Site icon IMLebanon

حزب الله» ـ «المستقبل»: إيجابيات.. لا تلغي الخلافات

هل تدخل البلاد في مرحلة جديدة تخرق الركود الحالي، بعدما مد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله اليد، في خطابه الأخير، الى الفريق الآخر، وعلى رأسه «تيار المستقبل»، بدعوته الى «تسوية شاملة» تثمر بعد المناخ الإيجابي الذي ساد البلاد اثر التفجير الإجرامي في برج البراجنة؟

هو سؤال يطرحه كثيرون، بالنظر الى ما يحدث في المنطقة من مشهد إراقة الدماء يخشى اللبنانيون أن يكون انفجار البرج فاتحة انتقاله الى لبنان، في مشهد يتخطى التفجيرات المتنقلة الى انتقال النار الإقليمية بعد فترة من التحييد عن الحدث الاقليمي.

يبدو ان القوى السياسية الرئيسية، وعلى رأسها «حزب الله» و «المستقبل»، ترغب في التأسيس على هذا المشهد وحفظه لأطول فترة ممكنة، حسب مصادر سياسية متابعة، تشير الى أن الحزب والتيار يشتركان في إدراك سلبية الوضع الحالي، وهما يريدان التنفيس قدر الإمكان من الاحتقان الحالي، الأمر الذي من المنتظر أن تترجمه جلسات الحوار، سواء الجماعي، أو الثنائي بين الطرفين.

وكان لافتاً للنظر التضامن الوطني الواسع واستنكار التفجير الإجرامي في برج البراجنة، حتى انه غابت الأصوات التي كانت تتعالى في السابق مع كل تفجير وتلقي باللائمة على «تورط» «حزب الله» في الحرب السورية واستدراجه للإرهاب الى الاراضي اللبنانية. كما كان لافتا للنظر، ان الحريري، الذي كان يسارع بعد كل خطاب لنصر الله، لانتقاد الأخير، مد يده هو الآخر الى انفتاح الأخير، ولاقاه في أهمية إنهاء حال الفراغ الرئاسي. وتشير المصادر الى ان الطرفين: «حزب الله» و«المستقبل»، يرغبان في حل لبناني داخلي قائم على انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة وإجراء انتخابات نيابية كون ذلك هو المعبر السياسي الشرعي لانتقال السلطة، وكل ذلك بناءً على اتفاق الطائف الذي يتمسك به الحزب والتيار، وأعاد كل من نصر الله والحريري التأكيد عليه.

ولعل أهم ما يلتقي عليه الطرفان، وغيرهما من القيادات الاساسية في البلاد، هو العمل على درء الفتنة عن اللبنانيين، وخاصة على الصعيد السني ـ الشيعي، الأمر الذي يعمل عليه بوضوح في المحيط الاقليمي.

من هنا، فإن أهم ما يبغيه الطرفان هو التوصل الى خريطة طريق سياسية للحل، انطلاقا من الرئاسة. لكن المصادر نفسها تدعو الى الحذر في مقاربة المرحلة المقبلة، وعدم الإيغال بالتقييم الإيجابي للأمور، كون العائق الاقليمي، وخاصة التوتر السعودي ـ الإيراني، لا يزال يحول دون تحقيق خرق ملحوظ في الحال السياسية السائدة، بغض النظر عن رغبة كل من قيادات «حزب الله» و «المستقبل».

وتشير المصادر الى ان القضايا الخلافية لا تزال غير متفق عليها، بدءاً من هوية منصب الرئيس المقبل الذي يرى «حزب الله» أحقية للعماد ميشال عون به أو ممراً له، في الوقت الذي يرى «المستقبل» ان الكلام الايجابي الذي سمعه التيار من نصر الله لا يصرف في ورقة الرئاسة، اذ ان التيار يصر على استبعاد عون كونه ليس مرشحا توافقيا، في ظل الفيتو السعودي عليه، ما يعطي تفسيرا لرفض «المستقبل» معادلة: عون رئيسا للجمهورية مقابل الحريري رئيسا للحكومة.

كما ان قانون الانتخابات يمثل عائقا آخر، اذ ان ماهية هذا القانون الذي من شأنه إعادة تشكيل أي سلطة سياسية، تختلف بين الحزب والتيار. وبينما يتبنى الحزب النسبية، تشير مصادر التيار الى انه من غير الممكن اعتماد النسبية الكاملة في ظل وجود السلاح. لكن «المستقبليين» يشيرون ايضا الى تنازل هام قدمه التيار مع قبوله بمبدأ «النسبية المجتزأة» بعدما كان رافضا بالمطلق لمبدأ النسبية. لكن هؤلاء يؤكدون انه، حتى المناصفة في القانون بين النظامين الأكثري والنسبي، غير مقبولة بالنسبة الى التيار، ذلك ان أقصى ما يقبل به «المستقبليون» هو نظام بأكثريته «أكثري»، على ان تترك نسبة معينة، لا تصل الى نصف مقاعد مجلس النواب، للنظام النسبي.

لذا، تشير المصادر السياسية الى أن الكلام الايجابي الاخير، جيد لناحية تنفيس الاحتقان السائد، إلا ان لا أفق له في ظل الانسداد الاقليمي، وعجز كل من الحزب والتيار عن صرفه محليا.

من هنا، تبدأ الخلافات من ماهية خريطة الطريق المؤدية الى الحل، مرورا بهوية الرئيس العتيد، وليس انتهاء بقانون الانتخابات. لكن المصادر تلفت النظر الى ان «حزب الله» و «المستقبل» لا يزالان على قناعتهما باستبعاد القضايا الخلافية الكبرى التي لا حل لها حتى وان نوقشت بالحوار، كقضية سلاح «حزب الله» وتدخل الأخير في سوريا.

وتخلص المصادر الى استبعاد توصل اللبنانيين الى حل قريب في السياسة، مع لفت النظر الى ان لبنان لا يزال في مرحلة الانتظار على اللائحة الاقليمية، والاشارة الى ان هذا البلد ليس في أولوية الملفات الاقليمية للدول الكبرى في المنطقة حيث يتصدر المشهد السوري تلك الاولويات، بالمشاركة مع المشهد اليمني.. لا بل ان المرحلة المقبلة سوف تشهد المزيد من الانشغال الدولي بهذين الملفين.. خاصة مع الانفلاش الدراماتيكي لـ «داعش» في العالم!