الضغط عليه قد يقوده الى التشدد محليا .. وكلام سليماني رسالة ببعدين إيراني وإقليمي
«المعادلة التي تقول بأن لبنان قد لا يتأثر بحملة الضغوط الغربية على حزب الله تكاد تكون نظرية غير قابلة للتطبيق واقعاً»
يزداد الضغط الغربي على «حزب الله» في موازاة تشديد عواصم القرار حصارها المفروض على طهران. ولن يكون التصنيف البريطاني الجديد الدامج بين الجناحين السياسي والعسكري آخر حبات عنقود هذا الضغط، تأسيسا على الإستراتيجية الأميركية – الدولية في المنطقة القائمة على «عصر إيران» وتجفيف – قدر الإمكان – منابع توسعها في الإقليم، وفي مقدمة هذه المنابع بلا أدنى شك، يقف حزب الله وحركة حماس، وهما إثنان من أبرز أذرع النفوذ الإيراني في المنطقة عموما، وتحديدا في العواصم الأربع التي يجاهر النظام بأنه وضع يده عليها عبر وكلائه.
ولئن تعد الدول الضاغطة بألا يتأثر لبنان بحملة الضغط المُشنّة على حزب الله، بحيث يُحصر أي ضرر بالحزب نفسه، إلا أن هذه المعادلة تكاد تكون نظرية غير قابلة للتطبيق واقعا، لمجموعة عوامل، منها أن الضغط على الحزب:
1- ينسحب تلقائيا على بيئته، وإستطرادا على الفئات التي ترتبط مع هذه البيئة بعلاقة ما مصلحية بمعنى إقتصادية او إجتماعية، وهذه الفئات مترابطة فيما بينها بحيث أنها في نهاية السلسلة تكون قد شملت، بشكل مباشر أو غير مباشر، كل مكونات المجتمع اللبناني.
2- يستدعي تلقائيا أيضا أن يغيّر الحزب في ديناميات عمله السياسي المحلي، على الأرجح في إتجاه التشدد داخليا، وهو امر سبق للحزب أن قام به في أكثر من محطة مفصلية، أبرزها أحداث السابع من أيار، مع فارق التشبيه والخلاصات والإستنتاجات، شكلا ومضمونا.
لا يخرج عن مجمل هذا السياق الموضوعي للأمور، تأكيد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، قبل ايام في خطاب خصصه لشرح سياسة ايران، ان وجود حزب الله وحماس هو لحماية ايران من اسرائيل، محذرا في الوقت عينه من مفاوضات تستهدف تقليص نفوذ ايران في المنطقة، على غرار الاتفاق النووي الذي ينظر إليه الجناح المحافظ انه أسهم في تقليم الأظافر الإيرانية، رغم إعترافه بالحاجة السياسية والإقتصادية إليه.
يعني تحذير سليماني، الذي يحمل رسالة واحدة في إتجاهين داخلي – إيراني وخارجي- إقليمي، أن الجناح المحافظ ينظر بقلق الى أي محاولة حوار غربي مع طهران قد تكون قائمة ارتباطا بالتمزيق الأميركي للاتفاق النووي وبالحرج الأوروبي الذي يحكم علاقة الإتحاد مع طهران، باعتبار أن الظرف الضاغط الذي أدى الى إنتاج الإتفاق النووي لا يزال على حاله، ومن المرجّح ان يولّد هذا الظرف إتفاقا دوليا على تنظيم علاقة إيران بمحيطها وعلاقتها كذلك بأذرع نفوذها، وعلى الحد من اتكائها على قوتها الصاروخية المتوثّبة، مما يعني حكما، من وجهة نظر المحافظين، مزيدا من تقليم الأظافر لعصر النفوذ وخنق تصدير الثورة، وهو أمر لا يمكن لهؤلاء إشاحة النظر عنه، فكيف بالقبول به ناظما سياسيا لعلاقة نظام الملالي مع شعبه، وخصوصا اولئك ممن خرجوا الى الشوارع في المسيرات الشهيرة المعروفة بالخضراء.
ويتقاطع كلام سليماني مع الحذر الإيراني من الدور الروسي في سوريا والعلاقة الوثيقة التي تربط موسكو بتل أبيب والتي قد تكوّن الدفع اللازم لإخراج إيران من الحقل السوري. ويأتي في هذا الإطار إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من موسكو أنه إتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «ومع مسؤولين آخرين» لم يسمّهم، على تشكيل مجموعة عمل مشتركة ترمي الى إخراج «القوى الأجنبية» من سوريا، وهو الاسم الحركي بلا أدنى شك للدور الإيراني هناك.
تأسيسا على ذلك، قد لا يجد حزب الله، حيال كل هذا التضييق على الراعي الأساسي لا بل على علة الوجود، سوى التشدد محليا منفذا له، كي لا يخال أي من الأطراف المحليين المرتبطين عضويا بسياسة العصر الأميركي لإيران، أن الحزب قد يتحوّل لقمة سائغة حيال أي تراجع دراماتيكي في دور طهران، ربطا بالحصار الدولي. وتاليا، إن التشدد «الحزباللوي» سيقطع حكما الطريق على أي فكرة محلية تسعى الى ملاقاة الهجوم الدولي، مما يعني استطرادا أن سياسة تصفير المشاكل التي يعتمدها الحزب في المسألة الداخلية قد تفقد المرحلة المقبلة الغاية منها، وتاليا بريقها وما جنته له من مكاسب تقاربية مع أطراف كان ولا يزال على نقيض معها.