لم يسبق أي إرهاب دولي، الإرهاب الذي مارسه حزب إيران في لبنان على سكّان قرية مضايا، ولم يسبق أحدٌ جمهوره في «الوحشية» و»عدم الإنسانيّة» في التضامن بمنظر أطايب الطعام تحت عنوان «التضامن مع مضايا»، وهذا التجرّد من الإنسانية والأخلاق سيدفع حزب الله الإرهابي وشعبه ثمنه باهظاً لاحقاً… بكلّ الأحوال هذا حزبٌ لا أخلاق ولا دين له فقد اعتدنا منه الابتهاج مع كل اغتيال وتوزيع الحلوى وإقامة الأفراح، ولأنّ الزمن دوّار، «وتلك الأيام نداولها بين الناس» سيذوق حزب الله وشعبه ما أذاقه لسكان مضايا، وسيخرجون يوماً ما حفاة عراةً تاركين خلفهم أرضهم وبيوتهم محروقة ومن يدري قد لا يعودون إليها أبداً!!
نظريّة «الأرض مقابل الطعام» لم يسبق أي إرهاب دولي حزب الله إليها، حتى العصابات الصهيونية التي هجرت الشعب الفلسطيني من أرضه لم يخطر لها أن تقول: «الأرض مقابل الطعام»، فقد مارست سياسة الترهيب وحرق الأراضي وقطع المياه وترهيب السكان وتخويفهم، لكنّها لم تجوّعهم، وللمناسبة استخدم الصهاينة البراميل المتفجرة التي يقتل بها بشار الأسد شعبه مستعينا بخبرات صهيونية قديمة!!
لم يمارس الصهاينة سياسة التجويع ولم نشاهد الناس وقد تحولت إلى هياكل عظمية بفعل الجوع والعطش، استخدم الصهاينة أساليب الحرب النفسية والدعايات الكاذبة والتحذيرات التي كانت توجهها الإذاعات اليهودية السرية إلى العرب الفلسطينيين من تفشي الأمراض الوبائية: الكوليرا، التيتنوس «الجدري» وان الأمراض الخطيرة قد انتشرت بينهم من جيش الانقاد. تحدّثت عن حجم وعدد الخسائر في الأرواح بين العرب والخلافات السياسية بينهم وضعفهم وقلت كفاءتهم، ولجاءوا أيضاً إلى استعمال مكبرات الصوت وراحوا يبثون تسجيلاً لأصوات صرخات، أنين ونحيب النسوة العرب ورنين أجراس عربات الإطفاء يقطعها صوت جنائزي مناشداً باللغة العربية: «أنقذوا أرواحكم أيها المؤمنون، أهربوا لتنجوا، وإذاعة تسجيلات لانفجارات شديدة عبر مكبرات الصوت، كما عمدت القوات الصهيونية إلى تفجير تجمعات الأسواق التجارية والأزقة، واستخدمت القنابل، «البراميل» وهي عبارة عن براميل محشوة بخليط من المتفجرات وزيوت الوقود، وعند اصطدامها بالجدران كانت تحدث صواعق من اللهب ودوي انفجارات شديدة، كما ولجأوا إلى إذاعة إنذارات للعرب الفلسطينيين بضرورة الرحيل ومغادرة قراهم ومدنهم في فترات محدودة وإلا تعرضوا للقتل وقد جاء في أحد النداءات في مدينة القدس «إذا لم تتركوا بيوتكم، فإن مصيركم سيكون مثل دير ياسين انج بنفسك» وفي طبريا وزعت منشورات تحذر العرب من التعاون مع المجاهدين ومعارضة مشروع التقسيم ففي أحد البيانات التي وزعتها عصابات الهاغاناه جاء: على الناس، الذين لا يريدون الحرب أن يرحلوا جميعاً، ومعهم نساؤهم وأطفالهم ليكونوا آمنين، أنها سوف تكون حرباً قاسية، ومن دون رحمة ولا ضرورة لتخاطروا بأنفسكم»… وبالرّغم من كلّ هذه الفظاعات لم يتوصل الإرهاب الصهيوني إلى معادلة «الطعام مقابل الأرض» التي ابتدعها حزب الله ليصادر أراضي أهل مضايا في محاولات دؤوبة وباتت معروفة لتغيير مذهب هوية السكان والديموغرافيا المذهبيّة للقرى السوريّة!!
حتى «الشيطان الأكبر» أميركا، عندما أرادت حصار صدام حسين ومعاقبته لجأت إلى الأمم المتحدة وابتدعوا نظاماً أسموه «النفط مقابل الغذاء» وهو برنامج الأمم المتحدة، الصادر بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 986، لعام 1995؛ المسمى برنامج النفط مقابل الغذاء Oil for Food Program. وضع هذا البرنامج، حينما ساور مجلس الأمن القلق، في شأن استمرار معاناة السكان المدنيين من الشعب العراقي، نتيجة الجزاءات الشاملة، التي فُرضت على العراق، في أغسطس 1990، بسبب غزوه الكويت، وهو يسمح للعراق بتصدير جزء محدد من نفطه، ليستفيد من عائداته في شراء الاحتياجات الإنسانية لشعبه، تحت إشراف الأمم المتحدة، وعاش على ظهر كوبونات النفط مقابل الغذاء الكثير من الممانعجية والموالين لبشار الأسد من مدّعي العروبة والناصريّة ووحدة «المسار والمصير» آكلين غذاء الشعب العراقي كرمى لعيون صدام حسين!!
وحزب الله الإرهابي «فخر الصناعة الإيرانية»، في 12 آذار 2015 وخلال اجتماع لمجلس الخبراء وصف الجنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري حزب الله بـ»معجزة الثورة الإيرانية»، وتباهى بالمد الإيراني في المنطقة والنفوذ الإيراني المتزايد من العراق إلى سوريا إلى اليمن وحتى شمال افريقيا… وأي معجزة خبيثة هذه التي زرعتها إيران في لبنان وكشّرت عن أنيابها في 8 آذار العام 2005!!
القضيّة ليست في مضايا، قد يفعل حزب الله ومن معه أسوأ مما فعلته إسرائيل بكثير على امتداد عمر الصراع العربي ـ الإسرائيلي، الذي تحوّل بفضل إيران إلى صراع مذهبي «سنّي ـ شيعي»، وما زلنا تجميلاً نسمّيه «صراع عربي ـ فارسي»، إلا أنّ مضايا وتغيير الديموغرافيا في سوريا فضحت «شيعستان التي تسعى إيران لتكريسها على أرض الواقع، القضية يختصرها كلام قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري خلال تأبين القيادي في الحرس الثوري حميد رضا أسد الله الذي قتل في سوريا، فقد أعلن جعفري بالأمس عن «إعداد وتدريب 200 ألف مقاتل ممن أسماهم الجيل الثوري المسلح في منطقة الشرق الأوسط، بسبب النتيجة الإيجابية للتطورات والأحداث في المنطقة «!!
أبعد من تجويع مضايا وتدمير سوريا والتجسس على الكويت واحتلال اليمن وزعزعة استقرار البحرين وتفجير مساجد السُنّة في بغداد، إيران ذاهبة حتى النهاية في تجييش المنطقة مذهبياً، وإيقاد نيران المجوس في الشرق الأوسط والخليج العربي كلّه، وما مضايا إلا مرآة على الحكام العرب أن ينظروا فيها جيداً، ويتخذوا قرارهم التاريخي في مواجهة وقطع رأس الأفعى و»المعجزة الإيرانيّة في لبنان»!!