Site icon IMLebanon

«حزب الله» يُربّي.. أجيال الموت

يُشيع «حزب الله» على الدوام داخل بيئته، بأنه قد وصل اليوم إلى مرحلة «الاكتفاء» المعطوف على طبيعة عمله العسكري واللوجستي، خصوصاً في ما يتعلّق بصراعه مع إسرائيل و»جهوزيته» التي يتغنّى بها السيد حسن نصرالله مثلما توجه إلى قادة إسرائيل ذات يوم بالقول «نعم ثمانين الف صاروخ، وعليكم أن تضعوا إشارة شحطتين (=)».

بحسب منظومة «حزب الله» الفكرية والعقائدية، هناك إستراتيجية واضحة تقوم على تطويع الكبار وإخضاعهم لمنطق «الخوف» من الغير والبقاء على أهبة الإستعداد تحسباً لساعة الصفر والتي أصبحت قريبة جداً بحسب المفهوم الذي يُشيعه. كما تقوم الإستراتيجية على «أدلجة» صغار السن ضمن منظومة كشفيّة عقائدية تتباهى بولائها الكامل لـ»الولي الفقيه» وأحكامه. حتّى إن صغاراً في كشّافة الحزب لم يتجاوزوا سنّ الخامسة أو السادسة، بدأت تُطبّق عليهم أحكام المُكلّف لدرجة أن منهم من «يفتخر» أمام رفاقه أو أقاربه ممن هم في عمره، «إذا طلب منّي السيّد القائد رمي نفسي من على سطح المبنى، فلن أتأخّر«.

في عقيدة «حزب الله» الذي ولد من رحم «الثورة» الإيرانية، لا مجال للإعتراض على الأحكام أو «التكليف» تماماً كما هو الحال بالنسبة الى عدم رجوعه عن الحفاظ على المؤسّسات التي بناها منذ نشأته ولغاية اليوم، خصوصاً تلك التي تُعنى بشؤون الطبابة والاستشفاء ومساعدة الأرامل والأيتام من منح مدرسية ومواد غذائية شهرية، وصولاً إلى التكفّل بدفع التعويضات لعوائل «الشهداء» من خلال مؤسسات الشهيد المعنيّة في شق منها بمعالجة جرحى الحزب، وغيرها الكثير من المؤسسات التي لا مجال لذكرها أو لحصرها. فكل هذه المنظمومة بحسب قيادات في الحزب والمفاهيم الضُمنيّة، لم تُبنَ أو لم يُتخذ القرار بإنشائها لكي يُعاد هدمها أو إهمالها، فهي عماد «حزب الله» وأحد أهم أسباب بقائه وإستمراره بعد السلاح. هذا بالاضافة إلى مؤسّسة «مجلس الشورى» التي تُعنى بفض النزاعات بين أفراد بيئة الحزب عوضاً عن اللجوء إلى مؤسسات الدولة. ومن نافل القول إن «حزب الله» استخلص من الاحزاب الشيوعيّة طريقة تعاط مناقضة تماماً لتوجهات الدولة وقوانينها بحيث يُصبح الهدف مجتمعا نقيضا للمجتمع ولا يُترك للدولة أي مكان فيه أو دور لأن الأصول والأحكام قد استُمدت أصلاً من «الثورة الإسلامية«.

يستقطب «حزب الله» الأطفال اليوم بطرق متعددة أبرزها: تحريضهم على قتال «التكفيريين» في سوريا قبل مجيئهم إلى لبنان وزرع حب الإنتقام فيهم لآبائهم وأشقائهم، وهذا يتطلب بذل جهد كبير على المُثابرة وتحمّل العقبات والخضوع لدورات تدريبية مُختلفة إلى حين أن يُصبح الطفل حاضرا للقتال في اللحظة التي يتم استدعاؤه فيها. ولتشجيع هؤلاء الأطفال على حب «الجهاد»، ثمّة روايات متعددة تُحكى لهم خلال ساعات التدريب منها، أن طفلا إيرانيا رفضت الجهة العسكرية المسؤولة عن التحاق المقاتلين بجبهات القتال خلال الحرب الإيرانية العراقية، طلبه للانخراط في الحرب بسبب عدم سماح الخميني للصغار في ذلك الوقت من دخول الحرب، عندها ذهب الطفل إلى الخميني بعد طلبه مقابلته ثم قال له «لا تُحدثونا بعد اليوم عن صغار أهل البيت الذين قضوا خلال معركة كربلاء إلى جانب الحسين»، ثم تنتهي الرواية بالسماح للطفل المشاركة في الحرب ومن دون أخذ الموافقة من الأم والأب، وبأنه اليوم أصبح قائدا كبيراً في «الحرس الثوري الإيراني«.

اليوم ومع التراجع الملحوظ الذي يشهده «حزب الله» في عمليّة استقطاب العناصر الجديدة، كان لا بد من التركيز على الأعمار الصغيرة من خلال اللعب على الوتر المذهبي ضمن الحلقات الدينيّة أو عبر تقديم الدعم المعنوي مثل منحهم بطاقات حزبيّة بالإضافة إلى بعض المغريات الماديّة والمساعدات الشهريّة. ومع اشتداد المعارك في سوريا وما ينتج عنها من خسائر في الأرواح، وجد الحزب نفسه مضطراً أكثر من أي وقت مضى الى الاستعانة بهؤلاء لزجّهم بشكل عملي ومُباشر في العمل المُسلّح، لدرجة أنه نُقل عن عدد كبير من طلاب مدارس «المهدي» التابعة للحزب، أن أقصى طموح الأطفال، أصبح الإنخراط ضمن كشافة «الإمام المهدي» والوصول في مرحلة لاحقة إلى رتبة مجاهد في صفوف «حزب الله»، ثم «شهيد«.

الدولة بمؤسّساتها كافة، هي بالنسبة إلى «حزب الله» أمر يجب التأقلم معه في الوقت الراهن، ريثما تتبلور الأمور حتى لو بعد مئة سنة طالما أنه يعمل بـ»النفس» الإيراني المعروف بسياسة العض على الجرح وببرودة الأعصاب وإقتناص الفرص المناسبة. وإن سألت عن سلاحه ودوره في جميع المراحل الآتية، فسوف يقولون لك إن هذا السلاح سيكون أمانة بأعناق هؤلاء الأطفال إلى حين ظهور «المُنتظر