IMLebanon

«حزب الله» ينشد «الجنّة» على جبهاته.. المذهبية

أربعة أعوام مرّت على تدخل «حزب الله» العلني كطرف في الحرب السورية، بدأه بإعلان «تكتيكي» أشار فيه إلى أن تدخله هذا لا يقتصر على حماية قراه الحدودية مع سوريا بالدرجة الأولى، وتأمين حراسة وحماية مستمرة للمقامات الدينية بعدما نصّب نفسه مسؤولاً عنها، علماً ان جميعها يقع خارج نطاق «دويلته» المذهبية والجغرافية. لكن هذا التدخل، أو هذا الإعلان، أخذ منحاً تصاعدياً حتّى تحوّل إلى غرق في مستنقعات القتل التي لا تزال تحصد حتّى اليوم وبشكل مستمر عناصر من الحزب جُرّت أرجلهم إلى موت لا أفق يُبشّر باقتراب نهايته.

على الرغم من أن سقوط عناصر من «حزب الله» في الداخل السوري تحوّل إلى خبر شبه يومي، إلّا أن هناك فئة كبيرة من بيئة الحزب، ما زالت تتعاطى مع الموضوع ببالغ الدقّة والأهميّة رغم «المُسكّنات» الكلامية والخطابية التي يتفنّن قادة «حزب الله» بنقلها من مجلس إلى آخر بهدف التقليل من حجم معاناة الأهالي لدرجة إيهامهم بأن ما يُقدمونه هو بالدرجة الأولى واجب عليهم، وبالتالي فإن أهداف هذه الحرب تستوجب العض على الجرح والرضوخ إلى «قدر وقضاء» قيادة «حزب الله».

لم يعد للدماء لون ولا رائحة. كل الشُبّان الذين يسقطون في سوريا يُشبهون في حالاتهم بعضهم بعضاً. بعضهم أقتنع بقضية وحمل لواءها فذهب طوعاً إلى حرب كان ينشد موته في طريقه اليها، فيما ذهب البعض الآخر خجلاً من ان يتم وصفه بـ»المتقاعس« أو «المتخاذل»، كيف لا وهناك من وضع «القضية« برسم شبان الطائفة الشيعية حصراً وجعلهم يزحفون الى حتفهم الأخير لأجلها بعدما زرع الفتنة المذهبية في عقولهم ووزّعها عليهم في كُتيّبات صغيرة الحجم يتلون ما في داخلها على الجبهات، حتّى ظن بعضهم أنهم أمام المشهد الأخير لهم في الحياة والذي ستليه مرحلة الإستعداد للعبور إلى «الجنّة».

لم يعد هناك مجال للهرب من حرب بدأت تأكل ما تبقّى من رصيد حزب برع في التنقل بين خنادق القضايا المختلقة، فمن جنوب لبنان إلى فلسطين فالعراق فبيروت وصيدا وطرابلس ثم لاحقاً إلى سوريا، كان للسلاح وظيفة واحدة ومحددة وهي تكريس السلاح بديلاً عن المؤسسات الرسمية، وكان للعناصر مصير واحد هو الموت. واليوم يزيد المأزق السوري من تورّطه وارتكاباته، ومعه تزداد الأمور تعقيداً، فلا هو عاد قادرا على تحقيق «إنتصارات» سبق ووعد بها، ولا عاد جمهوره قادرا على تحمل المزيد من الخسائر بعدما دخل الموت الى كل قرية ومنزل بدءاً من الضاحية الجنوبية والبقاع وصولا إلى الجنوب. ومع إستمرار هذا النزف القاتل، تزداد الحيرة داخل قيادة الحزب العاجزة هي أيضاً عن تقديم المزيد من الأعذار والحجج لبيئة ما عادت تؤمن لا بنصر ولا بوعود «إلهية« ولا بتكاليف شرعية بعدما أصبح القتل والإنتقام يتحكمان بمسارها ومصيرها.

سبعة عناصر جدد من «حزب الله» سقطوا خلال الأيام الثلاثة الماضية في سوريا، الأمر الذي يدل على أن الحزب يعيش اليوم أزمة تفوق التصورات والإستراتيجيات التي كان وضعها لحربه هذه. ففي عملية حسابية يتبين أنه ومنذ دخوله العلني والفعلي في الحرب السورية، أن خسائره البشرية المرتفعة، تفوق حجم الخسائر التي تكبدها ضد إسرائيل لفترة تزيد ربما على عشرة أعوام. وبالأمس خرج من بيئة «حزب الله» كلام ظل في دوائره الضيّقة لكنه تخطّى معركة الحدود وجرود «عرسال» و»القلمون» ليصل إلى حلب وريفها، من بينه أسئلة حول الخطط «القاتلة» التي ينتهجها الحزب في حربه هناك، فمّرة «يزفّ» عنصراً في «دمشق» وريفها ومرّات ينعى آخرين في «حمص» وريفها أيضاً أو في «حلب»، ومرّات كثيرة ينعى خلالها مجموعة عناصر يسقطون مرّة واحدة على كل تلك الجبهات ما يؤكد أن «القضية» التي رفعها «حزب الله» منذ إنغماسه في الوحول السورية، تتخطى البعدين العقائدي والديني ولتؤكد للقاصي والداني على أنها حرب مذهبية الهدف منها تزوير تاريخ بلدات ومدن وحرفها عن جغرافيتها ولو كلّف تحقيق المخطط آلافاً مؤلفة من القتلى.