IMLebanon

“المستقبل” و”الحزب”: الحقيقة شيء… وربط النزاع شيء آخر

 

 

شديدة الدقّة، بدت علاقة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بـ”حزب الله” مذ قرر الأول العودة إلى السراي الحكومي بعد انغماسه في تسوية رئاسية أخذ كل وقته في حياكتها، كما حين قرر فكّ ارتباطه بها تحت ضغط شارع ملتهب لم يعف أحداً من حممه.

 

إتخذ الحريري من ربط النزاع عنواناً لخيط رفيع يربط بين بيت الوسط والضاحية الجنوبية كي ينتقل من مربع الخصومة المطلقة إلى مطرح وسطي يترك للصلح مطرحاً، لكنه كان كفيلاً بتحويل “نجل الشهيد” إلى مرشح الثنائي الشيعي، الأول والأخير حين كانت الرئاسة الأولى تستدرج عروض الطامحين إلى خلافة رئيس “تيار المستقبل” في رئاسة الحكومة بعد انتفاضة 17 تشرين الأول.

 

الملفت أنّ الحريري بنفسه لم يتردد في استخدام النعوت الايجابية في وصفه سلوك “حزب الله” على طاولته الحكومية الأخيرة، وأنّه كان الأكثر حرصاً على الحكومة والأكثر قابلية وحرصاً على التنسيق والتعاون الايجابي مع رئيسها حين كان حلفاؤه المفترضون يمتهنون المعارضة و”التنقير” والتعطيل…

 

اليوم، تواجه هذه العلاقة استحقاقاً أساسياً قد يطيح بها أو قد يزيد من تماسكها وفقاً لتعامل الحريري مع هذه المحطة التي ستتولى المحكمة الدولية رسم مفاصلها. يوم السابع من آب المقبل ستصدر المحكمة الخاصة بلبنان قرارها بشأن قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، والعيون ترصد ردّ فعل “تيار المستقبل”.

 

حتى أنّ رئيس الحكومة حسان دياب لمّح إلى التاريخ المنتظر كواحد من المفاصل الأمنية الرخوة، حيث طالب “اللبنانيين بالتحلي بالجهوزية للتعامل مع ارتدادات استحقاق السابع من آب”، لافتاً إلى أن “المعلومات المتوفرة أمامهم تشير إلى أن المعنيين سيتعاطون بشكل مسؤول لوقف الاصطياد بالماء العكر الذي قد يلجأ إليه البعض” مؤكداً أن “مواجهة الفتنة أولوية ولا يفترض التساهل مع الموضوع”.

 

فماذا يقول المعنيون؟

 

خصص الرئيس الحريري جزءاً من بيان “كتلة المستقبل” الأسبوعي لوضع بعض النقاط الاستباقية على حروف الحكم المنتظر. إذ دعا “جمهور التيار والمحازبين الى وجوب الاعتصام بالصبر والهدوء والتصرف المسؤول وتجنب الخوض بالأحكام والمبارزات الكلامية قبل صدور الحكم”. بدوره، يلفت أحد نواب “كتلة المستقبل” إلى أنّ “أساس تعاطينا مع المحكمة الدولية كان على قاعدة فقدان ثقتنا في تلك اللحظة بالقضاء اللبناني وسيطرة النظام الامني اللبناني السوري بشكل شبه كامل على القضاء، ولذا لجأنا إلى القضاء الدولي على أمل تحقيق العدالة وكشف الحقيقة. وهذا ما ننتظره اليوم”.

 

ويقول: “لا نريد استباق الحكم، وان كانت الأدلة تشير في القرار الظني الى جهة محددة. ولكننا ننتظر الحكم النهائي وننتظر أن يكون هذا التاريخ يوماً للحقيقة والعدالة والاقتصاص من الفاعلين. وهذا هو هدفنا”.

 

يشير إلى أنّ “تحريض الشارع ليس وارداً في حساباتنا، ولذا نحرص على توجيه مناصرينا وكل جمهور رفيق الحريري باتجاه أن يكون يوم الحكم هو لسماع صوت الحق والحقيقة وتأكيد العدالة بعيداً عن أي مظاهر انتقامية. الثأر ليس هدفنا. ولا نريد الا الحقيقة ولن نقبل باستغلال الأمر في الشارع”. وقال: “نحن لا نعمل على استثمار الشارع في هذه المناسبة لأننا في موقع المسؤولية المعنوية ويجب أن نتحلى بالمسؤولية ولذا لن نسمح بالتفلت أو بالاصطياد في الماء العكر. واذا كان ثمة أطراف تريد الفتنة فعلى الدولة أن تقوم بواجباتها لمنع هذا السيناريو ولو أنّنا لا نملك أي معطيات عن لجوء أي طرف الى استغلال المناسبة لافتعال الاشكلات، وفي كل الحالات على المعنيين التصدي للأمر”.

 

يعتبر النائب ذاته أنّ “هدف “تيار المستقبل” هو كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، ولذا فإن جوهر خطابه سيكون المطالبة بتطبيق قرار المحكمة الدولية التي نشأت وفق قرار دولي فيما كل الحكومات السابقة كما الحالية أعلنت التزامها بالقرارات الدولية، وقد حان وقت الحقيقة كي تلتزم الدولة اللبنانية بما سينتج عن المحكمة الدولية من حكم قضائي. باختصار على الدولة تطبيق قرار المحكمة. نحن نريد مواجهة الفتنة ولكننا لن نتخلى عن مطالبتنا بتطبيق الحكم ومعاقبة القاتلين بعد تسليمهم”.

 

ماذا عن تأثير القرار على العلاقة مع “حزب الله”؟

 

يجيب نائب “المستقبل” أنّ “هناك اختلافات استراتيجية مع “حزب الله” منها مرتبط بعمل المحكمة الدولية وسلاح الحزب، وقد صغنا ربط نزاع كي لا نقيد العلاقة بالخصومة الدائمة، وقد يستمر هذا السلوك إلى حين ايجاد حلّ دائم في اطار الدولة والتزام الحزب بمشروع الدولة”.