ينظر جمهور الممانعة إلى ضبطِ قوى عسكرية شرعية صندوق خرطوش في صندوق سيارة أو مصادرة أقنعة واقية من غاز القنابل المسيلة للدموع، وتوقيف صاحبها في جل الديب أو على أوتوستراد الذوق، كعمل محمود وجيد بكل المعايير، ويصب حتماً في حماية السلم الأهلي من العابثين به، وضرب أي محاولة للعودة إلى زمن الميليشيات، وينظر الجمهور نفسه إلى اعتراض سائق شاحنة محمّلة براجمة صواريخ (ذكية جداً) في شويا كعمل مستنكر يستوجب ملاحقة المتعرّضين له، كون السائق، ومن معه من مجاهدي المقاومة الأبرار، والشاحنة تلك قد تجرّ لبنان إلى حرب مجيدة على مشارف الذكرى الرابعة لحرب تموز. ومَن مِن اللبنانيين الشرفاء لا يتوق اليوم، أكثر من أي يوم، لتلقين العدو الصهيوني درساً لن ينساه؟ بالفعل اشتقنا. ما ينقصنا في هذه المرحلة المصيرية من تاريخنا، نشوبُ حربٍ تدمّر ما سلم من بنانا التحتية والفوقية قبل 15 عاماً وتعيد رسم السعادة على وجوهنا الكالحة والعابسة.
الحدثان الأمنيان مختلفان. فاكتشاف صندوق خرطوش صيد في صندوق سيارة قبل 25 يوماً من افتتاح وزارة البيئة لموسم الصيد، يثير ارتياباً ويشكل تهديداً للأمن الإقليمي فيما نقل الصواريخ إلى منطقة حدودية، بشاحنات مشودرة، فأمر روتيني وطبيعي ومبدئي في جمهورية ما برحت وما انفكت وما فتئت تعلن تمسّكها بالقرار الرقم 1701 بكل مندرجاته وبنوده ومفاصل جسده وروحه.
ظريف الطول قالها بالأمس في قصر بعبدا على هامش الحلقة الخامسة من مسلسل المشاورات، ومتوسط الطول قالها أول من أمس، والمربوع كرر في أربعة أيام، تمسّكه بالقرار الدولي مثنى وثلاثاً ورباعاً: “يؤكد لبنان تمسّكه بالقرار 1701 الذي تنتهكه إسرائيل يومياً”، ما يشير من دون أدنى شك، أن ببغاوات السلطة لم يقرأوا بنود القرار الواضحة ولا يريدون أن يقرأوا، أو ربما فهموا بعد قراءة معمّقة أن القرار الدولي قصد بالسلاح والعتاد العسكري خرطوش الصيد ومتمماته وأن أرض “المقاومة الإسلامية لاند” مستثناة من تطبيق القانون الدولي. يخطئ تماماً من يعتبر المقاومة ميليشيا خارجة عن سلطة الدولة. إنه خطأ شائع كما الأخطاء الواردة في متون النصوص الأدبية والمقالات الصحافية. الصحيح أن الدولة تخرج أحياناً عن سلطة “المقاومة الإسلامية” التي يعود لها حصراً، حق التصرف بالأرض وما تحتها، ولا من يسأل أو يسائل. ويذكر اللبنانيون بشيء من الفخر، أن بين العامين 2018 و 2019 كانت “المقاومة الإسلامية” على أهبة افتتاح “مترو الأنفاق” بين لبنان والعدو الصهيوني، لكن العدو خرب الإنجاز الذي كان سيدر على لبنان خيرات كثيرة ودماراً ولا بالأحلام.