Site icon IMLebanon

حزب الله – القوات… هل يتعاونان في الانتخابات؟

مُنذ مدّة تكثر التحليلات والأحاديث بشأن إحتمال حُصول جولات تفاوض مُباشرة بين «حزب الله» وحزب «القوّات اللبنانيّة»، وبشأن موقع «الحزب» من التحالف الإنتخابي القائم بين حليفه «التيّار الوطني الحُرّ» وحليف الحليف الجديد «القوّات». وجاء حفل التكريم الذي أقامه «حزب الله» لرئيس تحرير صحيفة «السفير» طلال سلمان، في حُضور وزير الإعلام القوّاتي ملحم رياشي، وفي ظلّ مُقاطعة من قبل كل من الوزير السابق فيصل كرامي، والنائب السابق إميل إميل لحّود، والعميد المُتقاعد مُصطفى حمدان، ليزيد الطين بلّة بالنسبة إلى المدى الذي يُمكن أن تأخذه العلاقة المُستقبليّة بين «الحزب» و«القوات». فما هي المعلومات المتوفّرة بهذا الشأن؟

أوساط سياسيّة قريبة من «حزب الله» أكّدت أنّ بعض حلفاء «الحزب» حمّلوا دعوة بروتوكوليّة لوزير في الحكومة يحمل صفة رسميّة هي لقب وزير الإعلام المُفترض أن يكون حُضوره منطقيًا في حفل تكريم زميل عريق في مهنة الصحافة، أكثر ممّا تحمل، تمامًا كما حمّل سواهم في الماضي القريب لقاءات عابرة أو إجتماعيّة بين مسؤولين من «الحزب» و«القوات» مَضامين غير موجودة. ولفتت هذه الأوساط إلى أنّ التواصل غير مقطوع أصلاً، وهو موجود على مُستوى كل من وزراء الطرفين في السلطة التنفيذيّة، ونوّاب الحزبين في السلطة التشريعيّة. وأضافت أنّ التقدّم الوحيد الذي تحقّق حاليًا، هو على مُستوى التراشق الإعلامي المُتبادل بين الطرفين، والذي تراجع بشكل كبير في الأسابيع القليلة الماضية، إنسجامًا مع رغبة في هذا الصدد من جانب «التيار الوطني الحُر»، وإنطلاقًا من رغبة مُتقاطعة بين «الحزب» و«القوات» على تهدئة إعلاميّة لمنح العهد الجديد أفضل الظروف المُؤاتية لانطلاقة مُوفّقة.

في المُقابل، لفتت أوساط قريبة من حزب «القوات اللبنانيّة» إلى أنّ تمسّك بعض الجهات الداخليّة بملفّات الحرب الأهليّة مُستغرب بعد إنقضاء قرابة ثلاثة عُقود على إنتهائها، خاصة وأنّ هذا البعض تعايش مع شخصيّات كانت في صلب «القوّات» مثل الراحل إيلي حبيقة، أو كانت مُقرّبة كثيرًا منها مثل النائب السابق نادر سكّر، والنائب الحالي إميل رحمة، على سبيل المثال لا الحصر. وبالنسبة إلى العلاقة مع «حزب الله» وإحتمال تطوّرها، أكّدت الأوساط نفسها أنّ «القوات» مُنفتحة حاليًا على كل الخيارات وجاهزة للإنفتاح على مختلف الأطراف، لكن وفق مساحات تلاقي مُشتركة لا تتعارض مع المبادىء والمُسلّمات التي تؤمن بها. ولفتت هذه الأوساط إلى أنّ «القوات» ستُلاقي أيّ إيجابيّة تجاهها من مُطلق أي جهة، بإيجابيّة مُضاعفة.

وفي السياق عينه، رأى مصدر سياسي مُستقلّ أنّه على الرغم من الأجواء الإيجابيّة إعلاميًا بين «حزب الله» و«القوّات اللبنانيّة»، لا يُوجد في الأفق ما يُوحي بقرب عقد جولات تفاوض ثنائيّة بين الطرفين، لأنّه لا رغبة من قبل كلّ منهما في الدخول بحوار عقيم لا يُنتج شيئا، طالما الخلاف الإستراتيجي مُستحكم بينهما، على مواضيع أساسيّة، تأتي في طليعتها «الإستراتيجيّة الدفاعيّة للبنان»، و«الدور الأمني للحزب إقليميًا»، و«سلاح الحزب داخليًا»، و«تموضع القوات السياسي»، و«نظرة القوّات إلى النظام السوري»، إلخ. وأضاف أنّ «الحزب» لا يرى فائدة في الدخول في مفاوضات ثنائيّة مع «القوات»، على غرار تلك القائمة مع «تيّار المُستقبل». وأوضح المصدر السياسي المُستقلّ نفسه أنّ عشرات جولات التفاوض بين «حزب الله» و«تيّار المُستقبل» لم تُنتج الكثير، لكنّها أفضت إلى «فك الإشتباك» بينهما، وبين ما يمثّلانه من خلفيّة مذهبيّة وسياسيّة ومن إمتدادات إقليميّة، بينما هذه المُعطيات غير مُتوفّرة في حالة «الحزب» – «القوات»، خاصة وأنّ التحالف الذي جرى مع «التيّار الوطني الحُرّ» في 6 شباط 2006، كسر الإنقسام الطائفي السابق.

ولفت المصدر نفسه، إلى أنّ «الحزب» أدرك أنّ التعاون بين «التيار» و«القوّات» ليس عرضيا، بل هو قرار إستراتيجي طويل الأمد، ما يستوجب التعامل معه كأمر واقع، بينما أدركت «القوات» أنّ الآوان حان للتعامل مع «حزب الله» بأسلوب جديد، غير أسلوب المُواجهة المفتوحة السابق، خاصة وأنّ التحالف مع «التيّار» بشكل مُستقل من قبل الطرفين، يُمكن أن يساهم في تقريب المسافات.

وفي ما خصّ إحتمالات دخول «الحزب» و«القوّات» في تعاون إنتخابي خلال الإنتخابات النيابيّة المقبلة، نتيجة تحالف كلّ منهما مع مرشّحي «التيار الوطني الحُرّ»، ولوّ بشكل غير مباشر شبيه بما حصل في دائرة بعبدا – عاليه في العام 2005، عندما صوّت مُناصرو «حزب الله» و«القوات اللبنانيّة» للائحة واحدة حملت إسم «وحدة الجبل»، ما أسفر في حينه عن فوز إدمون نعيم عن «القوّات» وعلي عمّار عن «الحزب»، أكّد المصدر السياسي المُستقلّ أنّ «حزب الله» ليس بوارد التحالف إنتخابيًا مع «القوّات»، حيث أنّ مُناصريه سيُصَوتّون لصالح المُرشّحين «العَونيّين» فقط في اللوائح المُشتركة مع «القوات». وأضاف أنّ حزب «القوّات» ليس راغبًا أصلاً في أيّ تحالف إنتخابي مع «الحزب»، حتى لا يُقدّم لخُصومه على الساحة المسيحيّة خدمة مجّانية، خاصة وأنّ هؤلاء يُحاولون حاليًا الإيحاء بأنّ «القوات» تراجعت عن قناعاتها، بهدف إستمالة ناخبين من ضُمن ما يُمكن وصفه بالبيئة المسيحيّة المُتشدّدة.

وختم المصدر السياسي المُستقل شرحه للعلاقات المُستجدّة بين «حزب الله» و«القوات اللبنانيّة»، بالتأكيد أن لا مُفاوضات ثنائيّة وشيكة بينهما، ولا تحالف إنتخابي قريبًا، لكنّ الأكيد أنّ الهدنة الإعلامية الحالية – إذا جاز التعبير، مُرشّحة للإستمرار، في إنتظار بلورة طبيعة القانون الإنتخابي، وتحديد موعد الإنتخابات، وحسم توزيع التحالفات.