لا بُدّ من تسليط الضوء على «نموذج» عميل حزب الله علي كوراني الذي اعتقلته الـ FBI في الولايات الأميركيّة فالحديث عاد بالأمس عن استمرار محاكمته في آذار المقبل، من حقّ أيّ مواطن لبناني أن يتساءل: لمصلحة من يزرع حزب الله خلايا إرهابيّة نائمة في أميركا وفي دول كثيرة غيرها، لمصلحة لبنان؟ بالتأكيد، الإجابة لا! على الأقل ذاكرة اللبنانيّين تحفظ منذ 18 نيسان العام 1983 تفجير مبنى السفارة الأميركية في عين المريّسة، أو في تشرين الأول من نفس العام تفجير مقرّ المارينز الأميركي ومقر المظليّين الفرنسيّين، ذاكرة هذه التفجيرات الإرهابيّة تحفظ حال الابتهاج وبرقيّات التبريكات للخميني في طهران، قبل «القاعدة» ونشأتها وإرهابها تقدّم حزب الله ذراع طهران الناشىء في لبنان ليقبض على المنطقة مفتتحاً عصراً إرهابيّاً حمل عنوان «الإستشهاديّين» و»الشاحنات المفخخة» بالتأكيد لم يقم حزب الله بهذه العمليّات لصالح لبنان، بل لصالح أجندة إيرانيّة تسعى للضغط على الولايات المتحدة الأميركيّة في عزّ اشتعال الحرب الإيرانيّة ـ العراقيّة!
قضيّة عميل حزب الله علي كوراني «الخليّة النائمة، نموذج فاضح يُعرّي لبنان الدولة الذي انكفأ منذ الثمانينات عن دوره كدولة وترك الدويلة تنمو وتستشرس وتزعزع الدولة من شروشها، من المفارقات أنّ استعادت شحن أمين عام حزب الله اليوم حسن نصرالله، في تلك الثمانينات قبيل ما سمي انتفاضة 6 شباط، وهو الانقلاب الفعلي على الشرعيّة والدولة اللبنانيّة، بصرف النظر عن الظروف اللبنانيّة آنذاك، كان نصرالله وقتها من أكبر المحرّضين على الجيش والدولة اللبنانيّة، ثمّة ما يستدعي التساؤل هنا: ما الذي تغيّر بين مخططات أجندة حزب الله في الثمانينات وبين مخططات أجندته اليوم خدمة للمصالح الأميركيّة، والإجابة بديهيّة، لا شيء، على العكس أجندة حزب الله اليوم أخطر بكثير من أجندة الثمانينات!
إذا كان العميل «الخليّة النائمة» على كوراني بحسب اعترافاته «تلقى أسلحة وتدريباً عسكرياً من الحزب، وكان عمره 16 عاماً. وهو قال إنه فيما كان لا يزال مراهقاً يعيش في لبنان. وبعد تدريبه، هاجر إلى الولايات المتحدة في العام 2003، وأصبح مواطناً في العام 2009. وتابع دراساته في الهندسة الطبية الحيوية بجامعة سيتي في نيويورك، وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال العام 2013» يبلغ كوراني اليوم 36 عاماً، نحن نتحدّث هنا عن 20 عاماً من عمر شابٍ لبناني لم تنفع معه الهجرة والمواطنة الأميركية ولا دراسة الهندسة إلا في صناعة عميل إرهابي، ثمّة ما يخيف في هذه الملفّ فاللبنانيّون أمام نماذج من خلايا إرهابيّة وزّعها حزب الله في العالم، وفي اعترافاته كشف كوراني أنّه «جمع معلومات عن مواقع كاميرات المراقبة، وموظفي الأمن، وموظفي إنفاذ القانون في مطار جون كينيدي الدولي»، وكشف للـ FBI عن «بنك أهداف» لحزب الله في أميركا، ونتساءل: هل بنك الأهداف هذا مستهدف لصالح لبنان، أم لصالح إيران؟!
أربعة عقود من الزمن ولبنان يدفع ثمن الأجندة الإيرانيّة، وسيظلّ، لأنّ الدولة ما زالت مصرّة على دفن رأسها في الرّمال وإيهام اللبنانيّين بأنّها دولة، وما يزال الجميع يتصرّف على قاعدة الوهم بأنّ أزمة لبنان اليوم والأمس ومنذ أربعة عقود، من التلطّي خلف عنوان «المقاومة الإسلاميّة» ومنذ 13 عاماً تحت عنوان حكومة وحدة وطنيّة والثلث الضامن والثّلث المعطّل، بالتأكيد هناك «كثير علي كوراني» سيوقظهم حزب الله في العالم متى احتاجت إيران إلى هزّ الأمن العالمي لتبعد كأس الانهيار عن نظام الملالي!