IMLebanon

«حزب الله» يفقد أوراق فرض مرشّح رئاسي بعد «عاصفة الحزم» في اليمن

«حزب الله» يفقد أوراق فرض مرشّح رئاسي بعد «عاصفة الحزم» في اليمن

الإستحقاق الرئاسي يَغرَق بتعقيدات حرب اليمن بعد الإتفاق النووي

الانتخابات الرئاسية مؤجلة بسبب دخول تعقيدات الأزمة اليمنية وتشابكاتها على الواقع اللبناني بفعل محاولات «حزب الله» الانغماس فيها أمنياً وعسكرياً

تستبعد مصادر سياسية بارزة حدوث أي اختراق مهم في ملف الانتخابات الرئاسية قريباً بسبب استمرار «حزب الله» متستراً برئيس «التيار العوني» النائب ميشال عون في التعطيل المتعمد لهذه الانتخابات، لاعتقاده أن بإمكانه الاستقواء بمفاعيل الاتفاق المرتقب بين الدول العظمى وإيران حول الملف النووي لفرض المرشح الذي يناسب مصالحه واستمرار تسلطه على مفاصل الدولة وتفلت سلاحه من أي ضوابط رسمية ويتناغم معه في تفضيل مخططات إيران وحلفائها على مصالح الدولة اللبنانية والمحيط العربي، مستنداً الى اتساع رقعة التمدد الإيراني الذي وصل أخيراً إلى اليمن بعد العراق وسوريا، وبأنه في ضوء الوقائع هذه لم يعد ممكناً التسليم بموازين القوى السياسية القائمة في لبنان والقبول بمرشح توافقي ترضى عنه القوى الأخرى المنافسة للحزب بل يتوجب ترجمة المتغيرات الميدانية هذه بإيصال مرشح يدور في الفلك الإيراني على وجه الخصوص.

وتتابع المصادر السياسية أن الحزب وأتباعه يروّجون منذ مدة لتداعيات هذه المتغيرات الاقليمية التي باتت أكثر من قبل ترجح المرشح الذي يسوّق له الحزب وإن كان حالياً في الواجهة النائب ميشال عون، ولكنه لا يبدو أنه المرشح الثابت والنهائي، بل يشكل الواجهة التي يتلطى وراءها الحزب كونه يستفيد منه بانتظار مفاعيل ونتائج الاتفاق النووي وغيره لحين تحديد آفاق التعاطي مع الملف الرئاسي إن كان باستمرار التعطيل وإطالة الأزمة السياسية القائمة، أو بفرض المرشح الذي يختاره الحزب وليس ضرورياً بقوة السلاح لأن مثل هذا الخيار ليس متاحاً في كل ظرف ومناسبة وقد ينقلب سلباً وضرراً غير محسوب له، أو الانصياع لرغبات أكثرية الأطراف بإيطال مرشح توافقي في النهاية. ولذلك بات الحزب ومعه التيار العوني، يستغربون إطالة أمد الأزمة الرئاسية فلا ضير إن طالت لأشهر أخرى بوجود رئيس للجمهورية أو بغيابه فالبلد مستمر والأوضاع مستتبة والحكومة الحالية تسيّر الأمور وتهتم بشؤون الناس قدر الأمكان.

وتكشف المصادر السياسية عن حركة الاتصالات والمشاورات الواسعة التي جرت نهاية العام المنصرم والتي شملت جميع الأطراف والزعامات الفاعلة لإخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، وتخللها مصارحة كاملة وطرح العديد من البدائل التي يمكن أن تشمل المخرج الملائم الذي يرضي الجميع بالحد الأدنى والمقبول، ولكن كلها كانت تصطدم بحائط مسدود وكان الجواب القاطع وخصوصاً لدى القريبين من الحزب بأن القرار عنده وحده وليس عند أي طرف آخر، فلا تتعبوا أنفسكم بأي حراك أو مبادرة لأن ليس بمقدورنا الموافقة أو الرفض، فالحزب متشبث بموقفه ويرفض الاستجابة لأي مبادرة أو مناقشة البدائل المطروحة مهما كانت مرنة ومدوزنة وما يزال متسمكاً بترشيح النائب ميشال عون و«لا تبحثوا معنا بغيره».

وفي اعتقاد المصادر السياسية المذكورة فإن توقعات الحزب بمكاسب يحققها تمكنه  من فرض المرشح الرئاسي المتناغم معه بمفاعيل التمدد الإيراني تبدّلت ولو جزئياً بعد ان شنت المملكة العربية السعودية على رأس تحالف خليجي وعربي واسع وتأييد إسلامي عملية «عاصفة الحزم» على مواقع «الحوثيين» الانقلابيين الموالين لإيران وحلفائهم التابعين للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، أعادت خلط الأوراق من جديد وانعكست إيجاباً على المنطقة العربية عموماً ولبنان من ضمنه بالطبع، بعدما أظهرت المملكة انها قوة أساسية وفاعلة في مواجهة التمدد الإيراني بالمنطقة بعد اليوم، الأمر الذي فاجأ إيران وعملاءها في لبنان وفي مقدمتهم «حزب الله» والتابعون له لأن هذه العملية المباغتة والتي اثرت بمجرى الأحداث قد اهدرت من اياديهم حصيلة ما كانوا يتهافتون على تحقيقه من مكاسب السيطرة والنفوذ والتحكم بمقدرات المنطقة وباتت تشكّل هاجساً مميتاً لاحلامهم التي لا حدود لها للتحكم بالمنطقة العربية، في حين ان تزامن التطورات الميدانية والعسكرية في سوريا والتي أتت في غير صالح قوى النظام و«حزب الله» وميليشيا الحرس الثوري في الأسابيع الماضية شكلت ضربة إضافية لادعاءات مسؤولي النظام الإيراني و«حزب الله» بالسيطرة وأصبحت تشكّل عاملاً إضافياً في تقليص طموحات الحزب بإمكانية تبديل موازين القوى لصالحه بالداخل اللبناني أكثر من أي وقت مضى وفرضت واقعاً جديداً يتطلب التعاطي معه بواقعية أفضل من السابق.

ومن وجهة نظر المصادر السياسية البارزة فإن أزمة الانتخابات الرئاسية مؤجلة إلى وقت غير معلوم، ليس بسبب انتظار نتائج إنجاز الاتفاق النهائي المرتقب للملف النووي الإيراني ونتائجه وتداعياته وكيفية تعاطي الدول العربية معه وهذا سيستغرق شهوراً عديدة، وإنما بسبب دخول تعقيدات الأزمة اليمنية وتشابكاتها على الواقع اللبناني بفعل محاولات «حزب الله» الانغماس فيها امنياً وعسكرياً ومحاولاته الدؤوبة لجعل لبنان منبراً ايرانياً لمهاجمة المملكة العربية السعودية واستهدافها على لسان الأمين العام للحزب حسن نصر الله بأشد العبارات العدائية وهو ما يرفضه معظم اللبنانيين لعلاقتهم التاريخية المميزة مع المملكة وروابطهم العربية والإسلامية، الأمر الذي يصعب معه في الوقت الحاضر مقاربة هذه المسألة حتى ظهور بوادر حل الأزمة المذكورة أيضاً، في حين لا يظهر في الأفق من خلال تتبع وقائع جلسات الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» ان الأخير حاضر لمقاربة ملف الاستحقاق الرئاسي حتى اليوم.