IMLebanon

تصعيد «حزب الله» خطابه السياسي يحرج «الأصدقاء» و«الحلفاء» لا الخصوم؟!

يخطىء «حزب الله»، كما يخطىء حليفه «التيار الوطني الحر»، إن هما اعتقدا ان لهجة الخطاب السياسي والاعلامي، وجنوحه نحو التصعيد و»التحدي» و»الاستفزاز» والاستهتار بحقوق الآخرين، أياً كان هؤلاء الآخرين، يمهد الطريق لوصول العماد ميشال عون لسدة رئاسة الجمهورية الشاغرة منذ نحو سنتين ونصف تقريباً، وليس في المعطيات المتوافرة، خارجياً وداخلياً ما يؤشر، من قريب او من بعيد الى إقتراب الخروج من هذه المراوحة وانتخاب رئيس؟! على رغم كل التسريبات والسيناريوات التي تحضر بين ليلة وضحاها..

من حق «حزب الله»، كما من حق «التيار»، كما من حق سائر القوى السياسية والاحزاب والتيارات والكتل النيابية ان تكون لها خياراتها ومواقفها.. لكن ليس من مصلحة الحزب، ان يمضي في هذا الخطاب التصعيدي – الاستفزازي كالذي ورد قبل يومين على لسان نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم و»الحبل على الجرار» كما يقال، كما ليس من مصلحة الجنرال عون، هذا اذا كان الحزب جاداً فعلياً بخياره ومتمسكاً به لقناعات بعيدة عن «تصفية الحسابات» والمصالح الشخصية والفئوية في الخارج كما في الداخل اللبناني..

لم يجد عديدون من أصدقاء الحزب وحلفائه مبرراً لهذه اللهجة التصعيدية – الاستفزازية التي حضرت على لسان الشيخ قاسم، وتكبير الحجر أكثر من اللازم في مخاطبة اللبنانيين والخارج، تماماً كما اللهجة والعبارات التي يستخدمها، بحدود او بأخرى رئيس «التيار الحر» (الوزير) جبران باسيل وتلويح «التيار» بحراك شعبي على الارض يجري التحضير له ان لم ينتخب الجنرال عون رئيساً؟!

الواضح الى الآن، ان التصعيد في لهجة الخطابين لم، و»لن يغير المعادلات القائمة ولن ينتج إلا المزيد من الفراغ والتعطيل والأضرار بمصالح الناس..» وقد أقر بذلك الشيخ قاسم، الذي كان عليه ان يقدم النصائح لنفسه قبل الآخرين، خصوصاً وان «طريق الحل معروف» وهو عبر مؤسسة مجلس النواب الموقوفة عن العمل والاجتماعات وعن أي دور يتعلق بجدوى بقائه، وتحديداً في المراقبة والمحاسبة وتشريع الضرورات من مثل صياغة قانون جديد للانتخابات النيابية يوفر الحد المعقول والمقبول من العدالة والمساواة ويمنح اللبنانيين حقهم في احداث التغييرات المطلوبة والضرورية وقد اتفق الأفرقاء كافة – أقله في الاعلام – على ان قانون الانتخابات المعمول به حالياً لم يعد صالحاً ولن يأتي بأي تغيير او تجديد، بل على العكس من ذلك، فإنه سيعيد استنساخ مجلس النواب ذاته، وان تبدلت بعض الأسماء؟!

وضع الشيخ قاسم الأفرقاء كافة أمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بالعماد عون رئيساً او بقاء الفراغ.. هذا رأيه.. لكن هذا الموقف لم يعد مجرد كلام على منبر خطابي، وقد قطع الطريق أمام أية خيارات، وهو، وعلى ما يؤكد الجميع، لم يفعل ما يجب عليه ان يفعله في حشد القوى من حول الجنرال، بل على العكس من ذلك ما دفع غير فريق الى اتهام الحزب بأنه لا يريد عون رئيساً، بل لا يريد رئيساً بالمطلق، أقله في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة بظروف ومخاضات صعبة ودقيقة وبالغة الخطورة؟!

عديدون يجزمون ان هذه اللهجة التصعيدية – الفوقية لا تخدم الجنرال عون ولا تخدم تياره، ولا توفر الارضية الصالحة والمطلوبة لايصاله الى القصر الجمهوري في بعبدا.. والأكثر خطورة ان خطاب الشيخ قاسم تجاوز الافرقاء اللبنانيين في الداخل عابراً حدود الدول والكيانات والأنظمة والقارات ليؤكد «ان الدول الكبرى والاقليمية ومجلس الأمن والجامعة العربية لن تستطيع ان تعدّل في المسار الوحيد والاتجاه الوحيد الذي يوصل الجنرال الى رئاسة الجمهورية… وقد جربوا أكثر من سنتين ولم يحققوا أي شيء ومازلنا في بداية الطريق..»؟!

اللافت ان الصمت على ما جاء به الشيخ قاسم من «إبداعات»، يأتي عشية الجولة الجديدة من «الحوار الثنائي» بين «حزب الله» و»المستقبل»، الذي في نظر البعض لم يحقق أي تقدم على خط أي بند من جدول الأعمال، ان لجهة «تنفيس الاحتقانات» وان لجهة التقدم على خط الاستحقاق الرئاسي، على رغم الطموحات العديدة التي كان يتطلع اليها عديدون، ويرون في هذا الحوار «ضرورة الضرورات» أقله لجهة «ربط النزاع..»؟! هذا في وقت تنشط التسريبات والأحاديث المتواترة عن مفاجأة قد يكون الرئيس سعد الحريري يعدها مع عودته الى بيروت في الأيام القليلة الماضية، تسبق موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تحمل الرقم ٤٥ في الثامن والعشرين من الجاري.

أخطر ما يمكن ان تؤول اليه المواقف والتطورات هو اعتبار ان «حزب الله» لا يقيم وزناً لأي من أفرقاء الداخل، حلفاء وخصومه وما بينهما.. فما في رأسه في رأسه، والرئيس نبيه بري قد يكون في طليعة المحرجين، وهو الذي يتعامل بلباقة لافتة مع الاستحقاقات ومع الأشخاص ومع الافرقاء كافة، ولا يجد حرجاً في ذلك.. ومع هذا، فإن غير فريق من المصنفين في خانة «حلفاء الحزب»، يشعرون بالاحراج، وبأنه لا يقيم وزناً لأي شريك ولا يأخذ برأي أي أحد، على قاعدة انه «صاحب الأمر والنهي..» وقد تجاوز خطابه كل الخطوط الحمر، في الداخل كما مع المحيط العربي..؟ فلمصلحة من؟!