يبدو أن الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و «حزب الله» في نسخته الـ 18 في دارة الرئيس نبيه بري في عين التينة، قد توصل الى تسوية من شأنها أن تخفف من الأزمة الحكومية وأن ترضي العماد ميشال عون في قضية ترقية الضباط، حيث اتفق على مخرج قانوني يتعلق بالمرسوم التطبيقي الذي لا يزال ساري المفعول بالنسبة لعديد الألوية البالغ ثمانية بالأساس، بينما العدد اليوم هو خمسة، حيث لم يمانع الطرفان، بحسب مصادرهما من العودة الى الرقم الأساسي (8)، مع التأكيد أنه لم يعد من الممكن الاستمرار في الشلل المسيطر على العمل الحكومي، وأنه لا بد من فكفكة الأزمات الواحدة تلو الأخرى، خصوصا في ظل الحراك الشعبي الضاغط.
وبانتظار أن يُصار الى بلورة هذه الايجابية في مجلس الوزراء، فإن قيام قوى الأمن الداخلي بقمع المعتصمين في ساحة الشهداء، بدا وكأنه من نتاج هذه الجلسة إنطلاقا من أن كل الاعتداءات والاعتقالات لا تحصل إلا بوجود غطاء سياسي لها.
هذه الأجواء والاتهامات ردت عليها مصادر المتحاورين، فأكدت أن كل ما يشاع هو مجاف للحقيقة، مشددة على أن من حق الناس أن تتظاهر وأن تعتصم وأن تعبر عن وجعها وعن أفكارها وأن تطالب بالتغيير، لافتة الانتباه الى أن أحدا لا ينزل اليوم الى الشارع إذا لم يكن لديه مطالب أو شعور بالظلم، ولكن كما يطالب المعتصمون بالمحاسبة وبتطبيق القانون، عليهم هم أيضا مسؤولية تطبيق القانون والحفاظ على سلمية الحراك ومنع أي مخل بالأمن من التواجد معهم.
وإذ أكدت مصادر المتحاورين أن هناك نقاشا جديا يحصل على طاولة الحوار في مجلس النواب في المطالب المطروحة من قبل المعتصمين، عبرت عن خشيتها من محاولات تهدف الى حرف الحراك الشعبي عن مساره الصحيح، وجرّه الى مكان آخر يصيب مقتلا من الحراك نفسه ومن البلد عموما، مشيرة الى أن المعتصمين شكوا مرات عدة من بعض المندسين الذين تبرأوا منهم، داعية إياهم الى التبصر بالأمور لأن الوضع دقيق ولا يحتمل أي مغامرة.
وتشير المعلومات المتوفرة لـ «السفير» الى أن الجلسة الـ 18 اتسمت بكثير من الايجابية وأن أجواءها كانت أفضل بكثير من الجلسة السابقة، حيث شدد المتحاورون على ضرورة الاستفادة من الحوار الثنائي في سحب أي احتقان يمكن أن يحصل في الشارع، لافتين الانتباه الى أن الشارع يتسم بهدوء غير مسبوق بفضل هذا الحوار، كما اقترحوا توسيع دائرة التبريد لتشمل المواقف السياسية بين الطرفين، وإيجاد آلية تخفف من ردات الفعل المتبادلة، وتضع سقفا لبعض التصريحات التي تساهم عن قصد أو عن غير قصد باثارة بعض الغرائز، واستهداف الحوار الذي ما يزال يعتبر ضرورة وطنية في ظل الظروف الصعبة والدقيقة التي ترخي بثقلها على لبنان.
وتضيف المعلومات أن المتحاورين أكدوا بأن لبنان محكوم بالحوار، وأن أحدا لا يريد ضرب الاستقرار الأمني الذي ينعم فيه البلد بشكل نسبي، لا سيما وسط البركان المشتعل في المنطقة، معتبرين أن الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري هو خطوة إيجابية ولا بد من دعمه، خصوصا أنه عمل على توسيع الحوار ليشمل كل الكتل النيابية، مؤكدين أن مشاركة تيار «المستقبل» و «حزب الله» فيه لا يلغي حوارهما الثنائي الذي يعالج مشاكل خلافية بينهما ويهدف الى وأد أي محاولة لاشعال فتنة سنية ـ شيعية.
وأكد المتحاورون أنهم محكومون بالتفاؤل، خصوصا أن هناك تسوية تجري بلورتها في كل المنطقة، ومن الأفضل أن نلجأ جميعا الى الحوار ليكون عبارة عن شبكة أمان للبنان، لحين انتهاء هذه التسوية.
ويقول مطلعون على أجواء الجلسة الـ 18 لـ «السفير» إنه لم يتم التطرق الى بند انتخاب رئيس للجمهورية كونه يُعالج على مستوى وطني على طاولة الحوار في مجلس النواب، لكن أجرى المتحاورون مقاربة حول كيفية فكفكة العقد الحكومية، مشددين على أنه لا يجوز الاستمرار بالشلل الحكومي، وأنه لا بد للحكومة من أن تقوم بأبسط الواجبات المنوطة بها لجهة إيجاد الحلول لمشاكل المواطنين، لا سيما في ظل التحركات الشعبية التي تعبر عن وجع الناس وعن تطلعاتهم باتجاه دولة فاعلة وعادلة.