IMLebanon

«حزب الله».. من مقتلة سوريا إلى «بكائية» اليمن

حرب الوكيل بالنيابة عن الأصيل، مقولة يُمكن من خلالها توصيف الدور الذي يقوم به «حزب الله» دفاعاً عن إيران ومصالحها الاستراتيجية سواء في لبنان أو المنطقة، وهو توصيف يُستدل منه على عمق العلاقة العضوية التي تربط الحزب بالحرس الثوري الإيراني، المؤسسة العسكرية الإيرانية الأبرز والأقوى والتي تأتمر بالولي الفقيه على غرار الحزب نفسه الذي يستمد من هذا المصدر دعمه العسكري والمادي.

بالأمس رد تيّار «المستقبل» على «حزب الله» الذي شن منذ يومين هجوماً عنيفاً على المملكة العربية السعودية واتهمها بـ«شن عدوان على الشعب اليمني«، وأدان «مشاركة بعض الدول العربية وغير العربية في هذا العدوان وتوفير الغطاء السياسي له«. وأشاد «التيار» بـ»تضحيات شهداء المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين الذين سقطوا دفاعاً عن وحدة اليمن وعروبتها، وقدموا النموذج المطلوب في مواجهة مشاريع الهيمنة والتمدد الإيراني«، متهماً الحزب بـ»ذرف دموع التماسيح على حقوق الإنسان في اليمن«.

«إن لم تبكوا فتباكوا»، هو المصطلح الذي يستخدمه «حزب الله» كعنوان أساسي لحربه الإعلامية التي يشنها على السعودية لمجرّد أنها قرّرت وضع حد للتمدد والتدخل الإيراني في اليمن من خلال جماعات يعتمد عليها في الداخل لقلب نظام الحكم فيه وتحويله كما لبنان وسوريا والعراق إلى منصّة أو قاعدة عسكرية تنطلق منها الهجمات ضد خصومه على أن يكون الحزب في واجهة هذه الأحداث، وأن يتحمل تبعاتها وبالتالي يُحمّل لبنان واللبنانيين نزواته السياسية ومغامراته الأمنية والعسكرية، وهذا ما تعوّد عليه الشعب في لبنان منذ أن جعل سلاحه رهن إشارة الأمن القومي الإيراني ومصلحته.

غريب هو تباكي «حزب الله» على اليمن رغم إدراكه حجم التدخل الإيراني هناك والمخاطر التي تُحيط بالمنطقة العربية بأسرها ويُمكن أن تنجم عن هذا التدخل، لكن المفارقة أن هذه الدموع لم تُذرف على أطفال دوما الذين قُتلوا إماً حرقاً بفعل نيران براميل الأسد المتفجرة، أو تحت أنقاض منازلهم بعدما حوّلتها صواريخ الطائرات إلى ركام. وكذلك لم يرها العالم وهي تُذرف يوم قصفت مدفعية النظام الغوطة الشرقية بمواد كيماوية وحوّلت أجساد أطفالها ونسائها وشيوخها إلى ألواح خشبية بعد تصلّبها بفعل تنشقهم غاز السارين المحرم دوليّاً، وإلى مجرد أرقام بعدما عجزت اللجان الأهلية عن تحديد أسماء الشهداء وعائلاتهم.

كثر هم من لبنانيين وغير لبنانيين الذين يُجمعون على تحوّل «حزب الله« إلى أداة إيرانية ينساق وفق أجندتها في مغامراته ونزواته السياسية والعسكرية، مرّة يُستعمل في جنوب لبنان وأخرى في دعم فئة فلسطينية مُحدّدة على حساب القضيّة نفسها، ومرّات في البحرين والعراق وسوريا وصولاً إلى اليمن، ودائماً يكون الشعار «يا قدس إننا قادمون». وقد زاد هذا الاعتقاد بنسبة كبيرة بعد الاتفاق النووي بين إيران والدول الست، عندما أوكلت مهام التخريب و«القصف العشوائي» إلى «حزب الله» ذراعها العسكرية في المنطقة، وذلك بعد تعهدات بعدم تدخلها بشكل مُباشر في دول المنطقة وشؤونها.

يبدو أن دعم الطغاة والمُفسدين بالنسبة إلى «حزب الله» تحوّل إلى عُرف وتقليد يتجددان تلقائياً مع بروز حركات وتنظيمات خارجة على القوانين، وبالتالي تسقط بالنسبة اليه مصالح الشعوب واهتماماتها الأولية، ولا بأس إن جاء هذا الدعم على حساب أمنها وأمانها وعيشها بحرية وكرامة. وهنا لا بد من توجيه «منظومة» أسئلة إلى الحزب حول الدور الذي أوكل اليه للهجوم على السعودية وعلى دورها التوفيقي والجامع، فهل هو بسبب موقعها التاريخي والداعم للبنان في أصعب الظروف؟ أم بسبب وضعها حداً للاقتتال بين اللبنانيين وتكريس أمنهم بالدرجة الأولى من خلال اتفاق الطائف وتوفير فرص عمل لهم وإعادة إعمار ما هدمته إسرائيل في حروبها كافة؟ أم بسبب فتح أبوابها للبنانيين من كل المذاهب والطوائف في زمن الحرب وبعدها من دون أي تفرقة ومن بينهم أقرباء وأشقّاء لشخصيّات بارزة في الحزب؟.

انتهت مفاعيل شعارات «الشيطان الأكبر» و»الموت لأمريكا». إنه زمن اللعب على التناقضات وتبدّل المواقف، فإسرائيل لا تبعد أكثر من «رمية حجر» عن أنظار «حزب الله» ومع هذا بدّل خارطته العسكرية باتجاه العمق السوري، وبشّار الأسد يُمعن في قتل شعبه وإبادته، لكن الحزب أرسل في المقابل ترسانة عسكرية إلى الكويت لزعزعة أمنها وإحداث إنقلاب فيها. يُشارك في حرب العراق ويدعو جهاراً إلى إنقلاب في البحرين، ويُناصر الظالم على المظلوم في سوريا والجماعات المسلحة في اليمن، أمّا في لبنان فحدّث ولا حرج، وآخر هذه التأرجحات والتناقضات ابتكار شعار جديد «طريق القدس تمر بالزبداني».