لا يجد «حزب الله»، ولا أياً من قياداته وحلفائه حرجاً في المضي بسياسة «النأي بالنفس» عن «اتفاق معراب».. طلب الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، من جميع القيادات والمسؤولين تجنب تناول هذه المسألة في المواقف السياسية والاعلامية ومن على المنابر، دليل على ان «ما وراء أكمة السكوت ما وراءها..»؟! الأمر الذي أثار في محازبي وأنصار «التيار الوطني الحر»، كما ولدى خصومه السياسيين، جملة أسئلة وتساؤلات عززت حملة التشكيك في صدقية، او في جدية التزام «حزب الله» تأييد وصول العماد ميشال عون الى القصر الجمهوري في بعبدا، «رئيساً ولا كل الرؤساء»؟!.
اللافت، أنه وفي المقابل، فإن أياً من قيادات «التيار الحر»، او «تكتل التغيير والاصلاح»، لم يطرح هذه المسألة، خصوصاً، وعلى ما تقول المعلومات، ان الاتصالات المباشرة بين قيادة الحزب العليا، و»جنرال الرابية» – المعزز بفائض قوة تبني ترشيح قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لرئاسة الجمهورية، لم تتوقف، بل على العكس من ذلك.
في «الحلقة الضيقة جداً» يبدي العماد عون تفهماً غير مشوب بالقلق لـ»تكتيك حزب الله»، وذلك على الرغم من سيل الأسئلة والتساؤلات الذي يتدفق عليه، سواء من «أهل البيت» أم من «القوات اللبنانية» وتحديداً جعجع، الذي ما انفك، وعند كل مناسبة، صغيرة أم كبيرة، يسأل عن سر احجام «حزب الله» عن القيام بدور مطلوب منه وبإلحاح، لحشد أكبر عدد من المؤيدين لترشيح عون، ولتوفير ظروف انعقاد جلسة رئاسية مكتملة النصاب القانوني ومضمونة النتائج لصالح «جنرال الرابية» لكن الجواب كان «لا جواب» و»لننتظر»؟!
في البدء، نظر «حزب الله» – على ما يقول أحد المواظبين على التواصل مع قياداته – «بمرونة كافية» الى تطور العلاقات بين «الصديقين اللدودين، عون وجعجع»، وهو، أي الحزب، كان علىاطلاع شبه يومي على سير الاتصالات، ولم يفاجأ أبداً بانجاز «اعلان معراب» الذي شكل تطوراً نوعياً في العلاقات، شرط ادارته بطريقة لا تجعل من هذا تبعاً لذاك ولا لذاك تبعاً لهذا في السياسة والمواقف التفصيلية.. وفي «التكتيك» يرى «حزب الله» ان ما تم في معراب، وقبله في «اعلان النيات»، خدمة لا تقدر بثمن لصالح حليفه عون، على رغم تباعد المواقف الاستراتيجية، من نتائجها المباشرة زعزعة بنية قوى 14 آذار، وزرع بذور التشكيك، الذي تعزز أكثر، بترشح النائب سليمان فرنجية من وراء ظهر رئيس «القوات اللبنانية»، وهو الذي «لا ينام على ضيم ولا يستسيغ الطعن في الظهر..» على ما قال مقرب منه.
ومع هذا، فإن «حزب الله»، ولاعتبارات لا يفصح عنها، يفضل التكتم وعدم البوح بمواقفه والتريث، لأسباب يختلط فيها الدولي بالاقليمي بالعربي واللبناني الداخلي، والمنطقة على أبواب مرحلة جديدة بعد تنفيذ «الاتفاق النووي» بين مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وفي طليعتها الولايات المتحدة، زائد المانيا، وبين ايران، ورفع العقوبات عن «الجمهورية الاسلامية» التي دخلت في «عصر ذهبي» مع الحشود الدولية على أبوابها.. \
اللافت أكثر، ان السيد نصر الله، يشدد في المقابل على تعزيز التواصل مع النائب سليمان فرنجية، وضخ أكبر قدر ممكن من الثقة في خطوط العلاقة بينهما.. الأمر الذي يكشف أحد أسباب نأي الحزب بنفسه عن «اعلان معراب»، على رغم تفاخره وتشديده على أنه ملتزم أخلاقياً وأدبياً بتأييد عون للرئاسة..
في قراءة البعض، ان فرنجية مرشح جدي للرئاسة.. وهو يبقى «خياراً احتياطياً واجب الوجوب..» ان أدت التطورات الى انسداد الآفاق في وجه العماد عون.. بل أكثر من ذلك، فإن هذا البعض بات يرى في فرنجية «ورقة تفاهم» بالغة الأهمية بين أبرز مكونات الثامن والرابع عشر من آذار، وتحديداً «المستقبل» و»حزب الله» و»أمل» والاشتراكي.. موقوفة على ما ستؤول اليه التطورات الاقليمية، وتحديداً في سوريا في ضوء العلاقات بين أبرز محورين، السعودية وايران.. وتأسيساً على هذا، يتجنب «حزب الله» أي «دعسة ناقصة» تسقط فرنجية في أيدي خصومه، وتحديداً «المستقبل» الذي لايزال وفق بعض أركانه على خيار دعم رئيس «المردة» لرئاسة الجمهورية، وإن أثارت هذه المسألة بلبلة مكشوفة وتباينات داخل صفوفه والمقربين منه والمحسوبين عليه، على نحو ما قاله وزير العدل أشرف ريفي الذي رفع السقف عالياً، باعلان رفضه انتخاب رئيس من «قوى 8 آذار»، داعياً كل قيادات وجمهور «14 آذار» الى «التعبير بكل قوة رفضاً لخيار الاستلام لايران والنظام السوري..» مشفوعاً ذلك بحملة 14 آذارية على وزير الخارجية جبران باسيل (رئيس «التيار الوطني الحر»، لم تكن تستهدفه بقدر ما كانت تستهدف «عمه» العماد عون.. «غير المضمون الولاء عربياً اذا ما وصل الى القصر الجمهوري..»؟!
تطمينات «حزب الله» لحليفه «جنرال الرابية» لم تتوقف ويحاذر الرهان على ان يكون «الشغور الرئاسي» موضوع مساومة بين الايرانيين والفرنسيين، وهو الذي «حفظ عن ظهر قلب» المعادلة الايرانية التي تقول «إن الاستحقاق الرئاسي في لبنان شأن لبناني داخلي» وهي الدولة (اي ايران) التي يؤخذ عليها «استباحة» حدود الدول والتدخل في أدق التفاصيل الداخلية وسببت اشكالية بالغة الخطورة مع سائر دول الجوار، وتحديداً المملكة العربية السعودية.. \
يتصف الايرانيون بـ»الصبر» و»النفس الطويل»، و»حزب الله» يسعى جاهداً الى ايصال رسالته الى حليفه العماد عون، خلاصتها «الصبر مفتاح الفرج»، لكن السؤال كيف ومتى وأين؟! وقد خلص الجميع الى القول بأن ما يجري «حركة بلا بركة» و»جعجعة من دون طحين..» وقد ظهرت الى الملأ أكذوبة «رئيس صنع في لبنان..»؟!