IMLebanon

حزب الله» متفائل بانتصارٍ قبل الربيع

عندما دعَّم الروس قاعدتهم العسكرية في الساحل السوري، كانت تلك إشارة إلى أنّ مستقبل الأسد مضمون في بيته العلوي الصغير. لكنّ المشروع الروسي الجديد هو بناء قاعدة عسكرية في محيط دمشق. وهذا يعني أنّ منطقة النفوذ التي ستُعطى للأسد ستشمل العاصمة أيضاً، والخطّ الذي يربطها بالساحل. وهنا يصبح الكلام أكثر وضوحاً على مستقبل لبنان ودور «حزب الله».

في الأيام الأخيرة بدت مصادر «حزب الله» مهتمّة بالمعلومات عن قرب تثبيت الروس قاعدة تدخّل سريع في محيط العاصمة السورية، حيث ينكبُّ العشرات من الضباط الروس على تحضير هذه المهمة.

وقد منحهم الرئيس السوري مئة دونم من الأراضي لبناء المساكن، لهم وللجنود الروس وعائلاتهم، في البقعة الواقعة بين الفوج مئة والفرقة العاشرة التابعة للجيش السوري، أيْ بين جديدة عرطوز وقطنا.

ووفق المصادر السورية القريبة من الأسد، ومصادر «الحزب»، فإنّ الجنود الروس سيستقرّون في مطار المزة العسكري. وستكون هذه القاعدة العسكرية هي المركز الذي يقود الأنشطة العسكرية الروسية على كلّ الأراضي السورية.

وستكون القاعدة الروسية مجهَّزة بنظام دفاعي متين، مدعَّم بنظام راداري قادر على توفير رصد دقيق لأيّ حراك عسكري في المنطقة وأجوائها، حتى الحدود اللبنانية غرباً، والحدود الإسرائيلية جنوباً.

وسيتكفّل بمراقبة حثيثة لحراك الجماعات التي تقاتل النظام، خصوصاً في شرق العاصمة وجنوبها. وسيتمُّ تزويد القاعدة بأنظمة دفاع جوّية، قوامها منظومة صواريخ متطورة ومرتبطة بقيادة سلاح الجوّ السوري.

وخلال قمة بوتين- الأسد في موسكو، جرت مناقشة شاملة لمستقبل الصراع، والتطورات العسكرية والسياسية المرتقبة، ولاسيما المرحلة الثانية التي ستكون بناء قاعدة جديدة في دمشق، وتولّي الروس مباشرة قيادة مختلف الجبهات في سوريا.

وبناءً على هذا المعطى العسكري البارز، يعتقد كثيرون أنّ نظام الأسد لم يعد مطمئنّاً إلى وضعه في منطقة الساحل فحسب، بل أيضاً في العاصمة والمناطق المحاذية للحدود اللبنانية. ويقول أحد الخبراء: لقد جرى إنقاذ الأسد لا كزعيم للعلويين فحسب، بل كرئيس للنظام، لأنّ النظام يسقط أو لا يسقط بناءً على سقوط العاصمة أو عدم سقوطها.

وفي أيّ حال، يبدو الروس وكأنهم يرسمون الخطوط العريضة للحدود التي ستنشأ بين مناطق النفوذ في داخل سوريا، على أسس مذهبية وعرقية. وستكون فيها حصة الأسد للأسد، لأنه سيحافظ على «سوريا المفيدة»، كما يجري التعارف على وصفها. وهي تضمّ المدن الكبرى والمنفذ على البحر والحدود مع لبنان وإسرائيل.

لكنّ بوتين يبحث عن سبيل لاحتفاظ حلفائه في العراق وسوريا بالخطّ الحيوي الذي يربط بين آبار الغاز الخليجية المكتشفة ومياه المتوسط. وربما يكون هذا الخط، الذي يقدّر مردوده بمئات المليارات من الدولارات، أحد الحوافز المهمة لحملة بوتين.

ولكن، هناك حصة تنتظرها إيران، ويترقّبها «حزب الله»، من جرّاء انتقال الروس إلى محيط العاصمة والحدود اللبنانية. ويقول القريبون من «الحزب» إنّ ما بعد دخول الروس إلى سوريا سيختلف عما قبله، بالنسبة إلينا.

وميزان القوى في لبنان سيكون مريحاً أكثر لنا. في اقتناع «الحزب» أنّ القوة الروسية- الإيرانية- الأسديّة التي ستسيطر على سوريا المحاذية للبنان ستشكل ضماناً له من جهات عدة:

1- سيرتاح «الحزب» في معاركه السورية، وستتقلص وظيفته الهجومية الصعبة وسيحِدُّ من حجم الخسائر البشرية التي يتكبَّدها.

2- سيسيطر على مناطق القلمون ربما قبل موسم الثلوج. وسيكون وضع عرسال تحت السيطرة الفعلية للمرة الأولى منذ بدء المعارك.

3- ستتراجع قدرة القوى المتحالفة مع المعارضة السورية في العديد من معاقلها في الشمال اللبناني ومناطق لبنانية أخرى.

4- سينعكس ذلك على توازن القوى السياسية في لبنان، حيث سيكون «حزب الله» أكثر قدرة على التحكُّم باللعبة السياسية. وقد أظهرت طهران إشارتين إلى إمكان انتخاب رئيس للجمهورية قريباً: الأولى في قول بروجردي إنه يأمل أن تكون زيارته التالية للقصر الجمهوري، والثانية هي قول ولايتي للوزير جبران باسيل إننا نأمل في انتخابات رئاسية قريبة. وثمّة اعتقاد لدى كثيرين بأنّ التدخل الروسي يحظى بموافقة دولية- إقليمية شاملة.

فليس بوتين في وارد ارتكاب خطأ المغامرة عسكرياً بهذا الحجم في سوريا، وليس بالتأكيد في وارد التسبّب في اندلاع حرب إقليمية أو عالمية بشرارة سوريَّة. ويردّد القريبون من «الحزب» أنّ التسوية في سوريا ستتمّ على الأرجح قبل الربيع المقبل، أيْ أنّ الخريف والشتاء السوريين سيشهدان ضغطاً عسكرياً روسياً- إيرانياً هائلاً نحو الحسم.

وهذا ما سيدفع المحور العربي والإقليمي المقابِل إلى الموافقة على التسوية من دون شروط تُذكَر. وهذا التنازل سيترجَم أيضاً في لبنان حيث تصبح التسوية ممكنة.

هل سيكون الروس طليقي الأيدي في سوريا، بحيث ينفّذون خططهم بلا اعتراض إقليمي أو دولي؟ حتى الآن، هناك منسوب عالٍ من السكوت في إسرائيل، وفي تركيا، وفي الدول العربية الكبرى، وفي أوروبا وحتى الولايات المتحدة، إزاء الحراك الروسي. وفقط هناك بعض الاعتراض على بعض التفاصيل التافهة. ويقول الخبثاء: غالباً ما يكون السكوت علامة الرضى!