Site icon IMLebanon

“حزب الله” يستفسر: أين هي المبادرة الحوارية؟

“حجر” الحريري لم يصل إلى “بركة” الضاحية

“حزب الله” يستفسر: أين هي المبادرة الحوارية؟

انتظر نهاد المشنوق ثماني وأربعين ساعة، قبل أن يُتبع بيان سعد الحريري المطوّل بـ”ملحق توضيحي” يشرح فيه ما لم يُلتقط من الأول، لا بل يقول فيه ما لم يُذكر في مواقف “الشيخ”.. فيدل عليها بالصوت والصورة: إنها مبادرة حوارية.

لم يكتف وزير الداخلية بهذا التفسير، لا بل زاد عليه أنّه لا يستثني “حزب الله”، وإن ربطه بالاستحقاق الرئاسي. وهكذا صار بالإمكان سحب “حق الامتياز” المعطى لمائدة تمام سلام الموزاييكية التي تجمع الخصمين، لأن بإمكانهما أن يتحاورا خارج القيد الحكومي.

أن يتولى وزير الداخلية هذه المهمة من دون غيره من “الرفاق الزرق”، فلتلك الخطوة تفسيرها وتبريرها. هو طبعاً يهندس موقعه كأكثر من يعبّر عن بوصلة “نجل الشهيد” ويلتقط إشاراته. أما البقية فقد تضيع بها الطريق وتأخذ “المستقبل” إلى حيث لا تشتهي قيادته.

وقد تكون متصلة أيضاً بخطاب الذكرى الثانية لاستشهاد وسام الحسن، حيث راح “التصعيد المشنوقي” إلى أبعد ما يريده خطيب المنبر. فكان لا بدّ من جرعة انفتاحية تعيد التوازن إلى العلاقة مع “حزب الله”. كل هذا في الشكل.

أما في المضمون، فثمة اعتبارات أخرى. في كلام رئيس الحكومة السابق تأكيد واضح وصريح على دور أهل السنة كركن من أركان الصيغة اللبنانية لنفض الأيدي من “دعوات الثورة السنية”، وتقديم صك براءة من المحاولات المشبوهة لشق المؤسسة العسكرية.

هو يقول بمعنى آخر إنّ شركاء الوطن مخيّرون بين الوقوف إلى جانب اهل الاعتدال الذي يمثله “تيار المستقبل”، أو ترك مصيرهم لـ”تسونامي” التطرف الذي يجتاح المنطقة. فتصبح المعادلة: سعد الحريري أو “الدواعش”.

يلقى هذا الكلام صدى إيجابياً في الضاحية الجنوبية، لأنه يلاقي بنظر أهلها خطاب السيد حسن نصر الله لمواجهة كل أنواع التطرف. هو المربع المشترك الذي يريد “حزب الله” لخصومه، وتحديداً “تيار المستقبل”، أن يقف فيه، لتأمين قبة حديدية تظلل المعارك المتنقلة في الداخل اللبناني بين الجيش والمجموعات الإرهابية.

حتى هذه النقطة، يبدو الكلام واضحاً. لكن أبعد من ذلك، فيدور الالتباس. صحيح أنّ المشنوق تحدث عن مبادرة حوارية، لكن الضبابية تلف هذا الطرح، مع أنّ مبدأ الحوار مرحب به من جانب الضاحية الجنوبية التي أكدت على لسان مسؤوليها وفي أكثر من مناسبة، ضرورة فتح قنوات التواصل لما في مصلحة البلد.

ولكن حتى اليوم لم توضع أي ورقة مكتوبة على طاولة أي من مسؤولي “حزب الله”، ولم تنقل إليهم أي آلية للتحاور والجلوس إلى طاولة واحدة. ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول مقاصد الحريريين من هذه “اليد الممدودة”، ولا سيما أنّ الرياض تقصّدت الرد بشكل مباشرعلى كلام الأمين العام لـ”حزب الله” الذي اعتبر أنّ “من يتحمل المسؤولية الأولى اليوم في العالم الإسلامي لوضع حد لانتشار الفكر التكفيري هو السعودية”.

ما يعني أنّ الأجواء ليست صافية بين الضاحية الجنوبية والرياض. وما يدفع إلى السؤال: ضمن أي مناخ أتت مبادرة سعد الحريري.. حتى لو لم تبلغ طاولة الحوار؟

ومع ذلك، فهناك من يعتقد أنّ هذه “الرمية” من جانب “الحريريين” قد تكون خطوة أولى في طريق الألف ميل. عملياً، هو قرار معلّق من جانب “الشيخ” منذ أن قرر كسر قرار “مقاطعة” الضاحية الجنوبية بسبب القتال في سوريا وعاد إلى بيت الطاعة الحكومي، حيث تركت العلاقة الثنائية بين الجانبين على طريقة “ربط النزاع”، لأن حلّها يتخطى الحدود اللبنانية.

لكن “صنارة” الاستحقاق الرئاسي التي رماها “الزرق” لسمكة الحوار، تقود إلى مزيد من التساؤلات: هل يسعى “تيار المستقبل” إلى تجاوز المسيحيين في انتخابات الرئاسة بعدما رفع يديه استسلاماً بوقوفه أمام حائط ترشيح ميشال عون مقابل ترشيح سمير جعجع؟ أم هي مجارد مناورة لتمرير قانون التمديد الثاني بأقل الأكلاف الممكنة؟