قال وزير سابق إنه يلقي تبعة إنقاذ لبنان من النار السورية على “حزب الله” أولاً لأنه هو الذي يستطيع اتخاذ قراراته من دون الرجوع حتى إلى الحكومة التي يشارك فيها، إنما الرجوع إلى راعيته إيران إذا كان القرار يعنيها، وان أي حكومة لا تستطيع اتخاذ قرار إذا لم يوافق عليه “حزب الله”…
لذلك، فإن على “حزب الله” تقع مسؤولية اتخاذ قرار بإنقاذ لبنان من النار السورية التي امتدت الآن إلى حدوده الشرقية وقد تمتد إلى حدوده الشمالية ومن ثم إلى داخل لبنان. ولا عذر للحزب إذا لم يفعل إلا إذا كان لإيران رأي آخر. وفي هذه الحال على الدولة اللبنانية أن تقوم بتحرّك ديبلوماسي واسع في اتجاه إيران لمعرفة حقيقة ما تريد من لبنان وفي لبنان. فإذا كانت تريد له الأمن والاستقرار كما تعلن، فما عليها سوى أن توعز إلى “حزب الله” بأن يسحب مقاتليه من سوريا خصوصاً أن مشاركتهم في القتال هناك لم تحقق الأهداف المرجوة وهي إبعاد التنظيمات الارهابية عن لبنان، وقد أصبحت داخل حدوده وبات على الحزب وعلى كل اللبنانيين التصدي لها ولكنهم ليسوا على اتفاق… في حين ان لبنان كان في غنى عن مواجهة كل ذلك لو أن “حزب الله” التزم سياسة النأي بالنفس عما يجري في سوريا ولم يورط نفسه فيها، فتلقّى لبنان واللبنانيون ردود الفعل على ذلك سيارات مفخخة وتفجيرات واغتيالات وعدواناً على عرسال ثم على بريتال ولا أحد يعرف متى دور بلدات أخرى.
ثمة من يقول إن التنظيمات الارهابية لا تنتظر انسحاب “حزب الله” من سوريا كي توقف عدوانها على لبنان لأنها تنفذ مخططاً جهنمياً يتناول دولاً في المنطقة. الجواب عن هذا القول، بحسب الوزير نفسه هو: إن “حزب الله” جرّب القتال من سوريا لمنع وصول التنظيمات الارهابية الى لبنان، فكانت النتيجة خلاف ذلك، فليجرب الحزب الانسحاب من سوريا ليرى ما إذا كانت هذه التنظيمات ستوقف عدوانها على لبنان أم لا. فإذا أوقفته فإن تدخل “حزب الله” في الحرب السورية دعماً لنظام الأسد يكون هو الذي جعل هذه التنظيمات ترد عليه في لبنان، وإذا لم توقف عدوانها حتى بعد انسحاب مقاتلي الحزب من سوريا، فإن لبنان يتصدى لها حكومة وجيشا وشعبا صفا واحدا ويدا واحدة وينتصر عليها بوحدته الوطنية، هذه الوحدة التي لن تتحقق إذا ظل “حزب الله” يقاتل في سوريا، ويضطر هو إلى أن يقاتل وحده التنظيمات الارهابية التي تعتدي على لبنان.
وتساءل الوزير السابق: أما آن الاوان لأن يقتنع “حزب الله” بأن القرارات المهمة لا ينبغي أن يتخذها وحده ثم يحمّل عواقب اتخاذها للدولة والشعب، في حين لو أنها اتخذت بالتوافق أو بالاجماع في مجلس الوزراء لتحمّل الجميع مسؤولية اتخاذها والعواقب.
لقد تفرّد “حزب الله” باتخاذ قرار الحرب ضد اسرائيل في تموز 2006 ووضع الدولة والشعب أمام الأمر الواقع، ولو لم تكن اسرائيل هي الدولة العدوة في نظر الجميع لما كان استطاع “حزب الله” جعل اللبنانيين يستوعبون نتائج تلك الحرب المدمرة وما سقط فيها من قتلى وجرحى وما اصاب لبنان ببنيته التحتية ومرافقه ودمر ممتلكات عامة وخاصة. لكن تفرده باتخاذ قرار المشاركة في الحرب في سوريا من دون موافقة مجلس الوزراء ومخالفة سياسة النأي بالنفس التي نالت الحكومة الثقة على أساسها وكذلك مخالفة “إعلان بعبدا” الذي صدر بإجماع أقطاب الحوار في قصر بعبدا، زاد انقسام اللبنانيين سياسيا ومذهبيا وجعل الحزب يواجه وحده نتائج تفرّده في اتخاذ القرارات. فهل باتت الفرصة سانحة لـ”حزب الله” كي يعيد النظر في مواقفه فيقرر الانسحاب من سوريا لأن الحكومة بتركيبتها قد لا تتفق على اتخاذ هذا القرار إلا إذا كان الحزب موافقا على ذلك. ومتى انسحب الحزب من سوريا، فإنه يستطيع عندئذ إعادة اللحمة بين اللبنانيين وترسيخ الوحدة الوطنية وجعلهم يقفون صفا واحدا في مواجهة أي عدوان من حيث أتى. وهذه الوحدة تقود الى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهوريّة والاتفاق على قانون جديد تجرى الانتخابات النيابية على أساسه وعلى تشكيل حكومة وفاق وطني حقيقي وشامل تصلح ما يجب اصلاحه سياسيا وامنيا واقتصاديا وماليا. وعندها يكون الفضل لـ”حزب الله”في انقاذ لبنان مما يجري حوله وإخراجه من دائرة الخطر ومن كل خطر محتمل بالعودة إلى تأكيد تحييد لبنان عن كل صراعات المحاور، لأنه وحده يحمي سيادته واستقلاله واستقراره السياسي والامني والاقتصادي. فالمرحلة كما يقول المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم “تستدعي استنفاد كل الاجهزة المدنية والعسكرية في الدولة وعدم ترك الارهاب يتسلل، فالتغافل عن خطره والتلهي بالخلافات الثانوية والهامشية، يدفع لبنان الى الهاوية، والوقوع فيها هذه المرة سيكون قاضيا لانتفاء طوق النجاة واستحالة الخروج منها”.