IMLebanon

«حزب الله» يضع بيئته أمام «الإقناع».. الإجباري

تكشف خطابات قادة «حزب الله»، عملية الأسر التي ينتهجها الحزب بحق الطائفة الشيعية في لبنان والتي يسير عليها منذ تأسيسه وحتّى يومنا هذا، بالإضافة إلى نياته التي تشي بمزيد من التعقيد والتأزيم والتصعيد في المقبل من الأيّام، والأهم أن «حزب الله» الذي أخذ طائفته إلى أمكنة لا تليق بها ولا بتاريخها النضالي والمقاوم لكل أشكال الظلم والاستبداد، الصفتان اللتان تطبعان سيرة ونهج حليفه بشّار الأسد، لا يزال يُمسك بعصا الترهيب والترغيب لاستعمالها ضد أبناء جلدته في اللحظة التي تستدعي فيها الحاجة إلى ذلك.

حاجة «حزب الله» اليوم إلى إبقاء شعلة الخوف مُتقدة في نفوس اللبنانيين عموماً والشيعة على وجه الخصوص، لا طريق لها سوى عبر «شيطنة» الخصوم وخلق أعداء جدد، وهي حجج ما زال يسلك دربها بهدف الحفاظ على مكتسبات تمكّن من تحقيقها من خلال سلاح له أوجه استعمال متعددة تمتد من الداخل إلى الخارج ويخضع لرغبات إقليمية لم تعد على البلد سوى بالخراب والدمار والقتل والفتن. وآخر حاجات الحزب هذه، جاءت على لسان الشيخ نعيم قاسم بقوله «لو لم تتم مواجهة التكفيريين من بوابة البقاع من حدود لبنان الشرقية مع سوريا، لكانوا دخلوا إلى قرى البقاع وأقاموا إمارات تكفيرية في البقاع والشمال، وبدأوا بتصدير المنتج الوحيد الذي يعرفونه وهو السيارات المفخخة، ودخلت السيارات إلى لبنان من أوله إلى آخره، نعم إلى الجنوب وإلى صيدا وإلى بيروت وإلى جونية وإلى طرابلس وإلى الضاحية وإلى كل مكان».

في الظاهر ومن خلال أسلوب التخويف هذا، الذي يسير عليه «حزب الله»، يتبيّن لا بل يتأكد، أنه لم يكن بحاجة في الأصل، إلى فترة طويلة لإقناع جمهوره بأن الحرب التي يخوضها في سوريا مُحقّة وبأن دخوله فيها كان بأمر «إلهي». أمّا في المضمون، فإن كل الوقائع تؤكد، أن المراحل التي يمر بها الحزب، هي التي تفرض عليه طريقة التعاطي مع الأحداث بطرق مغايرة لقناعاته ومعتقداته، لكن شرط أن تُظهره أمام خصومه وجمهوره على حد سواء، وكأنه صاحب القرار في ما آلت اليه أموره سواء في العسكر أو السياسة. ومن باب الرعب الذي نشره في مناطقه، تمكّن «حزب الله» وخلال فترة زمنية قصيرة، من الحصول على موافقة علنية من جمهوره للدخول في حرب الموت في سوريا على الرغم من أن الموافقة بحد ذاتها كانت بمثابة تحصيل حاصل بالنسبة اليه، وبالتالي لم يكن يعوّل عليها لعلمه المسبق أنه قادر على شيطنة الخصوم والأعداء في اللحظة التي تتطلب منه ذلك ووضع أبناء طائفته في خانة الموافقة الإجبارية.

وأبعد من سرقة القرار الشيعي ثم الوطني عن طريق الترهيب، يسأل قاسم: «كيف كان وضع لبنان لولا هذه المواجهة التي حصلت؟»، ويعتبر أنه «لولا هؤلاء في مواجهة التكفيريين لكانوا يفجرون في كل يوم ويقتلون في كل شارع، ولكن خسئوا ببركة هؤلاء المقاومين المجاهدين الذين واجهوهم في ديارهم». لكن في سؤال مُعاكس، كيف يُمكن لقاسم أن يُترجم حالات الموت التي تفد الى البقاع والجنوب والضاحية، انتصاراً؟ وكيف يُمكن اعتبار الأيتام الذين خلّفتهم حربه في سوريا، وقوداً لحرب هو نفسه لا يُدرك متى تنتهي؟ وذلك من خلال تحميلهم مسؤولية تفوق قدرتهم وأوجاعهم، عن طريق دعوتهم إلى الأخذ بالثأر. وكيف يُمكن لـ«حزب الله» مُجتمعاً، أن يتحدث عن «انتصارات» بالتزامن مع صرخة أطلقتها والدة أحد قتلى الحزب في سوريا، في ساحة البلدة في أوّل أيّام عيد الأضحى الماضي، وهي تُردد «الله أكبر على هالعيد، كله موت وجثث».

من الواضح أن كلام قاسم وغيره في حزبه، إنّما يدل على العجز الواضح لجهة تحقيق أي من الوعود التي يُطلقها على منابر الموت، وفي الإعلام. ومن أبرز المؤشرات التي تدل على عمق الأزمة التي يواجهها ويُواجه بها على يد جمهوره، تحميل خصومه السياسيين في البلد، مسؤولية التعطيل العام الذي يُمارسه، وشلّه لحركة البلد ومسؤوليته عن الوضع الأمني والسياسي الهش الناجم عن اختراقه هو لساحات الغير، وهو بذلك يسعى إلى غسل ذنوبه من كل ما اقترفته يداه في الداخل والخارج، والتهرب أمام جمهوره وبالتالي، سوف يظل يسعى إلى إبقاء البلد في الدوّامة نفسها إلى حين ان يهيّئ له مخرجاً، يُمكن أن ينُقذه من مستنقع مصنوع من دماء أبناء طائفته والشعب السوري.