لملم ” حزب الله” حلفاءه، تكشف مصادر سياسية، بعدما ادت مبادرة دعم ترشيح النائب سليمان فرنجيه الى تفجر الوضع الداخلي لقوى 8 آذار، فالتزم كل من “التيار الوطني الحر” و”المردة” هدنة محكومة بعدم التصعيد في ما بينهما او تأزيم الامور اكثر بغض النظر عما تضمره القلوب. في حين ان السقف الايراني المرسوم اصلا منذ اعوام عدة للثنائي الشيعي اي حركة “امل” و”حزب الله” يفرض على كل منهما استيعاب الاخر بعيدا من اي خلافات علنية على ما حصل اخيرا بالنسبة الى انزلاق الرئيس نبيه بري في اتجاه دعم ترشيح فرنجيه خصوصا وفق ما ظهر عشية جلسة الانتخاب التي كانت مقررة في 16 من الشهر الماضي حيث كان يجري بري احتساب اصوات النصاب فيما الحزب على نقيضه في التزامه دعم حليفه العوني. في المقابل يقدم المشهد السياسي لقوى 14 آذار افضل ما يمكن ان يتمناه الحزب بين تسريبات عن اتجاه الدكتور سمير جعجع الى دعم ترشيح عون في مؤشر على تناقض قوي لما يمضي فيه الرئيس سعد الحريري في دعم ترشيح فرنجيه واتساع بون التناقضات بين هذين المكونين الرئيسيين لقوى 14 آذار وبين تقارب يكبر بين التيار العوني و”القوات”، في ظل اطمئنان عميق لدى الحزب بأن جعجع لن يحصل على اي شيء من عون وفق ما تكشف المصادر، ولو ان كثرا يراهنون على ان جعجع يلعب حسابات داخلية مسيحية ايضا على المديين المتوسط والبعيد. فالمكاشفة التي جرت بين عون وقيادة الحزب على اثر اندفاع فرنجيه الى اعلان ترشيحه مستندا الى دعم من الحزب واطلاعه على كل الخطوات التي اقدم عليها، كما قال، ادت الى اعادة تأكيد التزام الحزب دعم ترشيح عون بناء على اوراق عدة وضعت على الطاولة من بينها على سبيل المثال لا الحصر: ان دعم الرئيس الحريري ترشيح عون للرئاسة في مرحلة اولى والتي تميزت بصدق الحريري في هذا الاطار، وفق اقتناع زعيم التيار، قبل ان يتلقى رفض المملكة السعودية السير به اتاحت للحزب ان يستثمر هذا العامل في رمي كرة التعطيل في ملعب المملكة والهجوم عليها. ثم ان تلويح عون بقلب الطاولة معددا جملة شروط تشكل انقلابا حقيقيا على الدستور استفاد منها الحزب في التلويح بمؤتمر تأسيسي في وجه خصومه قبل ان يسقط الحلفاء انفسهم على طاولة الحوار اقتراح عون لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب. واذ طاولت المكاشفة ما قدمه عون مع اشارته في كل مرة الى انه في حال غيّر الحزب رأيه من دعمه فهو مستعد لتفهمه لقاء ان يتفهم هو خصوصيته ووضعه في المقابل، خلصت هذه المكاشفة الى تأكيد الحزب التنسيق مع عون في اي اقتراح ودرسه جديا في حال ثبت جدواه.
ومع ان التصعيد السعودي الايراني الاخير اعطى فرصة لرافضي مبادرة دعم فرنجيه بان يأخذوا مداهم ويستلهموا اعذاراهم ومبرراتهم على نحو اكبر ويمددوا للفراغ فترة اضافية، فان الواقع كما تكشف المصادر السياسية ان مبادرة دعم فرنجيه لم تكن ناضجة لا من حيث توقيتها ولا من حيث الالية السياسية التي تمت مقاربة ملء الشغور الرئاسي من خلالها. فالتوقيت الاقليمي بدا غير مناسب لاطلاقها في ظل استمرار عوامل التأزيم قائمة ولو قبل اشتداد التوتر بين السعودية وايران، فضلا عن جملة اخطاء ارتكبت على الطريق المؤدي اليها ولم يقع ضحيتها الحريري او فرنجيه فحسب انطلاقا من نفي اللقاء الذي عقد بين الجانبين، وهو ما لم يكن في موقعه، وصولا الى استعجال فرنجيه اعلان ترشيحه بل وقع ضحيتها ايضا كل من الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط ايضا. ومع ان المصادر السياسية استنتجت على نحو مبكر احتمال افشال مبادرة دعم فرنجيه استنادا الى هذه العوامل بالذات، فان ما يحتاج الى كشفه بوضوح هو اسباب وجود مناخات مطمئنة لدى كل من محاوري ” حزب الله” اكان من “تيار المستقبل” او من “تيار المردة” للمسار المؤدي الى ترشيح فرنجيه وكذلك وجود مناخات مطمئنة اقليمية ونهائية لدى كل من الحريري وفرنجيه للسير في ما توصلا اليه. في حين تؤكد هذه المصادر ان الحزب لم يكن ليطمئن اصلا لاتفاق يجريه الحريري ” كصانع رؤساء” ولو مع التسليم بمرشح اخر من قوى 8 آذار والذي بات بمثابة مكسب لهذه القوى كيفما اتجهت الامور، بحيث يصعب ان يتجه الحزب في اتجاه التخلي عنه الى مرشح توافقي في حال مراوحة ترشيح فرنجيه مكانه بعدما بات يمسك فعليا بمرشحين من تحالفه السياسي اي عون وفرنجيه تم التسليم طوعا بوجوب وصول احدهما الى سدة الرئاسة الاولى متى قرر الافراج عن الانتخابات الرئاسية من جانب خصوم الحزب. لا بل ان ثمة من يرى في انطلاق فكرة ترشيح فرنجيه، وهي على ذمة المطلعين تعود للسفير الاميركي السابق ديفيد هيل، دلالات على اقرار اميركي بان قوى 14 آذار لن تستطيع ايصال اي مرشح لها وانه قد يكون ملائما الحد من الاضرار على نحو مبكر بدعم ترشيح فرنجيه.
لكن الخشية الكبرى لدى هذه المصادر تتأتى من ان اللعبة السياسية الداخلية واستنادا الى التطورات الاقليمية وتأثيرها على لبنان قد لا تفسح في المجال امام الحد من الاضرار بل على العكس الى مزيد من الاستنزاف على مستوى الوطن والمؤسسات وصولا الى استنزاف بعض القوى السياسية التي يؤخذ عليها تقديم بعض التنازلات من خارج التفاوض الدقيق والمشروط.