«حزب الله» أمام خيار تأييد فرنجية للرئاسة مقابل عون وإلّا المجازفة بوصول مرشّح من خارج تحالفاته
نصر الله قادر لوحده على إقناع رئيس تكتل التغيير والإصلاح بالإنسحاب من السباق الرئاسي
تراجع الكلام السياسي عن المبادرة ليس معناه فشلها أو سقوطها كما يحلو للمعترضين عليها القول!
رأت مصادر سياسية أنه ليس بالضرورة أن يكون صمت «حزب الله» تجاه المبادرة المرتكزة على انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية بالرغم من مرور أكثر من شهر على الكشف عنها، بسبب رفضه المطلق لها كما يروّج البعض وخصوصاً في أوساط «التيار العوني» والقوى المسيحية الأخرى، وإنما قد يكون لإفساح المجال لكي تأخذ هذه المبادرة حقها في النقاش بين مختلف الأطراف لاستمزاج آرائها ومعرفة مدى استعدادها للسير فيها والموافقة عليها، لا سيما وأنها أفرزت واقعاً جديداً تمثّل بوجود مرشحين اثنين من نفس التحالف الذي يتزعمه «حزب الله» في قوى الثامن من آذار، وهذا الواقع يتطلّب أسلوباً متميّزاً في التعاطي معه، خلافاً لوجود مرشّح واحد للتحالف كما كان عليه قبل إعلان فرنجية ترشحه لمنصب رئاسة الجمهورية.
وتقول المصادر ذاتها إن الفارق بين النائب ميشال عون مرشح الحزب للرئاسة، كما أعلن ذلك الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وغيره من قادة الحزب طوال مُـدّة الشغور الرئاسي منذ أكثر من عام ونصف العام والنائب فرنجية أن الأخير يتميّز بحصوله على دعم زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري مما يعطيه دفعاً قوياً للفوز بالرئاسة ولديه فرصة فريدة لا يمكن لأحد التنكّر لها، وهذا الواقع يضع «حزب الله» أمام خيار من إثنين، فإما أن ينتهز هذه الفرصة ويدعم فرنجية للرئاسة مقابل تخليه عن عون وبذلك يكون قد ضمن وصول أحد أركان التحالف إلى رئاسة الجمهورية وهو ما كان يسعى إليه باستمرار وإما أن يتمسّك بعون مرشحاً للرئاسة كحجة ظاهرية لاستمراره بتعطيل انتخابات الرئاسة وإطالة أمد الفراغ الرئاسي لحين تبيان مستجدات التفاهمات والتسويات في سوريا والمنطقة ككل، وفي هذه الحالة يُجازف بخسارة وصول الأخير للرئاسة كونه ليس قادراً على الفوز بدعم خصومه السياسيين لهذا الترشح، والأرجح أن يتجه الحزب بالنهاية إلى إقناع عون بالتنحي لصالح تأمين فوز فرنجية بالرئاسة لضمان بقاء منصب الرئاسة ضمن تحالف قوى الثامن من آذار، ولئلا يؤدي سلوك الحزب في تعطيل انتخاب فرنجية تحت أي حجة أو سبب أكان للتمسّك بترشح عون وحيداً أو المطالبة بتفاهمات غير منطقية ومقبولة من خصومه في «تيار المستقبل» وحلفائه الآخرين إلى طرح شخصية أخرى من خارج تحالف 8 أو 14 آذار لمنصب الرئاسة وهذا الخيار لا يمكن استبعاده مستقبلاً.
ومن وجهة نظر المصادر فإنه من الطبيعي ان تتطلب مسألة إقناع عون للانسحاب من الترشح للرئاسة الأولى لصالح النائب فرنجية مزيداً من الوقت وليس بالسرعة التي يتوقعها البعض، وهذا يعني في النهاية إطالة أمد تنفيذ المبادرة خلافاً لتوقعات سياسة سابقة، ولكن لا يبدو الأمر مستحيلاً ما دام «حزب الله» يدعم المبادرة ويسير فيها حتى النهاية لأنه الطرف الوحيد القادر بالنهاية على الطلب من رئيس تكتل التغيير والإصلاح الانسحاب من السباق الرئاسي وخصوصاً إذا كانت مصالح الحزب المحلية والإقليمية تصب في خانة تنفيذ المبادرة وانتخاب فرنجية رئيساً، وهذا الخيار يبدو مرجحاً تجاه أي خيار آخر يسلكه الحزب في المرحلة المقبلة التي قد تستغرق أسابيع عدّة واشهراً معدودة استناداً إلى وقائع عدّة، أبرزها عدم صدور أي ردّ فعل للحزب على الإطلالة الإعلامية الأخيرة للنائب فرنجية والتي أعلن خلالها ترشحه للرئاسة وضمنها انتقادات حادّة للنائب ميشال عون وكشف خلالها انه وضع الحزب وخصوصاً الأمين العام وحلفاء آخرين في أجواء الاتصالات التي أجراها مع الرئيس سعد الحريري بخصوص المبادرة، الأمر الذي شكل مفاجأة للتيار العوني على مختلف المستويات، في حين لم يصدر أي نفي أو تكذيب أو انتقادات لمضمون هذه المواقف باستثناء إشارات بالواسطة وغير مباشرة في بعض وسائل الإعلام والانتقادات الصحفية التي فسرها البعض بانها للتقليل من وقع مواقف فرنجية على النائب ميشال عون ولابعاد شبهة تأييد الحزب لهذا الترشح في الوقت الحاضر على الأقل.
وتعتبر المصادر السياسية البارزة ان تراجع الكلام السياسي عن المبادرة حالياً ليس معناه فشلها أو سقوطها نهائياً كما يحلو للمعترضين عليها القول، وإنما بسبب انشغالات العديد من السياسيين والسفراء والدبلوماسيين المعنيين فيها بفرص الأعياد من جهة ولاتاحة مزيد من الوقت لتذليل الصعاب والعقبات والتحفظات لدى بعض الأطراف والجهات السياسية، في حين يلاحظ بوضوح وبالرغم من كل ذلك بروز المبادرة في معظم الخطب والمواقف وحتى العظات الدينية البارزة في هذه المناسبات وتفاوت التقديرات بخصوص نجاحها أو فشلها، ولكن لا يبدو ان هناك أي طرف جاهز لتحديد مصيرها بشكل نهائي في الوقت الحاضر.
وتوقعت المصادر ان تنشط الحركة السياسية مجدداً بشأن إعادة تفعيل الاتصالات والتشاور بشأن المبادرة بعد عطلة الأعياد بين مختلف الأطراف السياسيين، الا انها استبعدت ان ينسحب النائب عون من السباق الرئاسي بارادته في القريب العاجل استناداً لتزايد التأييد السياسي من حلفائه وخصومه لترشيح فرنجية للرئاسة الأولى، ولكن تسارع الحركة الإقليمية والدولية بخصوص الأزمة السورية وإيجاد الحلول لها، قد يسرع الحركة الداخلية باتجاه تنفيذ المبادرة المطروحة على بساط النقاش السياسي حالياً بمعزل عن وجود أي طرح بديل من أي جهة كانت، الأمر الذي يعطيها دفعاً استثنائياً إلى الامام ولكن تنفيذها حتى انتخاب فرنجية لا يمكن الإجابة عليه حالياً.