IMLebanon

«حزب الله» يداوي جروحه «البلدية» باستئصال.. قياداته البقاعية

 

 

 

حتّى الساعة، لم يستطع «حزب الله» أن يهضم الضربة القاسية التي تلقّاها في مدينة بعلبك مع انتهاء الإنتخابات البلدية والإختيارية في محافظتي بعلبك- الهرمل والتي أفضت الى خسارة رجله مصطفى طه رئيس اتحاد بلديات الهرمل وتصويت ما يُقارب 48 في المئة من الناخبين في بعلبك للائحة المنافسة له.

الشعور بالإحباط كان موجوداً والإحساس بإنفلات جزء كبير من البيئة والجمهور كان هو الآخر حاضراً في الآونة الاخيرة، لكن أحدا في «حزب الله» من أصغر عنصر الى رأس الهرم لم يكن يتوقّع هذه النتيجة «المُذلّة» التي حصل عليها في الإنتخابات البلدية الاخيرة خصوصاً وانه خاض هذا الإستحقاق ضمن تركيبة أو تحالفات حزبية واسعة وهو الذي اعتاد خلال الإستحقاقات السابقة خوضها مُنفرداً من دون حتّى مراعاة وضع العشائر البقاعية وخصوصياتها، لكن تحالفاته لم تُسعفه حتى في حفظ ماء وجهه أمام الخمسين في المئة الذين صوّتوا له بدافع حزبي ومالي فقط.

الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ليس راضياً على الإطلاق عن نتائج إنتخابات البقاع ولا عن الآلية التي اتبعها الحزب لخوض هذه «المعركة» ولا حتّى عن عمل ماكينته الإنتخابية. هذا ما تؤكده اوساط قريبة من الحزب في منطقة البقاع الشمالي التي يعتبرها اليوم واجهته للحرب التي يخوضها في سوريا. وتعتبر الأوساط أن فوز لوائح الحزب بهذه الأصوات الضئيلة يؤكد أن هناك تبدلاً في المزاج البقاعي سوف ينعكس بالتأكيد على أي عملية إنتخابية لاحقاً وخصوصاً النيابية، ومن هنا بدأ الحزب ينشط أكثر من أي وقت مضى باتجاه منع حصول إنتخابات رئاسية كي لا تليها إنتخابات نيابية يعرف مُسبقاً أنه لن يكون فيها الطرف الأقوى خصوصاً بعدما أصبح للعائلات والعشائر ماكيناتهم الإنتخابية الخاصة والفاعلة وهذا ما ظهر مؤخراً من خلال التنسيق في ما بينها وطريقة توزيع ماكيناتها ومندوبيها على أقلام الإقتراع وهو ما فاجأ الحزب نفسه.

تقصّد نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن يعقد مؤتمره الصحافي بعد صدور نتيجة الإنتخابات في البقاع وإلى جانبه النائب علي المقداد ومسؤول منطقة البقاع في الحزب محمد ياغي، وذلك بهدف إضفاء صورة على متانة العلاقة التي تجمع «حزب الله» بالعشائر وللقول إن الأصوات التي ذهبت للائحة المنافسة إنما هي أصوات شاذّة بعيدة عن أدبيات هذه العائلات والتزامها بخط «المقاومة»، لكن في حقيقة الأمر أن الحزب قد لمس فعليّاً مدى تراجع شعبيته بقاعاً نتيجة غياب الخدمات البيئية والاجتماعية والإنمائية عن المنطقة وأهلها، الأمر الذي جعل البعض مطلوباً للدولة فيما قرّر البعض الآخر ركوب موجة الحرب السورية مقابل راتب شهري يقيه شر الجوع والعوز أقله حتّى منتصف الشهر.

«الإرتكابات بحقنا كثيرة، والأهمال فاق الحد المعقول، أمّا التعاطي الفوقي من قبل قياديي وعناصر الحزب، فحدّث ولا حرج«. بهذه الكلمات يصف جزء غير قليل من أبناء بعلبك والهرمل علاقتهم بـ»حزب الله» اليوم. يُسمع في البقاع أن عناصر الماكينة الإنتخابية التابعة للحزب لم يتعاملوا بشكل لائق مع أبناء المناطق، حيث أن دعواتهم المواطنين للإنتخاب كانت تتم عن طريق التهديد المُبطّن كأن يتم تبليغهم بأمكنة سكنهم أو عملهم وعدد أفراد عائلاتهم ونوع عملهم، بالإضافة إلى إمكانية معرفتهم لاحقاً في حال قد تم التصويت للائحة الحزب أم لا. ويُخبر قيادي سابق في «حزب الله» في منطقة البقاع، أن الشيخ نعيم قاسم هو في الأصل شخصية غير مُحبّبة في أوساط الحزب وتحديداً في البقاع، وبما أنه هو المسؤول «الشرعي» عن الإستحقاقات الإنتخابية كافة، فقد انعكس هذا الأمر أيضاً بشكل سلبي داخل صناديق الإقتراع.

المؤسف أن النتائج التي أظهرت تراجعاً ملحوظاً لـ»حزب الله» داخل بيئته، لم تكن درساً كافياً لجعله يُراجع الأخطاء التي وقع فيها طيلة فترة حُكمه وتحكّمه بمنطقة البقاع، بل راح يبحث عن حلّ لها داخل تركيبته الحزبية وقاعدته، الأمر الذي سيوقعه مجدداً في شرك أخطائه. لذلك، تؤكد المصادر أنه وبعد إنتهاء الإنتخابات البلدية في لبنان، سوف يقوم الحزب بإجراء تعديلات وتبديلات عدة في قيادته في منطقة البقاع وسوف تطال هذه التعديلات شخصيّات مهمة حمّلتها قيادة «حزب الله» مسؤولية التراجع في البقاع كونها عملت طوال الفترة الماضية على تحسين حساباتها المصرفية على حساب أهل المنطقة وحاجياتهم. لكن البقاعيين أكدوا أكثر من مرّة لأكثر من شخصية في الحزب، أن المشكلة ليست في أشخاص او مسؤولين، بل في العقلية التي تتبعها قيادتهم لجهة طريقة تعاطيها مع من لا ينتمون إلى «حزب الله» واعتبارهم خصوماً دائمين أو أعداء يجب التخلّص منهم إمّا عن طريق التشهير بهم، وإمّا بوصفهم خونة للقضية و»المقاومة».