IMLebanon

حزب الله على خارطة المسلسل المكسيكي المفتوح؟!

من الصحراء الليبية إلى السلسلة الشرقية

 حزب الله على خارطة المسلسل المكسيكي المفتوح؟!

بقي كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في احياء ذكرى القادة الشهداء في 19 شباط الجاري في ما خص دعوة الحكومة اللبنانية والقوى الشرعية للاستعداد لمواجهة جحافل «داعش» وما يرتبط بها من سلسلة جبال لبنان الشرقية في مدار الاهتمام الدولي والإقليمي واللبناني في غمرة تحولات خطيرة في المشهد الدموي، الممتد من سواحل ليبيا المفتوحة على أوروبا القريبة (إيطاليا وفرنسا) إلى سواحل سوريا وصحراء الشام، امتداداً على طول الحدود مع العراق والأردن وتركيا ناهيك عن المتغيّرات السياسية والدينية والقبلية في اليمن السعيد..

تتحدث المعلومات عن اكتشاف الجماعات المسلحة لا سيما منها تنظيم «داعش» في الجبال المرتفعة مكاناً آمناً، بعد فرار المئات منها، تحت وطأة الضربات البرية والجوية سواء في الانبار العراقية، أو درعا السورية واماكن أخرى من البر السوري، أو الضربات الجوية لطائرات التحالف الدولي، والمتوقع ان تتخذ ابعاداً خطيرة، بعد المؤتمرالدولي لمكافحة الإرهاب، الذي أنهى اجتماعاته في واشنطن قبل أيام.

وفي المعلومات التي تبني عليها القيادات العسكرية والأمنية حساباتها، فضلاً عن قيادات حزب الله الميدانية وبالتنسيق مع الجيش السوري النظامي، فإن مسلحي «داعش» بعد المبايعات المتعددة من فصائل معارضة، ومسلحة أخرى، باتوا اللاعبين الرئيسيين في منطقة القلمون السورية، على تخوم الحدود مع لبنان.

وتكشف التقارير الميدانية الواردة من أرض المواجهات المقبلة ان «التنظيم» الأكثر دموية، يعدّ لاحتلال التلال والمرتفعات في جرود عرسال، وصولاً إلى القرى والبلدات المتاخمة.

وفي رأي أوساط ذات اطلاع على تكتيكات «داعش» في الميدان، في تلك المنطقة، فإن محاولات التقدم باتجاه تلال بريتال، وتلال رأس بعلبك كانت بمثابة استطلاعات ميدانية لاحتمالات التقدم في ظروف سياسية ومناخية وعسكرية أفضل..

في تلك المنطقة، التي تلعب الأحوال المناخية دور ضابط الايقاع، في استخداماتها العسكرية من المتوقع ان تتحدّد طبيعة المواجهة التي ترسم معالم استراتيجية الانتصار أو الهزيمة في الحرب السورية.

بدا السيّد نصر الله وهو يتحدث عن الاستعداد لمواجهة المجموعات المسلحة على تلال وجبال السلسلة الشرقية، مدركاً تمام الادراك دور الجغرافيا، في رسم مصائر دول المنطقة ومجموعاتها العرقية والمدنية، على نحو ما كان يدركه قادة المحاور في حروب أوروبا داخلها، وفي آسيا أو الشرق عموما.. من دور الجغرافيا في بناء السياسات والاستراتيجيات لا سيما في التوترات الكبرى التي يعبر عنها عدم الاستقرار أو النزوع إلى تجديد البناءات أو هدمها عبر العمليات الحربية، وكتابة الخرائط بدم العساكر والجنود على أرض الخصم أو أرض العدو، أو أرض المطامع المستهدفة بالسيطرة.. بعد انتقال سيناريوهات الفوضى على الطراز المكسيكي، أي استبدال دول الحزب الواحد بأخرى أكثر فوضوية تتسم بتعدّد الطوائف والتعددية الحزبية.

وفي تقدير خبراء الاستراتيجية حول الشرق الأوسط، فإنه في العقود المقبلة سيجعل الحقبة الاخيرة من الصراع العربي – الإسرائيلي تبدو أشبه بفعل رومانسي، داكن من الحرب الباردة وما بعد الحرب الباردة..

في اللحظة المصيرية هذه قفزت إلى الواجهة جرود عرسال امتداداً إلى مرتفعات القلمون السورية في القسم الشمالي من السلسلة الشرقية التي تمتد بطول 17 كلم في وضع متواز مع السلسلة الغربية، والتي تنحدر باتجاه البقاع حيث الاخدود الانهدامي، فيما تنحدر شرقاً باتجاه البادية السورية، بتعبير الادبيات الجغرافية..

في القسم الشمالي، تعتبر قمّة موسى أعلى النقاط ارتفاعاً (2629م) وتستند إلى مرتفعات القلمون.

والاهم من القسم الشمالي هو القسم الجنوبي، وهو أكثر ارتفاعاً فيه جبل حرمون وجبل الشيخ (2814) ويطل على إسرائيل التصاقاً بالجولان السوري المحتل.

بهذا المعنى، وقياساً على الرؤية الموجودة لدى حزب الله، وحلفائه، سواء من النظام السوري أو الحرس الثوري الإيراني، فإن معركة السيطرة على القسم الشمالي من السلسلة الشرقية المفتوح على تلال ومرتفعات القلمون السوري، حيث تتمركز مجموعات مسلحة، ومدربة، وكانت امتداداً على منافذ التموين والتسليح والتدريب والامتدادات بالمسلحين، تتخذ ابعاداً تتعدّى الجماعات المسلحة، إلى الاحتكاك المباشر مع الجيش الإسرائيلي، الذي يُشكّل بالنسبة إليه السيطرة على جبل حرمون نقطة حاسمة في الدفاعات، ليس في ما خص الجولان السوري، بل ربما امتداداً إلى العمق الإيراني.

ومن المرجح جدية، ان تكون العملية العدوانية التي طالت نخبة من مقاتلي حزب الله في مزرعة الأمل، على بعد 6 كيلومترات من الشريط الفاصل بين الاحتلال الإسرائيلي والمناطق المحررة في الجولان، التي يتنافس السيطرة عليها الجيش النظامي والمجموعات المقاتلة ضد النظام الأسد (الرئيس بشار الاسد) هي التي سرّعت اعداد العدة للمواجهة الكبرى على السفوح الشرقية.

والأمر الذي تجدر الإشارة إلى أهمية التوقف عنده هي دعوة السيّد نصر الله الحكومة والجيش اللبناني والقوى الشرعية للاستعداد لمثل هذا الاجراء، حالما يحلّ الربيع، وتذوب الثلوج، وتتراجع موجة العواصف القاسية الآتية من روسيا وتركيا إلى لبنان وسواء الأردن وفلسطين..

ولا يمكن اعتبار المواجهة الموقدة التي دارت في شمال حلب، وما تردّد عن ضربة مني بها جيش النظام السوري، وحلفائه من مقاتلي حزب الله والحرس الثوري مفصولة عن التخطيط الجاري للسيطرة على السلسلة الشرقية ليس من قبل محور إيران سوريا، بل أيضاً من المحاور المقابلة، لا سيما المحور الإسرائيلي، أو محور تركيا – الجماعات السورية المسلحة المدعومة من دول الائتلاف، المجتمع لمكافة الإرهاب، والذي انضمت إليه بقوة مصر، على الجبهة الليبية، بعد اعدام داعش لـ19 قبطياً مصرياً..

وفي رأي محللين سياسيين في ان ما جرى على جبهة حلب لجهة الحدود مع تركيا يُشكّل أوّل احتكاك غير مباشر بين الأتراك والايرانيين، على أرض الصراعات المفتوحة، والطويلة للسيطرة على سوريا..

وبصرف النظر عن تداعيات هذا الاشتباك على الداخل التركي، بمواجهة حكومة رجب طيب أردوغان، فإن دخول الولايات المتحدة بقوة على خط التدريب والاشراف على المعارضة السورية المعتدلة، سيجعل من المواجهات المقبلة خطوط تماس إقليمية في اللعبة الكبرى، التي تسعى فيها إيران لانتزاع اعتراف أميركي بدورها الشرق الاوسطي يتخطى الملف النووي، الذي يقال انه بات ناجزاً مع الانتباه إلى الأدوار المصرية والتركية وغرب الاعتدال.

من معركة «السلسلة» إلى معارك الجولان وشمال حلب، تتحضر الساحة اللبنانية لربيع ساخن، تبقى فيه الرئاسة الأولى تفصيل صيغة في ترتيبات كبرى مقبلة!