جرت العادة أن الوقائع الميدانية اما تؤدي الى مكاسب ميدانية جديدة، واما الى طاولة المفاوضات، لكن في انتفاء المصلحة من حصول الأخيرة، يلجأ المجتمع الدولي «الى المسكنات، على شاكلة الذهاب الى جنيف والسماح للموفد الاممي ستيفان دي ميستورا باطلاق مبادرة تلو المبادرة» كما تقول شخصية لبنانية متابعة للشأن السوري عن قرب.
وفي انتظار الارادة التي تلزم في لحظة ما جميع اللاعبين بالجلوس الى طاولة المفاوضات، فان المعطيات الميدانية على أرض سوريا لا يمكن صرفها في السياسة «حتى لو ربطوا ادلب بحماه وحلب أو اخذوا منطقة جديدة، ولذلك لن يهزم لا الجيش السوري ولا المعارضة ولن يخرج الرئيس بشار الاسد من القصر الرئاسي ولن يعود المعارضون غدا الى دمشق على بساط من الريح. الوقائع الميدانية لا تدل على ذلك، حتى أن دي ميستورا يعرف ان لا قدرة على فعل شيء حقيقي حاليا».
اذا ما السبب الفعلي لاطلالة السيد حسن نصرالله عبر شاشة «المنار» قبل أيام قليلة؟
تقول اوساط لبنانية معنية أنه بعد سقوط ادلب وجسر الشغور الاكثر استراتيجية من الأولى، «أطلق فريق المعارضة السورية مدعوما بماكينة اعلامية منظمة موجة تضليل استخدم فيها كل ادواته وامكاناته ووسائله وخرج معها كلام يتساءل عن دور ايران وحزب الله وروسيا، ونشط الاعلام المناهض عربيا ودوليا عبر الترويج لخطة سقوط الساحل السوري وصولا الى دمشق، بسبب تضعضع الجيش السوري، ورافق ذلك ترويج مفاده ان المناطق التي يقاتل فيها حزب الله تتحقق فيها انتصارات، ففي القصير والجنوب السوري والقلمون ومناطق أخرى، قاتل ويقاتل الجيش السوري و «حزب الله» سويا وقد حققا انجازات وأحيانا قليلة انتكاسات، وعلى ضوء ذلك كان القرار بظهور السيد نصرالله عبر «المنار»، ولذلك يلاحظ في كلامه قوله «هناك اناس عندهم حرص مبالغ وهناك عسكريون لديهم قلق مبالغ».
تقول الأوساط نفسها إننا نحتاج في هذه الأيام السورية الى عزيمة القائد الذي صمد في بنت جبيل ابان عدوان تموز 2006، الى درجة أن الدبابات الاسرائيلية بلغت المكان الذي كان يتواجد فيه، فقرر النهوض والصلاة بلا جلبة وفكّر بما يجب عمله، وبهذا المعنى، فقد شكلت إطلالة السيد نصرالله محاولة لتصحيح المسار ولتأكيد المؤكد بأن المقاومة وكل المحور الذي تنتمي إليه ليس بوارد أن يتخلى عن سوريا».
وتشير الاوساط الى ان «اعلام عاصفة الحزم وضع سيناريو مفاده ان ثمة عاصفة حزم قادمة الى سوريا وهناك مناطق في الساحل السوري الشمالي ستهجر بكاملها نحو لبنان، غير أن هذا الضخ المسموم سيواجه بوقائع ستقلب الامور رأسا على عقب».