يرى سياسي بارز متخصص بالشؤون الامنية انه يستحيل على حزب الله التصعيد في تصرفاته كي لا يزيد في معاناته السياسية، وهو على مشارف اجراء انتخابات نيابية لم يعد لبنان بعيدا عنها، اضافة الى استحقاق رئاسي لا بد منه مهما تبدلت الاوضاع الاقليمية والدولية، مع الاخذ في الاعتبار ايضا ان الظروف العامة في لبنان تحتم على الجميع اعتماد التهدئة من غير حاجة الى القول ان الحزب بات محرجا بتصرفاته بعد الاجراءات الامنية التي اتخذتها الدولة ونفذها البنك المركزي والقطاع المصرفي، الامر الذي دفع المراقبين الى اتهام الحزب بمتفجرة لبنان والمهجر، من دون حاجة لان يكون له دور فيها!
ان تصرف الحزب في حال كانت له يد في متفجرة شارع فردان، يوحي بالضروري انه محرج جراء ما لحق به من اجراءات مالية حظرت عليه سهولة الحصول الى سيولة نقدية، طالما ان السبب الرئيسي للاجراء المالي هو تجفيف مصادر دخله، وهذا ما حصل بالفعل نتيجة الاجراءات المشار اليها وهذا مرشح لان يتفاعل ماليا نظرا لحاجة الحزب الى سيولة تكاد تشبه مالية الدولة حيث انه قد ربط نفسه بسلسلة طويلة عريضة من النشاطات الاقتصادية والتربوية والطبية لا يعقل ان يمنع نفسه من الصرف الدوري عليها.
فضلا عن كل ما تقدم فان حزب الله مرتبط بمرتبات يدفعها شهريا لكل المنتمين اليه قياسا على ما هو قائم منذ وقت طويل حيث كانت ايران تتكفل بالصرف عليها، الى حين وطد الحزب اقدامه لجهة تأمين مداخيل لم يعد في وارد الحصول عليها بعد عمل المصارف بالاجراءات النقدية، ما يستوجب عودته مجددا الى النبع الايراني الذي يتعذر عليه تأمين ما يرجوه بعدما توسعت مصاريف الحزب باتجاهات تصعيدية لم تعد ايران قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاهه، مع العلم ان المصادر المالية التي تصله من تجار ومتمولين في القارة الافريقية اصبحت تحت المراقبة.
والشيء بالشيء يذكر بالنسبة للحقائب الديبلوماسية – المالية التي كانت تصل الى الحزب دوريا، فانها قد تراجعت تماما جراء المراقبة المفروضة على حركة الطيران في لبنان والخارج، الامر الذي لم يعد يسمح بنقل كميات ضخمة من الاموال تقدر شهريا بزهاء سبعماية وخمسين الف دولار اضف الى ذلك الناتج الشهري الدوري الذي يصل الى الحزب من خلال اعمال وسمسرات غير معروفة المصدر، بما في ذلك من اموال مرتبطة بعائدات تجارة المخدرات المتفشية في عدد من الدول الاوروبية الشرقية!
خلاصة الكلام السياسي ان حزب الله لم يعد مرتاحا الى وضعه العام بعد الضربة التي اصابته جراء الاجراءات المالية التي نفذتها المصارف اللبنانية والخارجية بحقه برعاية مباشرة من المصرف المركزي الذي بات مطلعا تماما على مالية الحزب ومصارفاته، من دون ان يتأثر بأي كلام تخويفي القصد منه «تأديب القطاع» من خلال عمليات تفجير وتفخيخ، اضف الى ذلك ما تردد عن توزيع تهديدات لشخصيات عززت الاعتقاد ان الحزب اصبح امام خيار من اثنين. اما رفع الوتيرة الامنية في لبنان من خلال عمليات تفجير، واما تنفيذ عمليات اغتيال بحسب توقعات جهات اجنبية لم تستبعد ذلك!
يفهم من كل ما تقدم ان الوضع العام في لبنان مرشح لان يتأثر بأي تصرف من جانب حزب الله، وفي حال حصول اي حادث امني، فان الاشارة لا بد وان تؤكد ضلوع الحزب في اي تصرف مشبوه، قياسا على ما قاله السياسي البارز المتخصص بالشؤون الامنية لجهة استحالة حصول ما يفهم منه ان حزب الله سيكون مرتاحا الى حاله السياسية والامنية العامة؟!
هذه الامور تشير صراحة الى الخوف من حصول تطورات ان جاءت من جانب حزب الله او اي جانب اخر، لاسيما ان جهات خارجية يهمها ان لا يكون لبنان في وضع مقبول، عملا بالنصيحة القائلة ان الوضع المتفجر في سوريا لا يسمح لاحد في لبنان بأن يكون مرتاحا الى وضعه، وهذا ما يمنع الحزب من ان يتصرف على هواه سياسيا وامنيا خصوصا ان مجالات تعافي لبنان غير متيسرة في الوضع الحاضر وهذه من الامور المتعارف عليها قياسا على التطورات التي تحول دون ان يكون لبنان في وضع طبيعي.
لقد صدر عن حزب الله ما يفهم منه انه لن يعلق راهنا على ما تردد ازاء اتهامه بمتفجرة مصرف لبنان والمهجر، على اساس ان «الحزب على صيام وينأى بنفسه عن اي تعليق»، مع ما يعنيه ذلك من ان مسؤولي الحزب سيعلقون على الاتهام الذي نسب اليهم، وهذا يحتم انتظار بعض الوقت حيث لا بد من تعليق ينفي فيه الحزب التهمة ويلصقها بغيره جريا على العادة حيث لا يعقل ان يتبناها مهما اختفلت الاعتبارات؟!