يوماً بعد يوم يبدو حزب الله اكثر واقعية في مقاربته لملف الازمة السورية المستمرة منذ ستة اعوام. كما يؤمن حزب الله ان لا حلول سياسية ناجزة الا بعد جولات وصولات بالحديد والنار. ولا تفاوض ناجع الا تحت النار وهو الامر الذي حصل اخيراً في جرود عرسال ومع عصابة الارهابي ابو مالك التلي واعوانه. ويذّكر قيادي بارز في حزب الله بالتقدير الداخلي للازمة السورية منذ بدايتها واقتناع قيادة الحزب ان لا حلول عسكرية للازمة السورية مهما طالت وان كل اطالة لامدها هو يهدف الى استنزاف طاقة ومقدرات المتحاربين لفرض اجندة تسوية ليست لمصلحتهم جميعا في نهاية المطاف وتكون لمصلحة الطرف الاقوى والذي يدير دفة الصراع اي الاميركي. ويضيف القيادي: لكن ثبات المقاومة ومحورها واستمرار تقدم الجيش السوري وحلفاؤه ودخول الروسي على خط الازمة السورية من بوابتها الواسعة اجبر الاميركي وبعد فشل كل محاولاته مع وكلائه ومن يخوضون حربه بالوكالة لتطويع ايران وسوريا وحزب لله، ان يبدأ حواراً مع الروسي للتوصل الى حل سياسي للازمة السورية ويضمن مصالح حلفاء كل منهما. ويشير القيادي الى ان ما يجري منذ فترة من إنشاء «لمناطق خفض التصعيد السوري» هو من مقدمات الوصول الى تسوية سورية كبرى قد يطول موعدها او يقصر وفق المجريات الميدانية والتقدم السياسي بين الروسي والاميركي.
ويؤكد القيادي ان كل ما يجري على الارض السورية من وقف لاطلاق النار او التمهيد لمصالحات او اخراج مسلحين من مناطق محاصرة، يجري بالتنسيق بين الروس والايرانيين والنظام السوري وحزب الله ومن ضمن غرفة عمليات مشتركة، وبدوره ينسق الروسي مع الاميركي وهذا لا يعني تكبيل الروسي لحركة المقاومة والجيش السوري. فحركة المقاومة في الداخل السوري وخصوصا على تماس مع الخط الحدودي اللبناني- السوري من بيت جن ومزارع شبعا الى الجولان وجبل الشيخ فجرود لبنان والسلسلة الشرقية، تحكمها استراتيجية عمل المقاومة الردعية والاستباقية فمن جهة إبقاء لبنان الساحة الداخلية والخلفية للمقاومة آمنة ومن جهة ثانية حماية لبنان من اي تهديد قد يأتي من سوريا اكان ارهابيا او تكفيريا او اسرائيليا ومن جهة ثالثة حماية خطوط امداد المقاومة داخل الاراضي السورية وصولا الى لبنان.
ومع دخول العامل الاسرائيلي على الحرب السورية واستهدافه كوادر حزب الله في الجولان والقنيطرة وكذلك امدادات السلاح، تبقي المقاومة على قوة الردع للعدو حاضرة على كتف الجولان وهي حاضرة سوريا ولبنانيا في الجنوب لرد اي اعتداء وللجم اية حماقة صهيونية تجاه المقاومة فمنظومة الردع لا تتأثر بالجبهات التي يقاتل فيها حزب الله ولا بطبيعة عمله الاستباقي والردعي.
وانجاز المقاومة في جرود عرسال وانهائها لحقبة سوداء من احتلال التلي وجماعته للجرود، لا يفصله القيادي عن سياق الحفاظ على استقرار لبنان وتحرير جروده ومنع اي تمدد تكفيري جديد اليه لكنه ايضا لا يفصله عما يجري في جنوب سوريا وكل سوريا حيث التركيز اليوم على ضرب «داعش» وهزيمتها بالاضافة الى تشكيلات القاعدة بمسمياتها كافة وجمع الفصائل السورية المعارضة في إطار واحد مدعوماً اميركيا لكي يجلس على طاولة الحوار للتفاوض مع فريق يقوده النظام السوري ويرعاه الروسي ويفاوض معه وباسمه لانهاء الازمة وتكريس الحلول السورية.
وعن مراحل العمل الميداني بعد انهاء حقبة «النصرة» ومشروعها في لبنان وجروده، يؤكد القيادي ان الانظار تتجه نحو المعركة مع «داعش» والتي تترنح بين «تفاوض» للوصول الى تسوية قريبة من تسوية التلي والكشف عن مصير العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى داعش وبين استعداد لحرب حاسمة وخاطفة سيكون الجيش البناني عرابها الاول داخل الحدود اللبنانية بينما يسانده من داخل الاراضي السورية كل من حزب الله والجيش السوري.