كان لافتاً تصريح السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله حول الوضع الاقتصادي المتردّي والفساد المستشري و«الكارثة» التي تنتظر لبنان ان لم تأخذ الحكومة تدابير سريعة لوقف الانهيار ومحاربة الفساد، معتبراً ان «الخطر هو على وجود الدولة، وعلى وجود البلد، وعلى امن المجتمع واستقراره»،
هذا الكلام، الذي يأتي قبل اقل من شهر ونصف الشهر على موعد الانتخابات النيابية العامة في السادس من شهر ايار المقبل، لا يصّب حتماً في مصلحة الفريق الذي تعاقب على حكم لبنان منذ اكثر من ثلاثين سنة، وحزب الله كان مشاركاً في جميع حكومات هذه المرحلة، وكذلك العديد من حلفائه، وبالتالي فان السيد نصر الله يوجه رسالة مباشرة لنواب حزبه ووزرائه ونواب حلفائه ووزرائهم، ان موقف الحزب بعد الانتخابات النيابية، لن يكون موقف الساكت حتى ولو واجه عداوات جديدة من المقربين المتحالف معهم، متهيباً دقة الوضع الاقتصادي وخطورته خصوصاً ان دين لبنان يعادل 150 بالمئة من الناتج المحلي، وهو من ضمن الديون الاعلى في العالم مع نمو ضعيف جداً.
الاحزاب والكتل النيابية المعارضة، وبعض تلك المشاركة في التسوية السياسية القائمة، كانت تقول هذا القول، وكانت تأخذ في الحكومة ومجلس النواب وفي الاعلام مواقف صلبة في محاولة لتصويب بوصلة الحكم، ولكنها كانت تقابل باللامبالاة والاتهامات من الاكثرية المسيطرة على الحكم، حتى انه جرت محاصرتها ومحاولة عزلها والتضييق عليها في التحالفات النيابية الجارية حالياً لمنعها من الوصول الى المجلس النيابي كقوة مراقبة ومعارضة قوية، واذا جمعنا بين هذه الحالة وبين التحالفات الهجينة البعيدة عن المنطق وبين تصريحات السيد نصر الله المستجدة، يمكن الخروج بصورة شبه واضحة، بأن المنظر السياسي بعد الانتخابات النيابية سيكون غيره تماماً كما هو اليوم، وان الانتخابات لا بد وان تنتج حالة متقدمة في الحياة الديموقراطية، يحلم بها اللبنانيون منذ زمن بعيد، اي وجود اقلية نيابية قوية معارضة بوجه اكثرية نيابية ضعيفة تحمل ارثاً كبيراً من الفساد وسوء الادارة والتدبير.
***
من ناحية ثانية، عندما يؤكد السيد حسن نصر الله، ان حزب الله «ليس لديه اي تحسس من مناقشة الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتهاء من الانتخابات النيابية، فهذا يعني عند المتفائلين من الناس، ان حزب الله، بوجود رئيس يرتاح اليه، ومجلس نيابي «صديق» وحكومة متجاوبة، لا يجد مانعاً من مناقشة مستقبل سلاحه. طالما ان سلاحه، ما دام في «يد امينة» على اقله لمدة اربع سنوات قابلة التجديد او التمديد، اذا تم ضبط الوضع الداخلي اقتصادياً وامنياً ومالياً، لان الحزب عندها يتحرر من عبء السلاح، وينفتح على جميع الاحزاب والتيارات والشخصيات، التي تريده ان يكون مكوناً لبنانيا يقوم بدور داخلي مؤثر، بعيداً من الضغوطات الخارجية التي تضيق عليه الحياة والحركة بالعقوبات المالية والسياسية والاقتصادية، اما عند المتشائمين، فالحزب لن يغير شيئاً في سلوكه واهدافه، بل انه كعادته، سيقوم بعد الانتخابات بخطوات مدروسة جيداً، قد تبدو ايجابية، لكنها تبقي سلاحه، بعيداً من اي بحث او تفاوض.
على اي حال، وتبعاً للمثل القائل «اذا كان الخبر اليوم بفلوس فغدا سوف يكون مجاناً» والغد اصبح قريباً، فلماذا اذن دفع الفلوس.