما زالت تُقاوم وصامدة، حتّى إنه سرت معلومات خلال اليومين المنصرمين تحدثت عن صفقة جديدة يسعى الحزب هذه المرّة إلى تفعيلها وصولاً إلى تحقيقها ترتكز على إنسحابه من «الزبداني» ومحيطها بشكل كامل والانكفاء الى القرى الحدودية اللبنانية على ان تتسلم الفرقة العاشرة بجيش النظام الأمن بالتعاون مع فصيل معارض يتم الاتفاق عليه لاحقاً بين قوى المعارضة السورية المسلحة، ومن المرجح ان يكون مُطعّماً من الفصائل كافة.
تزداد أزمات «حزب الله» في سوريا، فبالإضافة إلى خسائره الميدانية والبشرية المتلاحقة، تحدثت معلومات عن أسر ثلاثة عناصر الاسبوع الماضي بالإضافة إلى اعلان احدى الجهات المسلحة في سوريا عن أسر جثة الكادر مصطفى المُقدّم قاتل الطيّار سامر حنّا. وتزداد أزمات الحليف «الممانع» مع تسريب أخبار تشير إلى تعرّض قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الايراني» قاسم سليماني لإصابة بالغة خلال قيادته معارك في ريف ادلب، لكن من دون تأكيد من القيادة الإيرانية وحلفائها.. ولا حتى نفي لها.