كسرت زيارة وفد «حزب الله» الى مصر للتعزية برحيل الكاتب العربي الكبير محمد حسنين هيكل، برودة شابت علاقة الحزب بالنظام المصري الذي تمحض عن «ثورة 30 يونيو».
إذ إن علاقة الحزب التي تحسنت نوعاً ما مع النظام المصري في فترة الرئيس المخلوع محمد مرسي الذي شكل واجهة لحكم «الإخوان المسلمين»، ما لبثت أن تراجعت في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
منذ «30 يونيو» 2013، تجمدت العلاقات بين القاهرة والحزب، الأمر نفسه شاب علاقة «حزب الله» مع المرجعية السنية الأكبر في العالم الإسلامي، أي الأزهر، الذي خرج من بعضه خطاب مذهبي وتخويف من حملات تشييع مبالغ فيها..
ثمة تغيرات تشوب المنطقة حاليا، أساسها المسرح السوري الذي اتخذت منه القاهرة موقفاً متقدماً بلاءاتها الثلاث: لا لإسقاط النظام، لا لتدمير الجيش السوري ولا لتخريب المؤسسات. يضع البعض تلك اللاءات الثلاث في إطار سياسة مصرية لا رجعة فيها في مواجهة الإرهاب، الأمر الذي تتقاطع فيه القاهرة مع دمشق.
انطلاقا من المسرح السوري، كبر التباين المصري ـ السعودي، الذي كان قد بدأ مع «عاصفة الحزم» في اليمن التي رفضت القاهرة المساهمة بها برياً، واكتفت بإعلان تأييدها لها! يأتي ذلك في الوقت الذي يسود فيه علاقة مصر بتركيا جفاء كبير لانحياز الأخيرة الى «الإخوان» المسلمين ورموز النظام المصري السابق، كما في الوقت الذي تتسع فيه الهوة بين القاهرة والدوحة على خلفية اصطفاف قطر وراء «الإخوان».
في ظل ذلك كله، يبدو أن القاهرة فتحت صفحة جديدة مع إيران، وكان ترحيب ملحوظ بوفد الحزب المعزي بهيكل. ثمة مبادرة لزيارة مصر حملها مسؤول العلاقات العربية في الحزب الشيخ حسن عز الدين لدى تقديم وفد من الحزب التعزية بهيكل في السفارة المصرية في بيروت. استجاب المصريون سريعا لطلب الحزب، وكانت حفاوة كبيرة بوفده الى القاهرة الذي تألف أيضا من النائب علي المقداد ومسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف.
التعازي جاءت باسم الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله وباسم «المجاهدين» في الحزب، لما لهيكل من تقدير واحترام وكونه شخصية كبيرة وشجاعة «ولطالما امتلك حبا كبيرا للمقاومة وهو راهن عليها في مراحل مختلفة لكونها مشروع نهوض في وجه العدو الإسرائيلي» كما تفيد شخصية شاركت ضمن وفد الحزب.
الزيارة لم تقتصر على التعزية في مسجد عمر مكرم في القاهرة حيث التقى الوفد شخصيات مصرية بارزة، بل انها شملت أيضا لقاءات مصرية خارج إطار تلك التعزية، عاد على اثرها الوفد بانطباع إيجابي وبناء، لا بل كان ثمة شعور بأن الأمور عادت الى نصابها..
لم يتمكن وفد الحزب من لقاء شيخ الازهر أحمد الطيب الموجود في اندونيسيا حيث أدلى بخطابات لقيت صدى إيجابيا لدى أبناء المذهب الشيعي في مختلف أنحاء العالم، وخصوصا لجهة قوله ان الإسلام لا يطير من دون جناحي السنة والشيعة.
ثمة شعور بأن العلاقة بين الأزهر و «حزب الله»، تشهد تطوراً تبدو المنطقة بأمسّ الحاجة اليه مع خطاب وحدوي بوجه التيارات التكفيرية التي تجتاح أماكن مختلفة من المنطقة، كما من أجل رص الصفوف بوجه العدو الأكبر للأمة، أي إسرائيل.