ثمن باهظ لغياب القيادات وسوء الأداء والتبعية لطهران
يعيش لبنان هذه الايام اصعب أيامه، ويعاني اللبنانيون اوضاعا في غاية الصعوبة، لم يسبق أن واجهوها حتى في زمن الحرب الاهلية المشؤومة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
في الداخل تواصل مؤسسات الدولة انحدارها نحو الأسوأ منذ احداث تشرين الاول عام ٢٠١٩، جراء تردي الاداء السياسي واستشراء الفساد ونهب الاموال العامة، وغياب القيادات الفاعلة والقادرة على تحمل مسؤولية تولي السلطة، ووضع الاسس والقوانين اللازمة، لوقف الانهيار الحاصل، والمباشرة بحل سلسلة الازمات التي تتراكم يوما بعد يوم وتثقل كاهل المواطنين بالاعباء التي لا يمكن تحملها.
وزاد في وطأة ألازمات، التعطيل المتعمد لانتخابات رئاسة الجمهورية منذ أكثر من عام، تحت عناوين اجراء حوار مسبق بين الاطراف السياسيين تارة، وفرض تسمية رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة من قبل حزب الله وحلفائه تارة اخرى.
وفي موازاة الأزمات الداخلية، أدى قيام حزب الله بفتح جبهة الجنوب اللبناني ضد إسرائيل من جانب واحد وبمعزل عن الدولة والشعب اللبناني، تحت شعار التضامن مع الفلسطينين في قطاع غزّة، إلى تعرض لبنان لاعتداءات إسرائيلية متواصلة منذ عملية طوفان الأقصى بتاريخ السابع من شهر تشرين الاول الماضي وحتى اليوم، ذهب ضحيتها عشرات إن لم يكن مئات الشهداء والجرحى، وتهجير عشرات الآلاف من أبناء المناطق المواجهة للحدود اللبنانية الجنوبية، واضرار كبيرة في المنازل والمؤسسات والمزروعات والتسبب باستنزاف الاقتصاد الوطني والدورة الاقتصادية والمالية بالبلاد عموما.
يرزح لبنان حاليا تحت وطأة سلسلة أزمات، تبدأ بالعجز الفاضح في تسيير أمور الدولة والشلل في الادارات والمؤسسات الحكومية، وتأثيره السلبي والضار على تسيير وتلبية حاجات المواطنين، يضاف الى التعثر الفاضح من قبل المجلس النيابي والحكومة في إقرار القوانين المطلوبة و اتخاذ القرارات اللازمة، لمعالجة الاوضاع المصرفية والمالية لاعادة الانتظام العام للاوضاع المالية العامة، وتوفير مستلزمات الحد الادنى لتنظيم اعطاء المودعين جزءا يسيرا من ودائعهم، بالرغم من سلسلة الوعود والشعارات البراقة التي اغدقت عليهم، لمعالجة هذه الازمة التي باتت حاليا من الأزمات المستعصية.
وكأنه لم يكفِ اللبنانيين هذا الكمّ من ألازمات والضغوطات، فأتى ربط حزب الله، اطلاق سراح الانتخابات الرئاسية، بانهاء حرب غزّة، لان انشغالاته بالتركيز على المواجهة مع إسرائيل لا تمكنه من الاهتمام بانتخاب رئيس جديد للجمهورية حاليا، كشرط إضافي جديد، ما يعني في الخلاصة ترحيل الانتخابات الرئاسية لما بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية، وما ادراك ان تطول هذه الحرب وتتمدد إلى لبنان كما يحصل حاليا، وعندها سيبقى البلد بلا رئيس للجمهورية، ويستمر التردي والفوضى والانهيار في كل المجالات.
وهكذا كتب على اللبنانيين ان يدفعوا اثمانا باهظة، جراء ربط مصيرهم بمسار الصراع الدائر حاليا بالمنطقة، انطلاقا من مقولة وزير الخارجية الايراني أمير عبد اللهيان في زيارته الاخيرة للبنان، بأن «أمن لبنان من أمن ايران»، من دون ان يواجه بأي رد فعل حكومي او رسمي رافض ومستنكر لمثل هذا الموقف الفظ، ما يؤشر إلى ان الدولة اللبنانية اصبحت واجهة لمخططات وسياسات حزب الله وايران، وعلى اللبنانيين ان يتحملوا المزيد من التداعيات السلبية لهذا التدخل الايراني ومصادرة قرارهم لمصلحة الخارج.