نجح «حزب الله» أمس في أن يبرهِن أنه هو «الدولة»:
من كفرحونة في جزين، إلى بعلبك الهرمل إلى الضاحية الجنوبية، وصولاً حتى إلى جبيل… لا صوت يعلو فوق صوت انتهاكاته للعملية الانتخابية: من طرد مندوبين ومندوبات لحزب معين من أحد مراكز الإقتراع في بلدة الكنيْسة في بعلبك، إلى تكسير إحدى الخيم الحزبية في كفرحونة، إلى الاعتداء على سيارة أحد المرشحين الشيعة في جبيل، إلى الاعتداء على الناخبين في الضاحية الجنوبية.
ماذا يريد «حزب الله» أن يقول للناس؟ بكل بساطة، يريد إفهامهم الرسالة التالية: «انا الدولة والدولة أنا».
بعد الذي جرى أمس، لا بد من إجراء القراءة التالية:
اولًا : «حزب الله» لا يقيم وزناً لا للقانون ولا للأنظمة المرعية الإجراء ولا للسلطة التنفيذية، ففي وقتٍ كان وزير الداخلية يكرر اللازمة الممجوجة «نحن في عرس ديموقراطي»، كان «حزب الله» يقيم «مأتماً للديموقراطية» من بعلبك إلى الضاحية الى جزين الى جبيل، وكل ذلك تحت سمع وبصر المسؤولين في السلطة التنفيذية والذين كانوا يتنقلون من غرفة عمليات إلى غرفة عمليات، وهذه الغرف لم تكن تُظهِر على شاشاتها ما كان يجري من اعتداءات.
ثانياً: اراد «حزب الله» أن يمدد هيمنته على مجلس النواب الجديد، حتى قبل ان يولَد، ضارباً بعرض الحائط كل معايير الديموقراطية.
ثالثًا: سقطت كل مضامين الخطابات التي القاها قادة «حزب الله»، في معرض التحشيد للاقتراع، والتي قالوا فيها إنهم يؤيدون انتخابات هادئة، ليظهر في يوم الانتخابات أن خطاباتهم كانت «قنابل دخانية» لتغطية تحضيراتهم ليوم الانتخابات.
إن ما قدمه «حزب الله» في يوم 15 أيار، يشكِّل أسوأ نموذجٍ لكيفية التفاعل مع سائر مكوِّنات المجتمع اللبناني. «حزب الله» لا يريد احداً، حتى أنه لا يريد الدولة اللبنانية، وما فعله في أكثر من منطقة هو أكبر دليل على أنه يفهم «الدولة» على طريقته، أي «دولة» إلغاء الآخرين، إما بالخضوع الطوعي وإما بالإخضاع.