Site icon IMLebanon

حزب الله “يفاوض… والدولة؟

لست في وارد الرثاء وتعداد مزايا فنانة كبيرة وشاعر عظيم ربما لم يذكرهما كثيرون في أواخر أيامهما، ولعلهما كانا يتساءلان عندما رحلا، ما نفع الابداع في وطن لا يكرّم مبدعيه إلاّ بعد وفاتهم؟

“ويل لأمة لا ترفع صوتها، إلا اذا مشت في جنازة”، مقولة للمبدع الآخر جبران، تنطق بلسان حالنا اليوم، خصوصاً عندما نلحظ أنّ حتى الموت فقد قيمته ورهبته في حاضرنا. وحتى المناسبات الحزينة باتت مناسبات اجتماعية يستغلها بعضهم للقاء أصدقاء.

لن أكتب لاستنكر الهرج والمرج أمام النعوش، بعدما اصبح طبيعياً. ولا أتساءل عن وطن يستخف بالموت ولا يحترم عباقرته ومبدعيه، فكيف عساه يحفظ تاريخه وتراثه ويحضّ شعبه على الابداع؟

سأكتب بفرح عن شحرورة غنت أكثر من 3500 أغنية، وظلت تبتسم ولا تتذمر حتى وهي تمضي آخر أيامها في فندق متواضع.

وسأكتب ايضاَ عن شاعر، أو بالاحرى عن عبقري، ربما لا يشاركه البعض آراءه السياسية في فترة ما. أما أن يبلغ الحقد والاسفاف والشماتة بهذا البعض، حدود الاهانة والتحقير لكبير، وهو ينتقل الى الضفة الأخرى من الحياة الدنيا، فهذا أمر لا يحقّر إلا مَن يقدم عليه.

وثمة أمر آخر لفتَني هو حرق ذوي العسكريين المخطوفين الاطارات في الشوارع، الى قطع الطرق وخنق العاصمة بسدّ مداخلها. وأتساءل مع كثيرين من المواطنين الذين كادت الزحمة ان تخطف أنفاسهم، هل بقطع الطرق نحضّ المسؤولين على مضاعفة جهودهم لإطلاق العسكريين؟

ألم نفكر مرّة في أن خنق العاصمة هو أقصى أماني الخاطفين؟

الغضب والانفعال وثورة الغرائز لا تحرّر مخطوفاً ولا تحلّ قضية، لكنني أتفهم مشاعر أهالي العسكريين، وبتّ أتفهمهم أكثر، بعدما وصل زميل لي في “النهار”، وكان غاضباً لأنه علق ساعات في الزحمة على بعد عشرات الامتار من مبنى الجريدة، قبل ان يترجل ويمشي، وأخبرني انه أبدى انفعاله الشديد أمام حاجز أهالي المخطوفين وراح يلومهم، حتى تقدمت منه شقيقة أحد العسكريين لتقول له: أنت غاضب لأنك عالق في الزحمة لكن أخي عالق في جرود عرسال بين أيدٍ لا تعرف الرحمة!

وأياً تكن الحال، تعطيل مصالح الناس ممنوع ، لكن عدم التضامن مع مشاعر أهالٍ ينهارون منذ أشهر، بفعل اللعب بأعصابهم، هو الجريمة الانسانية والوطنية بعينها. لذا المطلوب من الحكومة ان تفاوض بكل الاساليب المتاحة، وبطريقة جدية وحازمة، وتستخدم كل ما تملك من نقاط القوة ووسائل الضغط لتعزيز موقعها التفاوضي.

“حزب الله” اعتمد ذلك وحرّر أسيره، وعلى الدولة أن تتحرك، لئلا يأتي يوم يتمنى فيه أبناؤها الانتماء الى “دولة حزب الله”.