Site icon IMLebanon

حزب الله- الوطني الحرّ: مصالح مشتركة تحتّم التلاقي! 

 

لم يفت حزب الله المنهمك بالجبهة المشتعلة جنوبا وبالتدقيق بعشرات الطروحات والاقتراحات المرتبطة بـ “اليوم التالي” بعد الحرب، الالتفات للواقع السياسي الداخلي وبالتحديد لعلاقته بباقي القوى السياسية. فلا شك ان التدهور المستمر لعلاقته بحليفه “التيار الوطني الحر” لا يرق للقيادة في حارة حريك خاصة بعدما وصلت الامور بين القواعد الشعبية وبخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي الى ما بدا انه “نقطة اللاعودة”. وقد اتت المواقف الاخيرة لمؤسس التيار، رئيس الجمهورية السابق ميشال عون لتكون بمثابة نقطة المياه التي ادت لطوفان الكوب، ما دفع قيادة حزب الله لاتخاذ قرار طرق باب الرابية لوضع العماد عون في تفاصيل ما يحصل جنوبا وشرح وجهة نظرها بمحاولة لردم بعض الهوة التي باتت اوسع من اي وقت مضى بين الحليفين.

 

وليس خافيا ان عودة التواصل بين التيار والحزب مصلحة للاول كما هي مصلحة للثاني، تماما كما ان الطلاق بينهما سيؤدي لاضرار كبيرة لكليهما.

 

ويمكن الحديث عن اكثر من عامل يجعل حزب الله يرفض الاستسلام لفكرة طلاقه مع “الوطني الحر”. ولعل ابرز هذه العوامل سعيه للابقاء على حليف مسيحي قوي طالما التحالف مع حزب مسيحي آخر بتمثيله الشعبي امر متعذر تماما.

 

كذلك يعتبر الحزب ان اسرائيل تحاول اليوم تظهير ان هناك اكثرية لبنانية ترفض الحرب القائمة، وان لا بيئة حاضنة لحزب الله وجمهوره في حال قرر العدو توسيع رقعة المواجهات، لذلك قد تجد ما يحصل مبررا اضافيا للانقضاض عليه، من هنا لا شك ان هناك مصلحة له بمحاولة اجتذاب القوى والجماهير اللبنانية لصفه من خلال شرح وجهة نظره مما يحصل واقناعهم بها.

 

ويعي حزب الله ان مرحلة تفاهمه الطويلة مع “الوطني الحر” خدمته كثيرا وقد ظلت القيادة العونية وفية له عند منعطفات خطيرة، لذلك يعتبر ان التفريط بسهولة بهذه العلاقة لا يخدمه لا بل يضره بشدة وان كان متمسكا بأولوية وحدة الصف الشيعي وهو لا يزال يرى ان ذلك لا يُفترض ان يؤدي تلقائيا لنسف العلاقة بالعونيين، فطالما نجح بمهمة بدت مستحيلة لجهة مراعاة حليفيه حركة أمل والتيار الوطني الحر في آن واحد ولفترة طويلة نسبيا، فهو قادر على مواصلة هذه المهمة وان تطلبت منه مزيدا من الجهود والتضحيات على اكثر من مستوى.

 

من جهته، ورغم وجود تيار لا بأس به داخل “التيار الوطني الحر” يعتبر ان الحلف مع حزب الله أضر بالتيار ولم يخدمه البتة، الا ان القيادة في ميرنا الشالوحي تُدرك انه لها هي الاخرى مصلحة برأب الصدع مع حارة حريك ومحاولة ردم بعض الهوة التي تتسع مع مرور الوقت.

 

ولعل ابرز ما يجعلها منفتحة تماما على وقف تدهور العلاقات واعادة القطار على السكة الصحيحة هو اقتناعها بأنها باتت شبه معزولة بعدما لم يعد لها حليف وباتت عمليا خارج السلطة ودائرة القرار، خاصة بعدما ايقنت ان الحكومة تواصل عملها دون رادع من دون ان تنجح كل الضغوط التي يمارسها العونيون بالتصدي لما يعتبرونه تعديا على صلاحيات الرئاسة الاولى.

 

ويعلم رئيس “التيار” جبران باسيل ان حزب الله رسّخ الى حد كبير في الفترة الاخيرة واقع انه “الحاكم بأمره” في البلد وبالتالي له مصلحة اليوم بالاستمرار بالتحالف معه خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من مخاض ينعكس بشكل كبير على لبنان ويخشى كثيرون ان يؤثر على نظامه وتكوينه في ظل الشغور المتمادي في سدة الرئاسة.

 

ويحاول باسيل ان يكون بيضة القبان في هذا الاستحقاق ويقوم بالمستحيل لتفادي القفز فوق ارادته وهو يعلم ان اي تفاهم او اتفاق منتج في هذا المجال سيحصل شاء ذلك ام ابى مع حزب الله.

 

وتقول مصادر مواكبة لعودة بعض المياه الى القنوات بين حارة حريك والرابية ان “الامور لا تزال في بداياتها وهي تحتاج الكثير من الجهود والمساعي من قبل الطرفين لاعادة اصلاح ما انكسر” لافتة في حديث لـ “الديار” الى ان “الحزب قام بخطوة اولى سيلاقيها لا شك التيار، لكن النيات الطيبة، بحسب التيار، يجب ان تقترن بالافعال لجهة توقف الحزب عن تغطية قرارات حكومية يعتبر العونيون انها تتجاوز إطار تصريف الاعمال”.