حَمل النائب السابق نوار الساحلي، أمس، لائحةً تضمّ نحو 1150 اسمَ نازحٍ سوري، وتوجّه إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وسلّمه إياها يداً بيد. لائحةٌ «مُفَلترة» ومُدقَقة، سبق أن طارت إلى سوريا، نُقِّحت وعادت وغطّت على الأراضي اللبنانية.
«حزبُ الله» أنجز كلّ العمل، بقي على الأمن العام تولّي الترتيبات اللوجستية. الحزب فتح مكاتبَ وجنّد أشخاصاً لتولّي هذا العمل، استقبل آلاف الراغبين بالعودة، ونسّق مباشرةً مع الحكومة السورية لتأمين عودة الذين تقدموا بطلبات. وحتى نسبة الواحد في المئة التي رفضت الحكومة السورية طلباتها، يتولّى الحزب تذليلَ العقبات التي تحول دون عودتها.
يصرّ الحزب على أنّ من مصلحة لبنان التنسيق مع النظام السوري في هذا الملف، وهو لن يوقف هذا التنسيق إلّا عندما تتولّاه الحكومة اللبنانية. وتقول مصادر «حزب الله» لـ«الجمهورية»، ردّاً على مَن يتهم الحزب بالقيام بعمل الحكومة: «نحن في انتظار قيام الحكومة بواجبها، ونتمنى على الحكومة الجديدة أيضاً أن تقوم بواجبها بالتنسيق مع الحكومة السورية وعندئذ نكون نحن في خدمتها، وفي انتظار ذلك سنتولّى نحن هذا الأمر، وذلك لمصلحة لبنان والسوريين لأنّ لبنان لم يعد يحتمل عبءَ النازحين».
عملياً، يرى البعض أن لا «فائدة عظيمة» ممّا يقوم به الحزب في هذا الإطار، فالأعداد التي سيعيدها إلى سوريا ضئيلة بالنسبة إلى مليوني نازح سوري منتشرين في مختلف المناطق اللبنانية. في الموازاة، يكشف النائب السابق نوّار الساحلي المُكلّف إدارة ملف النازحين، لـ«الجمهورية» أنّ آلاف الطلبات وصلت إلى مكاتب الحزب مذ بدأت عملها من نحو شهرين.
ويشير إلى أنّ لائحة الدفعة الأولى التي سلّمها إلى اللواء ابراهيم تضمّ نحو 1150 اسماً لنازحين من مختلف المناطق السورية يسكنون في مختلف المناطق اللبنانية، إلّا أنّ غالبيتهم تقطن في بيروت والجنوب، والعودة إلى ريف دمشق وحلب وحماة والرقة، وغيرها.
ويقول الساحلي: «كما وعدنا فعلنا، وأمّنا عودة عدد لا بأس به من الراغبين بالعودة طوعاً». ويعتبر أنّ الدفعة الأولى من العائدين هي إثبات على أنّ «المكاتب التي افتتحناها ليست وهمية أو فولوكلورية حسبما اتّهمَنا البعض»، مؤكّداً «أننا جدّيون ونتعاون مع كلّ من الحكومة السورية والأمن العام اللبناني، الذي ستكون العودة بعهدته».
«حزب الله» يُسلّم الأمن العام الأسماء «خالصين مخلّصين»، وتضمّ الدفعة الثانية من الأسماء التي سيسلّمها الحزب لإبراهيم نحو 600 اسم، ويتمّ حالياً تحضير الدفعة الثالثة، وذلك بعد أن تولّى التنسيق المباشر مع الحكومة السورية، فدقّقت بالأسماء وأعادت إرسالَ اللائحة التي وافقت عليها إلى الحزب.
وفي حين لم يشترط الحزب على مقدِّمي الطلبات أن يكونوا مؤيّدين للنظام، لم يدقّق أيضاً بهذه الطلبات، أما السوريون فلم يعترضوا إلّا على نسبة واحد في المئة من هذه الأسماء، إذ إنّ هناك أحكاماً على أصحابها أو تقارير عنهم. ولكن حتى هذه المشكلات يقوم الحزب بمتابعتها مع الجهات السورية وحلّها.
على غرار كل الملفات الإشكالية في لبنان، قد يقف البعض مُصفِّقاً لعمل «حزب الله»، إما تأييداً لأيّ عمل يقوم به مهما كان، وإما في سبيل «الخلاص من عبء النازحين». البعض الآخر، يرفض ما يقوم به الحزب، للأسباب الآتية:
– لأنّ «حزب الله» يحلّ محلّ الدولة وبقرار انفرادي منه يقوم بعملٍ من واجبات الدولة ومهامها حصراً.
– لأنه صادَرَ قراراً، تتّخذه الحكومة.
– لأنه يخرق بهذا العمل قرارَ النأي بالنفس، ويُحاول أن يثبت أنّ باستطاعته منفرداً فرض التطبيع مع النظام السوري، بمعزل عن قرار الحكومة أو القوى السياسية الأخرى، وبمعزل عن تداعيات هذا القرار على لبنان، في ظلّ عدم اعتراف عدد من الدول العربية والغربية المؤثرة بالنظام السوري.
ويسأل هذا البعض: بما أنّ روسيا حليفة نظام بشار الأسد، وبما أنها طرحت مبادرة لإعادة النازحين وتعمل على بلورتها، لماذا ينفرد «حزب الله» بإعادة بضعة آلاف من النازحين «ما بأخّروا وما بقدّموا»؟ وبالتالي، يعتبر هؤلاء أنّ هدف الحزب لا ينمّ عن حسن نيّة أو لأنه «عتلان هم» تداعيات النزوح، بل إنه يستغلّ هذا الملف لتلميع صورته أمام اللبنانيين، وللقول لهم «أنا البطل الذي سيريحكم من هذا الهمّ»، ولتأمين استمرارية التطبيع مع النظام السوري المعزول.