على رغم الاجواء الضبابية التي سادت في الايام الاخيرة على خلفية المعركة المتقدمة في القلمون وارتداداتها على الاجندة السياسية والامنية والداخلية، فان اوساطاً نيابية في فريق 8 آذار كشفت ان العنوان الرئيسي المطروح اليوم في هذه الحرب «غير القصيرة» هو انهاء وحسم ملف الحدود الشرقية وقطع الباب نهائىاً امام اي تهديد بتسلل ارهابي ممكن من سوريا باتجاه القرى الحدودية اللبنانية، مؤكدة في الوقت نفسه ان الداخل بمنأى عن اي تطورات عسكرية اي ان الملفات السياسية المفتوحة اليوم على الساحة الداخلية ستبقى على حالها وفي مقدمها ملف الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» الذي، وان تعرض لبعض الاهتزازات بفعل المقاربة من قبل فريق 8 آذار وفريق 14 آذار وخصوصاً «المستقبل» لمعارك القلمون. واضافت الاوساط ان الحزب لم يبنِ مواقفه وقراره سواء بالنسبة للحرب على الارهاب او بمواصلة الحوار مع «المستقبل» على اي عوامل واعتبارات مهما كان نوعها او طبيعتها وخصوصاً الاعتبارات الاقليمية او الدولية او التحالفات والمصالح الداخلية. وانطلاقاً من هذا البعد «الامني» بالدرجة الاولى، يأتي قرار الاستمرار في ازالة المخاطر والتهديدات الناجمة عن بقاء التنظيمات الارهابية مسيطرة في منطقة قريبة من الحدود اللنبانية كما اضافت هذه الاوساط، التي اكدت ان هناك مصلحة للبنان كما هناك مصلحة ايضاً للنظام السوري.
اما بالنسبة للتداعيات العابرة للحدود والتي تطال الوضع الحكومي وان كانت الحكومة تحاشت البحث في التطورات العسكرية المتسارعة في القلمون، فان الاوساط النيابية نفسها، جزمت بأن نزع شبح التهديد الارهابي هو مطلب لكل الافرقاء السياسيين وفي مقدمهم تيار «المستقبل»، كما ان ترسيخ الاستقرار الامني في كل لبنان واقفال الباب امام امتداد كرة النار السورية هو مطلب لقوى 14 آذار التي لطالما دعت الى تحييد لبنان والنأي بالنفس عن الصراع السوري ولو ان هذا الامر اتى من اعتبارات وخلفيات متباينة عن اعتبارات حزب الله وقوى 8 آذار. وفي هذا المجال اعتبرت ان المعادلة «الحوارية» الداخلية لن تتأثر بكل الضجيج الدائر حول «حرب القلمون» التي قد تطول فصولها، مشددة على ان الضمانة التي يؤمنها هذا الحوار هي مظلة الامان التي تحمي لبنان في المرحلة الاقليمية الخطرة، وتبقي عليه متماسكاً ولو بالحد الادنى، في زمن الغاء الحدود الجغرافية بين الدول في المنطقة.
وفي السياق ذاته، تحدثت الاوساط النيابية عن ان وضع القلمون الامني قد طرح على طاولة الحوار بين الحزب والمستقبل في جلسة الحوار الاخيرة خاصة ان هذا الملف قد فرض نفسه من اكثر من زاوية امنية اولاً وسياسية ثانياً لجهة السجالات والحملات السياسية والاعلامية التي ترافق التقدم العسكري للحزب في ارض القلمون. وكشفت ان ممثلي «المستقبل» استمعوا الى عرض لكل التفاصيل المواكبة لهذه المعركة واحتمالات انعكاساتها داخلياً على القرى الحدودية في البقاعين الاوسط والشمالي وكذلك بالنسبة لقدرتها على ردع اي اعتداءات ارهابية محتملة على كل الاراضي اللبنانية. واذ لفتت الى ان موقف «المستقبل» ما زال ثابتاً من ان التدخل العسكري للحزب في سوريا لا يخدم المصلحة اللبنانية، اكدت في الوقت نفسه ان المتحاورين عرضوا لدور الجيش في ردع المجموعات الارهابية خصوصا في ضوء تأكيد «المستقبل» ان المؤسسة العسكرية هي الجهة الكفيلة بحماية القرى اللبنانية ومنع اي تنظيمات ارهابية من التمدد في اتجاهها.
وانطلاقاً من هذه الصورة الواضحة والشفافة لمسار الجلسة الاخيرة من الحوار الثنائي، خلصت الاوساط النيابية نفسها، الى التقليل من حجم التهويل المسجل في الايام الماضية لتداعيات معركة القلمون وخصوصاً بالنسبة لنسف الحوار السني ـ الشيعي، معتبرة ان لبنان محيّد امنياً وسياسياً عن هذه المعركة وذلك بقرار غير معلن من قبل كل الاطراف المتفقة بشكل مباشر او غير مباشر على انها غير معنية بمسار المعركة الامني او على الاقل حتى الساعة في المناطق السورية واللبنانية المتداخلة في القلمون.