التسوية جدّية وليست مجرّد بالون إختبار وخطوات متسارعة لتنفيذها وإلا!
«حزب الله» مُحرَج بين تأييد ترشيح فرنجية مع إستمرار عون بترشّحه للرئاسة
مشروع التسوية يسير بخطى سريعة بالرغم من محاولات البعض إعتباره غير قابل للتنفيذ
يؤكّد سياسي بارز أن مشروع التسوية السياسية التي يتم التداول به من أكثر من أسبوعين لتحريك ملف الانتخابات الرئاسية والخروج من مأزق الأزمة التي يتخبّط فيها لبنان منذ أكثر من عام ونصف والمرتكز على طرح إسم النائب سليمان فرنجية كمرشح مقبول من الأطراف الأساسيين للرئاسة الأولى بديلاً عن المرشحين المطروحين رسمياً وهما النائب ميشال عون والدكتور سمير جعجع، هو مشروع جدّي وليس مجرّد بالون اختبار أو محاولة لجسّ نبض هذا الطرف أو ذاك، لافتاً إلى أن طرح المشروع بحدّ ذاته قد حرّك بالفعل ملف الانتخابات الرئاسية من حالة الجمود التي يتخبّط فيها منذ أكثر من عام ونصف ووضع الطاقم السياسي بمجمله أمام واقع جديد ومفاجئ، أصاب البعض بالإرباك الشديد وخصوصاً «التيار الوطني الحر» الذي كان ينام زعيمه الأساسي على الدعم الدائم لحليفه «حزب الله» واستفاق فجأة على مرشّح من حلفائه لم يحسب أنه سينافسه في هذه الدورة على الرئاسة المعقودة في حساباته له ضمن التحالف الواحد، في حين فوجئ رئيس حزب «القوات اللبنانية» بحليفه «تيار المستقبل» يدعم هذا المشروع بالرغم من التباعد وحالة الخصومة السياسية التي كانت تحكم العلاقة بينه وبين «تيار المردة» طوال السنوات العشر الماضة.
ويشير السياسي المذكور إلى أن مشروع التسوية المطروح ما يزال بحاجة لمزيد من التحركات والاتصالات بين الأطراف المحليين تحديداً لتضييق شقّة الخلافات القائمة بخصوص تنفيذه، لافتاً إلى صعوبات وتعقيدات كثيرة تعترضه من أكثر من جانب، إلا أن تذليلها ليس مستحيلاً وإن كان صعباً لتعذّر إقناع المرشحين المطروحين أساساً بصوابية الطرح الجديد ولتجاوز الحساسيات والطموحات الشخصية لكلٍ منهما، إلا أن ذلك لا يعني أبداً التراجع أو صرف النظر عن الجهود المبذولة لاستكمال المشروع حتى النهاية لأن أي طرف سياسي لم يعلن حتى الساعة رفضه النهائي والقاطع له بالرغم من التحفظات التي تعلن بخصوصه بشكل غير مباشر أو مداورة في وسائل الإعلام، ولإحساس الجميع بوجود رغبة إقليمية ودولية بإنهاء حالة الفراغ الرئاسي التي طالت أكثر من اللزوم لا سيما مع تسارع وتيرة اللقاءات الدولية لوضع أسس مشروع إنهاء الحرب السورية في إطار إجتماعات «فيينا» ولغياب أي طرح أو مشرع مهمّ آخر من قبل أي طرف محلي أو إقليمي لإخراج لبنان من أزمته السياسية الحالية.
ويتوقّع المصدر أن تتبلور مواقف الأطراف الأساسيين من مشروع التسوية تباعاً، لافتاً إلى مواقف مهمّة ستعلن الأسبوع المقبل بخصوصه، وعندها يمكن احتساب مواقف القوى والأطراف الداعمة له والرافضة في آن، وعمّا إذا كان بالإمكان استمرار السير فيه حتى النهاية أو فرملة تنفيذه، إما لإجراء المزيد من الاتصالات لتذليل ما تبقّى من اعتراضات ومواقف رافضة أو متحفظة، وهي متوقعة ومحسوبة وخصوصاً من «التيار العوني» الذي كان يرتكز إلى الدعم الثابت والمتواصل لحزب الله لإستمرار ترشيح النائب ميشال عون وبسببه تمّ تعطيل الانتخابات الرئاسية طوال المرحلة الماضية، وكذلك لتبديد إعتراضات بعض حلفاء «تيار المستقبل» وفي مقدمتهم الدكتور سمير جعجع الذي يرفض ضمناً ترشيح فرنجية وإن كان لم يعلن موقفه النهائي بهذا الخصوص وينتظر استيضاحات ومعطيات وظروف طرح مشروع التسوية وأبعاده العربية والإقليمية وتحديداً موقف المملكة العربية السعودية منه.
ويلفت المصدر أن مشروع التسوية يسير بخطى سريعة بالرغم من محاولات البعض إعتباره غير قابل للتنفيذ، مشدداً على ضرورة الإسراع بإعلان الأطراف الأساسيين موقفها منه واتخاذ ما يلزم من إجراءات فورية للمباشرة بتنفيذه لأنه المشروع الوحيد الذي يمكن من خلاله المباشرة بحل الأزمة السياسية التي يتخبّط فيها لبنان وإذا تمّ التباطؤ لأمر ما أو بسبب مشكلة معقّدة أو توسّع دائرة الاعتراضات من هذا الطرف أو ذاك فقد يكون مصيره الفشل واستمرار الدوران في حالة الفراغ القائمة وتداعياتها السلبية في ظل عدم وجود أي مشروع بديل عنه.
ويعتبر المصدر أن مشروع التسوية ينبثق من دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي أعلن أكثر من مرّة لتسوية بين كل الأطراف السياسيين المتخاصمين، في حين أن إعلان موقف الحزب الرسمي منه ينتظر ما ستسفر عنه الاتصالات النهائية لتحديد موقف النائب ميشال عون مما يُطرح وعمّا إذا كان سيسحب ترشيحه لصالح فرنجية أم يستمر بترشيحه حتى النهاية غير عابئ بما يُطرح أو يُحكى بهذا الخصوص.
ويلاحظ المصدر أن تأييد الحزب لمشروع التسوية يتطلّب منه الانخراط بدعم ترشيح سليمان فرنجية بشكل علني ورسمي وهذا الأمر يُشكّل إحراجاً للحزب في حال استمر عون بترشحه ولم يُفسح الطريق أمام ترشيح فرنجية.
ولذلك، تُبذل محاولات حثيثة وبعيدة عن الأضواء لتخريج مسألة دعم التسوية وتأييد ترشيح فرنجية بالتزامن مع محاولات صعبة ومعقّدة لإقناع النائب ميشال عون بالخروج من السباق الرئاسي مع الحرص على إبقاء خيط التحالف الذي يجمع بينه وبين الحليفين اللدودين المرشحين للرئاسة قائماً ولو بحدوده الدنيا، بعدما بدأت بوادر التصدّع والانقسام تعصف بهذا التحالف منذ الإعلان عن ترشّح فرنجية للرئاسة الأولى وتؤشر للفراق النهائي بينهما.
ويتوقّع المصدر أن يُشكّل الأسبوع المقبل مؤشراً هامّاً على كيفية سلوك المشروع طريق التنفيذ النهائي مع تسارع خطى وتحركات القوى والأطراف الأساسية، وهذا الاحتمال الأقوى في ظل تأكيدات الداعمين الفاعلين لمسار التسوية، أو استمرار الدوران في حالة الفراغ والإهتراء السياسي القائمة حالياً.