Site icon IMLebanon

«حزب الله» يفقد توازنه السياسي.. والعسكري

بصفة رسميّة أو غير رسميّة، يبدو أن «حزب الله» قرّر أخيراً تعيين نائبه علي فيّاض مسؤولاً عن ملف تيّار «المستقبل» الذي يبدو أنه أصبح يؤرق فعلاً، مضاجع الحزب وقادته ويقوم بالهائهم عن «مشاغلهم» و»مشاريعهم» في الداخل والخارج، على رأسها الإستمرار في التنكيل بالشعب السوري وتهجيره بعد مُحاصرته لسنوات، تمهيداً لإقامة دولته «سورية المُفيدة» تحت غطاء أسدي إيراني، بدأت معالمها تطل من «داريّا» و»حي الوعر» و»المعضمية» بعد عمليّة «الترانسفير» للأهالي.

لم يعد أمام «حزب الله» سوى تيّار «المستقبل» ليتهمه بعرقلة الحلول التي يختارها ويطرحها هو قبل أن يقوم بفرضها على الأقربين والأبعدين. حلول تتجاوز حدود العقل والمنطق وتصل في بعض بنودها إلى حد الإستهتار والإستخفاف بعقول اللبنانيين خصوصاً عندما يذهب إلى ربطها بـ»سلل» وبـ»وقت زمني محدود»، وإيهامهم بأنها الحل والمخرج الوحيد لإنهاء حالة الفراغ الرئاسي تمهيداً للوصول الى قانون انتخابي موحد. وحزب الله الذي يُغرق نفسه في دماء الغير ويُرهقها بدراسات لا تُقدّم ولا تؤخّر وذلك من باب الإيحاء بأنه ما زال الرقم الصعب في المعادلات الداخلية والخارجية وخصوصاً أمام جمهوره، لم يعد يرى غير «المُستقبل» شمّاعة، ليُعلّق عليها، هزائمه المُتلاحقة وهذيانه السياسي المُستمر.

يعترف بعض من هم في «حزب الله»، بأن الملفات السياسيّة وتحديداً ما يتعلّق بالهجوم المُستمر على أفرقاء في الداخل والخارج، هو من صنيعة المكتب السياسي في الحزب الذي تُحدده كتلة «الوفاء للمقاومة» من خلال لقاءاتها الدورية. لكن ما لا يعترف به هؤلاء، هو أنه يوجد تسابق دائم بين أعضاء الكتلة المذكورة، لتوجيه السهام اليومية على «المستقبل» وإتهامه بما هم مبتلون فيه وعادة ما تظهر عوارض ابتلاءاتهم هذه، من خلال بياناتهم وخطاباتهم السياسية وفي ممارستهم مع خصومهم، وآخرها إتهام النائب فيّاض «المستقبل»، بـ»الوقوف وراء عقدة قانون الانتخاب«.

كلام فيّاض هذا، لاقاه فيه زميله في الكتلة نوّاف الموسوي الذي يبدو أنه استعاد عافيته السياسية بعد انقطاع عن مهاجمة «المستقبل» لفترة تزيد على اسبوع، فراح يُمارس هواية «قذف» الكرة في ملعب الغير، آخرها قوله إن «الكرة هي ومنذ فترة في ملعب رئيس تيار المستقبل، وبأن الرهان على مضي الوقت لتحسين المواقع التفاوضية لن ينفع الفريق الآخر، بل إن الوقت لصالحنا والتطورات الميدانية لصالحنا». والملاحظ في هذا المجال، أن قادة الحزب يلجأون خلال الأزمات التي تعصف بهم، إلى أساليب الهجوم على الغير وتحميلهم مسؤولية كل ما لا يصب في مصلحتهم. من هنا، يبدو أن «حزب الله قرّر استجماع «قوته» الخطابية والتجييشيّة هذه الفترة واستخدامها بين جمهوره، وذلك للتغطية على الإتفاقية المُذلّة التي يسير بها والتي تقوم على إطلاق سراح مئات المُسلحين من فصائل المُعارضة السورية، مُقابل الإفراج عن مجموعة جثث تعود لعناصر له سقطوا خلال الفترة الأخيرة في أكثر من منطقة، بالإضافة إلى أربعة أسرى. 

وفي السياق، يتناقل أهالي الضاحية الجنوبية أخبارا تتعلق باستعادة «حزب الله» خلال اليومين الماضيين عددا من الجثامين التي تعود إلى عناصره تم دفنها في قرى وبلدات جنوبية وبقاعية وذلك خلال عملية تبادل مع الفصائل السورية المُسلحة والتي سوف تُعتمد على مراحل، ومن هؤلاء العناصر: مصطفى احمد شهاب من بلدة برعشيت الجنوبية، وقبلها العنصر بلال حسين عياش من بلدة ميفدون والعنصر علي مصطفى حيدر من بلدة السكسكية الجنوبية. وفي الضاحية الجنوبية، يؤكد بعض الأهالي أن هناك عددا كبيرا من الجثث التي تعود إلى عناصر في الحزب، سوف يتم دفنها خلال اليومين المقبلين، وأن تأخير دفنهم يتعلق بأمور لوجستية مثل إجراءات عمليات الفحص النووي لبعضهم. ويقول هؤلاء، إن الحزب تمكّن من إخراج بعض جثث عناصره عن طريق «خناصر» في ريف «حلب»، في وقت يسعى إلى تأمين ممرات او طرق آمنة لنقلها إلى لبنان. ويعتقد بعض الاهالي، أن هذا الأمر من شأنه أن يزيد نقمة أهالي «الشهداء« على «حزب الله».

ومن ضمن مناوراته وهروبه إلى الأمام، دان «حزب الله» في بيان أمس، «التفجيرات الإرهابية التي استهدفت سوريا من أقصاها إلى أقصاها ما أدى إلى استشهاد العشرات وجرح عدد كبير من الأبرياء«، مشيراً إلى انه «من طرطوس إلى حمص، ومن دمشق إلى الحسكة، امتدت يد الإجرام الآثمة، لتزرع الموت والدمار، ولتذكّر بحجم الوحشية التي تختزنها نفوس الإرهابيين». المُستغرب هنا، أن الحزب لم يأت يوماً وتحديداً منذ أربع سنوات، على ذكر طفل أو عجوز قُتل على يد النظام السوري منذ مقتل الطفل حمزة الخطيب وصولا إلى آخر جرائم النظام في حيّ الوعر في «حمص»، والذي قصف أهله بقنابل «النابالم» المُحرمة دوليّاً. ولا حتّى سُمع منه حتّى أي تعليق حول القرار الاتهامي بتفجير مسجدي «التقوى» و»السلام» على يد الحليف نفسه.

من المؤكد انه وفي ظل الضربات المتلاحقة التي يتلقاها «حزب الله» في سوريا، وفي ظل عجزه عن تحقيق مكاسب سبق أن وعد بها جمهوره وحلفاءه، فإن المرحلة المُقبلة سوف تشهد مزيد الإرباك داخل «حزب الله» لا سيّما في ظل حالات التململ التي أصبحت ظاهرة و»فاقعة» في أوساط الجمهور والحلفاء على حد سواء. بعض حلفاء الحزب، خرج الهمس من لقاءاتهم الضيّقة إلى الفضاء الواسع، فراحوا يؤكدون أمام جماهيرهم، أن التأييد والخطابات والصراخ، جميعها لم تعد تُجدي نفعاً وأن المطلوب موقف جازم وحاسم يُمكن أن يُترجم بالنزول إلى مجلس النوّاب. أمّا في ما بتعلّق بموقف جمهوره، فيؤكد هؤلاء بحسب الأقارب والأصدقاء، أن الحرب السوريّة ليست نزهة ولا هي معنيّة بالدفاع عن «المقامات» ولا الطائفة الشيعية كما يتم الترويج، إنما هي دفاع عن مشروع يقوده الإيراني بالدرجة الأولى، وعن نظام بشّار الأسد.