IMLebanon

«حزب الله» يُمرّر انتكاساته تحت جنح.. الضلال

بعدما عجزت السياسة عن اقناع «حزب الله» او اعترافه بأنه هو من يقف وراء الخراب والويلات والتعطيلات الحاصلة والتي تعصف بالبلد ليس منذ إنتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان فحسب، بل منذ خوضه مغامرة حرب تموز العام 2006، وبعدما عجزت الخسائر العسكرية والبشرية التي ما زالت تُلاحقه في سوريا، عن اقناعه بضرورة إعادة النظر في حربه هذه، أقله الإعتراف بهذا الخطأ القاتل، يبدو أن الخيار الأخير لإجبار الحزب بالوقوف عند حدّه في جميع مُمارساته وأفعاله، إحالة قادته على جهات مختصة لإستعادة رشدهم السياسي ومن ثم إستعادة بوصلتهم الفعلية التي سبق وساروا عليها، قبل أن يصلوا إلى حالتهم التي هم عليها اليوم.

هي مواقف متكررة تصدر عن قادة «حزب الله» بشكل يومي، يسوقون من خلالها إتهامات وبث أضاليل وأكاذيب بحق تيّار «المستقبل»، تتراوح بين بيانات وخطابات و»إجتهادات»، لا يُمكن وضعها إلا في خانة «العجز« و»الروتين» اليومي، وهو الأمر الذي يُخرج للعلن المآزق الذي يُعاني منه الحزب ويوضح للبعيد قبل القريب، أن العجز الذي يُعاني منه نتيجة سياساته الخاطئة وحساباته المعقودة على الخارج، لم تعد تتطابق مع حسابات الوضع العام في المنطقة التي يبدو أنها ذاهبة باتجاه تسويات لن يكون له فيها أي دور فاعل ولا وزن في ميزان التغيّرات والتطورات. لكن وعلى الرغم من إنسداد الآفاق كافة في وجه حزبهم، يُصرّ قادة «حزب الله» ومن بينهم الشيخ نعيم قاسم، على الإستمرار في حرف الحقائق عن موضعها والتلطي خلف جنح الظلام، من أجل تمرير إنتكاساتهم بأقل الأضرار المُمكنة. وأخر «نفحاته» قوله: « إن القتال في سوريا يهدف إلى حماية لبنان، وأن حزبه دخل الحرب هناك متاخراً، أي بعد سنتين تقريباً على اندلاعها».

بعد كلام قاسم هذا، قد يجد اللبنانيون أنفسهم وتحديداً عناصر «حزب الله»، أمام أمر وحيد، وهو التوجه بالشكر إلى قيادة حزبهم على تأخرها في الإنخراط بهذه الحرب، وإلا لكان عدد القتلى والجرحى ضعفي أو ربما ثلاثة أضعاف العدد الحالي، ولكان أبكى المزيد من العيون وادخل اليُتم إلى منازل ما زالت تنعم ربما، ببعض الرضا والعيش الهانئ، بإنتظار مصيرها المجهول. وينحو قاسم في حديثه باتجاه نكء الجراح خصوصاً عندما يتحدث عن «إنتصارات» و»غلبة» في «حلب» لمصلحة النظام السوري، في وقت يسعى فيه الحزب والنظام معاً، إلى عقد صفقات وتسويات مع الثوّار، من أجل إستعادة جثث تعود لعناصرهم وأيضاً، استرجاع عدد من الأسرى كانوا وقعوا منذ اشهر، بيد فصائل في المعارضة السورية.

عود على بدء في موضوع السعودية وتيّار «المستقبل». يهرب قاسم من الإحراج في عدم نزوله حتى اليوم إلى مجلس النوّاب لإنتخاب مرشحه، من خلال القائه باللائمة على السعودية و»المستقبل» وذلك من بوابة إتهام المملكة بأنها تضع «فيتو» على اسم النائب ميشال عون، والتيار، بأنه يلتزم بالقرارات السعوديّة. وسط هذه التعمية المُعتمدة من الحزب والتي أصبحت ممجوجة لدرجة أن اللبنانيين وعلى اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، ما عادوا يُعوّلون على طروحاته للخروج من الأزمات التي تعصف بهم، هل سأل الشيخ قاسم نفسه عن الجهة التي ورطته في الحرب في سوريا واليمن والعراق، والتي أدخلته في خصام وصل إلى حد القطيعة، مع مُحيطه العربي؟ ألم يكن الأجدى بـ»حزب الله»، البقاء على الضفّة الآمنة، بدل أن يتحوّل إلى أداة بيد الإيراني الساعي إلى تحقيق مشاريعه في المنطقة؟.

من باب تأكيده على نفي التغيير الديموغرافي الذي يقوم به «حزب الله» في مناطق سورية، يقول قاسم « في حال أجري إحصاء لإنتماء السكان الموجودين تحت كنف الدولة السورية في كل المحافظات، فيبدو واضحاً أن عدد السنّة هو الذي يشكل الأغلبية الساحقة، وبالتالي، فإن الحديث عن تغيير ديموغرافي هو غير واقعي«. إجابة تتطلب أسئلة تتعلق بفترة حكم الأسد الأب والإبن وبـ»حزب الله» الذي يسير على الطريق نفسه. ألم يكن السنة تحت حكم حافظ الاسد من قبل، فكيف كان حالهم، هل سُمح لهم بتبوؤ مناصب في الدولة او هل حصلوا على امتيازات كما هو حال ابناء الطائفة التي ينتمي اليها هو؟ فإذا كان النظام انصفهم، فلماذا قامت الثورة من مدنهم وريفهم؟ ولماذا أكملتم أنتم، ااحتلال «القصير« و«داريا« و«الغوطة« وغيرها من المدن والبلدات ذات الوضعية المذهبية الخاصة؟. اليست هي حرب مذهبية أعلنتها إيران على الشعب السوري؟، وهذه إحصاءات اللاجئين السوريين تؤكد أن مُعظمهم إن لم يكن جميعهم، هم من أبناء مذهب مُحدد.

ومن جملة «اسقاطات» قاسم أنه رأى أن «لا حلّ في سوريا إلّا وفق ما يريده السوريون والمحور الذي تنتمي إليه الدولة السورية«. للنظام السوري علاقات مع أكثر من دولة وجهة، منها النظام الإيراني والكيان الإسرائيلي على حد سواء، كذلك ينتمي إلى محور الإرهاب المؤلف من «داعش» وأخواتها، فعن أي محور يُمكن التحدث والأسد نفسه سبق وان اعترف بلسانه أن سوريا ليست للسوريين، بل هي لمن يُدافع عنها، و»حزب الله» في طليعة المُدافعين عن سوريا وعن شعبها الذي رأى الويلات منكم ولمس العجائب من أفعالكم.