IMLebanon

تريُّث «حزب الله» بإعلان موقفه النهائي يُثير جملة إستفسارات وتكهنات

التسوية تشقّ طريقها ببطء مدعومة بتفاهمات مؤتمر «فيينا» الجانبية

تريُّث «حزب الله» بإعلان موقفه النهائي يُثير جملة إستفسارات وتكهنات

«تكاد الفرصة السانحة حالياً لإيصال عون إلى سدّة الرئاسة الأولى، الوحيدة المتبقية له مع تقدّمه بالسن، ولذلك من الطبيعي أن يرفض التسوية المطروحة مهما كانت الإغراءات..»

يُؤكّد سياسي بارز أن مشروع التسوية السياسية المتداول به حالياً لإنهاء أزمة الشغور في منصب الرئاسة الأولى والمرتكز على انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية يشقّ طريقه ببطء بالرغم من مواقف الرفض والاعتراض التي يواجه بها وخصوصاً مع الثنائي المسيحي «التيار العوني» و«القوات اللبنانية» على وجه الخصوص، بعدما أصبح هذا المشروع هو المشروع الوحيد المتداول به في الوسط السياسي برمّته بعد فترة طويلة من الجمود والدوران في الحلقة المفرغة، وفي ظل غياب أي طرح أو مشروع بديل عنه يحظى بإجماع سياسي يفوقه وخصوصاً من المعترضين عليه، الأمر الذي يشكّل حافزاً مشجعاً للقائمين عليه للسير فيه قدماً إلى الأمام والسعي قدر الإمكان لتذليل ما يمكن من عقبات تعوقه وتحقيق أوسع توافق سياسي من حوله للوصول به إلى الخاتمة السعيدة بانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن.

ولا يؤيّد السياسي المواقف القائلة بأن المشروع تعثّر ولم يعد بالإمكان توفير مقومات تنفيذه حتى النهاية، بسبب رفض «التيار العوني» و«القوات اللبنانية» الموافقة عليه وتأييده، لافتاً إلى أن ما يُقال بهذا الخصوص ليس صحيحاً، أولاً لأن المشروع ما يزال حتى الساعة يكاد يكون الموضوع الوحيد الذي يستأثر بكل الاجتماعات والمشاورات التي تحصل بين الأطراف أو السياسيين، إن كانوا من الداعمين له أو المعارضين على حدٍّ سواء، وثانياً لأن معارضة الثنائي المسيحي المذكور لمشروع التسوية كان متوقعاً من الطرفين، كلٌ لتوجهاته السياسية ومصالحه التي لا تتلاقى مع ترشيح فرنجية للرئاسة.

فالتيار العوني الذي يرشح زعيمه النائب ميشال عون للرئاسة يعتبر أن مشروع التسوية يتعارض مع هدفه وتطلعاته المتواصلة منذ أكثر من ربع قرن لإيصال عون إلى سدة الرئاسة الأولى، وتكاد الفرصة السانحة حالياً تكون الفرصة الوحيدة المتبقية له مع تقدّمه الطاعن في السن، ولا يستسيغ أن يكون من ينافسه هذه المرة على المنصب من التحالف نفسه، ولذلك من الطبيعي أن يرفض التسوية المطروحة مهما كانت الإغراءات المقابلة.

ومن جهتها ترفض «القوات اللبنانية» مشروع التسوية من الأساس كونه مرتكزاً على انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية لتعارض ذلك مع توجهاتها السياسية من جهة وللخصام التاريخي معه والتنافس على النفوذ في مناطق الشمال تحديداً، ولأن هذا الانتخاب لن يكون في صالحها على مدى السنوات المقبلة.

ويتوقع السياسي البارز ان تتسارع المشاورات والخطى في الأيام القليلة المقبلة لاعلان القوى والأطراف السياسية الداعمة للمشروع ولاعطاء الزخم السياسي المطلوب لدفعه بالوتيرة اللازمة إلى الامام ولتحديد القوى المتريثة أو الرافضة للمشروع، لأن من شأن تظهير مواقف القوى على اختلافها معرفة مصير مشروع التسوية واتجاهاته لا سيما وأن هناك قوى طرحت التسوية السياسية كحزب الله على لسان الأمين العام للحزب حسن نصر الله أكثر من مرّة ومنذ أسابيع معدودة، وحتى اليوم لم يعلن الحزب موقفه النهائي الرسمي مما هو مطروح وكل ما يقال ويتردد بهذا الخصوص، يقال بالواسطة وبشكل غير مباشر، الأمر الذي يطرح تساؤلات واستفسارات عديدة عمّا يكون عليه موقف الحزب من هذه المسألة المهمة لا سيما وأن الاتصالات والمشاورات قطعت حيزاً مهماً من البحث والتأخير في إعلان الموقف حتى الساعة يعتبره البعض بمثابة تفادي الاحراج مع النائب ميشال عون الذي كان على الدوام المرشح للوحيد للحزب لرئاسة الجمهورية كما قال قادة الحزب منذ بدء أزمة انتخابات رئاسة الجمهورية، في حين يذهب البعض إلى اعتبار صمت الحزب حتى الآن لاتاحة الفرصة للتفاهم الضمني بين عون وفرنجية، لأن وصول أي منهما لمنصب الرئاسة الأولى يعتبر بمثابة انتصار لتحالفهما مع الحزب على الفريق الآخر وبالتالي لا داعي للعجلة والتسرع بإعلان الموقف من التسوية المطروحة في الوقت الحاضر.

ومن وجهة نظر السياسي البارز فإن ما تردّد عن تفاهم ضمني بين وزيري خارجية السعودية وإيران على هامش مؤتمر فيينا الأخير بوجوب اجراء الانتخابات الرئاسية وإخراج لبنان من حالة الفراغ السياسي القائم، فإن صح هذا الكلام، فهذا يعني ان الأطراف السياسيين الداعمين لمسار التسوية المطروحة يتحركون استناداً لغطاء التفاهم المذكور، وهذا يعطي انطباعاً تفاؤلياً بإمكانية اختراق حواجز الصعوبات والتعقيدات التي تواجه التسوية من أكثر من جهة وطرف سياسي وخصوصاً من المسيحيين، لافتاً إلى انه من المبكر التكهن بالمسار الذي سيسلكه المشروع قبل بلورة مواقف وتوجهات جميع الأطراف والقوى السياسية المؤثرة، من الداعمين والمعارضين على حدٍ سواء، وتضم بصفوفها قوى ونواباً مسيحيين مستقلين و«حزب الله» تحديداً، عندها يمكن التأكيد بصحة التفاهم السعودي – الإيراني لدعم المشروع والتفاؤل بإمكانية نجاحه وانتخاب رئيس للجمهورية، اما إذا بقيت المواقف ملتبسة وتحديداً موقف «حزب الله» وتوسعت الاعتراضات نحوه، فعندها يمكن الاستنتاج بوجود تعدد الأجنحة بالقرار الإيراني بخصوص لبنان وبالتالي صعوبة تنفيذ مشروع التسوية المطروح.

الا ان كل ذلك لا يلغي ان هناك تصميماً قوياً واندفاعاً ملحوظاً من قبل القوى الداعمة وخصوصاً تيّار «المستقبل» والنائب سليمان فرنجية والعديد من حلفائهما لاستكمال تنفيذ التسوية قبل فوات الأوان.