لا يوجد لدى تيار «المستقبل»، وخصوصاً الذين يتولّون الحوار مع «حزب الله»، توقعات كبرى بشأن نتائج هذا الحوار، الذي يعرف كلّ منهما ماذا يريد من الآخر، وما هو المؤمّل منه، وما هو غير ممكن.
بهذه الروحية دخل الطرفان في هذا الحوار برعاية الرئيس نبيه برّي، الطرف غير المحايد، الذي يتماهى مع «حزب الله» في كل شيء، والذي يحرص على التمايز عنه في قضية واحدة، الانتخابات الرئاسية، فقط من أجل منع وصول العماد ميشال عون الى بعبدا.
لعلّ أبرز علامات الشك حول النتائج وتكبير التوقعات، ما قام به وفد «المستقبل» الذي رفض منذ البداية التقاط أيّ صورة للقاءين، وتوزيعها على الاعلام، وبذلك يكون قد رسم منذ البداية، سقفاً متدنياً للنتائج، عبر قطع الطريق على تكبير ما يحصل، وقطع الطريق على «حزب الله» إذا كان يريد من هذا الحوار، الصورة فقط.
في معلومات لـ«الجمهورية» أنّ جلسات تقويم عُقدت في قيادة «المستقبل للجولتين الأوليين من الحوار، هذا التقويم رسم خطوطاً واقعية لما جرى، ولخّصه نادر الحريري مستشار الرئيس سعد الحريري بالآتي:
أولاً: لا يوجد آمال كبيرة من حصول اختراق في هذا الحوار، و»المستقبل» يتحاور مع «حزب الله» على جملة عناوين، أبرزها ملف الرئاسة، والتجارب السابقة دَلّت على أنه لو حصل أي اتفاق، فمن السهل على الطرف الآخر نقضه، وهو لا يعني شيئاً، إلّا اذا التزمه عملياً.
ثانياً: الحوار مع «حزب الله» يهدف الى انتخاب رئيس توافقي للجمهورية، والى الآن، لم يتم البحث في المبدأ أو الأسماء، وكل المؤشرات تدلّ على أنّ الحزب لا يزال متمسّكاً بترشيح العماد عون، كما أن الرئيس برّي الذي يعارض وصول عون، لم يدل بأيّ موقف.
ثالثاً: يدور الحوار حول طريقة خفض التوتر المذهبي، وتيار «المستقبل» يريد هذا الهدف، لكن يرفض ما طلبه «حزب الله» بخصوص ترتيب ما يسمّيه هدنة اعلامية.
وعند طرح هذه النقطة، رفض وفد «المستقبل» هذا الطرح، مؤكداً أنّ كل ما يحصل سببه قتال الحزب في سوريا، وسرايا المقاومة، والتجاوزات والاستفزازات في شوارع بيروت، وحماية المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وعدم احترام الخطة الأمنية. وبالتالي، فإنّ استمرار الاعلام في تناول هذه التجاوزات، هو النتيجة للأسباب التي خلقها «حزب الله».
رابعاً: طالب وفد «المستقبل» من الحزب حلّ «سرايا المقاومة»، فرفض الحزب، وقال مفاوضوه إنّ «حزب الله» يطمح لأن يجعل من جميع اللبنانيين «سرايا مقاومة».
خامساً: طرح وفد «المستقبل» مسألة الاعلام والشعارات والمراكز الحزبية في شوارع بيروت وأحيائها، التي يتشارك «حزب الله» و»أمل» في إقامتها، والتي تؤدي الى تسعير الجوّ المذهبي، وسيكون النقاش حول هذه النقطة، في الجلسات المقبلة.
سادساً: سيقتصر الحوار على الملفات السياسية والأمنية، ولن يتطرق الى الملفات الأخرى كالنفط وسلسلة الرتب والرواتب وقضية العسكريين، التي هي من اختصاص الحكومة.
سابعاً: تمّ التوافق على أنه لن يكون هناك أيّ تصويت على قانون الانتخاب، قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ثامناً: لم يتم تحديد أيّ سقف زمني للحوار، وستعقد الجلسات بشكل متواصل.
هذا التلخيص يعطي فكرة واضحة عن مسار حوار «المستقبل» و«حزب الله». الواضح أنّ هدف «المستقبل» بجَرّ الحزب الى النقاش للاتفاق على اسم توافقي، هدف صعب ومؤجّل، باعتبار أن لا قرار إيرانياً بعد بانتخاب رئيس للجمهورية. والواضح أيضاً أنّ الحزب يركز على ما يسمّيه هدنة اعلامية، لتخفيف النتائج السلبية لقتاله في سوريا، وللتجاوزات التي تمارسها «سراياه المقاومة».
وفي المقابل يدخل «المستقبل» الى هذا الحوار وهو مُدرك سقف التوقعات، ومدرك بأنّ شراء الوقت وتخفيف الاحتقان، مُتاحان في هذه اللحظة، باعتبار أنّ زمن الحلول الكبرى لم يحن أوانه بعد.