Site icon IMLebanon

«حزب الله» أمام تحدِّي الإلتزام ببيان العودة عن الإستقالة وترجمة مضمونه

«حزب الله» أمام تحدِّي الإلتزام ببيان العودة عن الإستقالة وترجمة مضمونه

النأي بالنفس الطريق الأقصر لحماية لبنان من تداعيات الصراعات والحروب

 

أعطى البيان الذي أصدره مجلس الوزراء بعد اجتماعه الاستثنائي أمس وأعاد معه الرئيس سعد الحريري عن استقالته، دفعاً جديداً للحكومة لإعادة تجميع قواها وتفعيل أدائها، على أمل أن يُصار إلى التعهد بمضمونه وتحديداً في ما يتعلق بسياسة النأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة، لتستعيد العلاقات اللبنانية الخليجية عافيتها ويُصار إلى طي صفحة الأزمة السياسية والدبلوماسية التي تسببت بها ممارسات «حزب الله» في الأشهر الماضية، وما خلّفته من ردات فعل خليجية، محمّلة الحكومة اللبنانية مسؤولية ما آلت إليه الأمور على هذا الصعيد.

وإذا كان بيان الحكومة جاء بإجماع الأطراف السياسية المشاركة في مجلس الوزراء، فإن ذلك يحمّلها مسؤولية كبيرة في الالتزام ببنوده في التعاطي مع الأزمات التي تعصف بالمنطقة، وهو الأمر الوحيد لتحييد لبنان عما يجري حوله وحماية استقراره وأمنه، حيث تشير في هذا الإطار مصادر وزارية لـ»اللواء»، إلى أن موافقة «حزب الله» من خلال وزيريه في الحكومة على البيان الذي صدر، يرتّب عليه مسؤوليات لا يمكن التهرّب منها، حرصاً على حماية لبنان من أزمات المنطقة، بعدما ظهر بوضوح أن لا قدرة للبلد على مواجهة تداعياتها في حال قرر السباحة عكس التيار العربي، الأمر الذي يفرض على القوى السياسية اللبنانية أن تعي جيداً خطورة هذا الأمر وانعكاساته على لبنان. ولذلك كان من الطبيعي أن تعود الحكومة إلى التشديد على سياسة النأي بالنفس عن الصراعات المحيطة بلبنان، كونها الطريق الأقصر والأسلم التي تؤمن تحييد البلد عن هذه الصراعات، وبما لا يترك انعكاسات سلبية عليه في المرحلة المقبلة، مشددةً على أن الرئيس الحريري مرتاح لما صدر عن الحكومة، وهو بذلك حقق مطالبه التي أعلنها في الاستقالة التي تقدّم بها، الأمر الذي جعل الأطراف الأخرى تراجع حساباتها وتقتنع جدياً بأن لا سبيل للبنان لتحصين ساحته الداخلية، إلا من خلال النأي بنفسه والابتعاد عن سياسة المحاور التي لا تفيده بشيء، سوى أنها تعزز الانقسام الداخلي وتشرِّع الأبواب أمام العواصف الهوجاء. فكان من الطبيعي وفي ظل الحاجة الدولية لبقاء لبنان مستقراً في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها المنطقة، أن تتضافر الجهود الدولية والعربية في آن، من خلال الحراك الفرنسي المصري الذي برز بشكلٍ لافت بعد تقديم الحريري استقالته، من أجل منع تفاقم الأمور وذهابها إلى مكانٍ لا يريده أحد، فكانت عودة الرئيس الحريري إلى بيروت بعد محطةٍ باريسية لبضعة أيام، بالتوازي مع استكمال الجهود التي بذلها الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي، سعياً لإنجاز التسوية الجديدة التي أعادت الرئيس الحريري عن استقالته، كما أعادت اللحمة إلى الحكومة ووضعتها أمام مسؤولياتها مجدداً، بما يتصل بضرورة عدم تعريض علاقات لبنان مع أشقائه العرب لمخاطر لا يمكن التكهن بنتائجها، في حال خروج لبنان عن سياسة النأي بالنفس كما حصل في الأشهر الماضية، حين تجاوز «حزب الله» خطوط البيان الوزاري للحكومة عند تشكيلها، ما عرّض العلاقات اللبنانية الخليجية لأزمات متتالية قاربت الخطوط الحمر، وهو الأمر الذي سبق وحذر منه الرئيس الحريري في أكثر من مناسبة، داعياً «حزب الله» إلى العودة إلى لبنان والكف عن سياسة التدخل في شؤون الدول العربية وعدم تحميل لبنان وزر حروبه الإقليمية.

وتشير هذه الأوساط إلى أن «حزب الله» أمام اختبار جدي، من ناحية الالتزام بما تعهد به من خلال البيان الذي صدر عن الحكومة، حيث أن مصلحة لبنان يجب أن تتقدم على أي مصلحة أخرى على هذا الصعيد، ولا يجوز بالتالي التهرب من الالتزامات والمسؤوليات المترتبة على موافقة جميع الأطراف الحكومية على البيان بكافة مندرجاته، باعتباره يشكل مخرجاً جدياً وحقيقياً من الأزمة التي عصفت بالبلد الشهر الماضي ووضعت لبنان أمام منعطفٍ شديد الخطورة.